يعد المسجد الأموى بدمشق أحد أكبر وأقدم المساجد في الإسلام، وهو أجمل مساجد العاصمة السورية دمشق، بناه الخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك في القرن الثامن الميلادي، بالتحديد عام 708م، وانتهى من بنائه عام 714، ودفع ثمنه من عائدات ضرائب الدولة التي جمعت على مدى 7 سنوات.
وتم بناء المسجد الأموى على موضع معبد قديم بناه اليونان الكلدانيون الذين كانوا يعمرون دمشق، وهم الذين وضعوها، وقد كانوا يعبدون الكواكب السبعة المتحيرة، وكانوا قد صوروا على كل باب من أبواب دمشق هيكلا لكوكب من هذه الكواكب السبعة، وبنوا هذا المعبد وهو الجامع اليوم إلى جهة القطب، وكانوا يصلون إلى القطب الشمالي، وكانت محاريبه تجاه الشمال، وكان باب معبدهم يفتح إلى جهة القبلة، خلف المحراب اليوم.
وفي القرن الرابع الميلادي، خُصص معبد "جوبيتر" لبناء كنيسة ضخمة أطلقوا عليها اسم "مار يوحنا المعمدان" (النبي يحيى)، ونقلوا ما اعتقدوا أنه رأس يوحنا المعمدان إلى الكنيسة الجديدة وقاموا بتوسيع سورها، وما يزال الكثيرون يعتقدون بوجود رأس "يوحنا المعمدان" في مقام النبي يحيى الذي بقي موجودًا في قلب الجامع الأموي، وهو أحد المزارات الدينية الشهيرة.
ويقال إنه بعد فتح الشام، أخذ المسلمين نصف هذه الكنيسة التي كانوا يسمونها كنيسة مريحنا، بحكم أن البلد فتحه خالد من الباب الشرقي، وأخذت النصارى الأمان من أبي عبيدة وكان على باب الجابية الصلح، فاختلفوا، ثم اتفقوا على أن جعلوا نصف البلد صلحا، ونصفه عنوة، فأخذوا نصف هذه الكنيسة الشرقي ، فجعله أبو عبيدة مسجدا.
وبذلك تم تقسيم مكان المعبد القديم إلى نصفين الشرقي خُصص كمسجد للمسلمين والغربي ظل كنيسة، وكان المسجد يطلق عليه اسم "جامع الصحابة"، وظل الوضع لأكثر من قرن حيث كان المسلمون يدخلون من الباب الشرقي والمسيحيون من الباب الغربي، ومع سعي الوليد بن عبدالملك إلى بناء المسجد الكبير لم يجد موقعًا أفضل من مكان المعبد التاريخي الذي تحول عبر الزمن إلى رمز لدين أهل دمشق.
وعندما جاء أخذ الوليد بن عبد الملك بقية الكنيسة وجعل الجميع مسجدا واحدا ثم لم يزل الأمر على ما ذكرنا من أمر هذه الكنيسة شطرين بين المسلمين والنصارى، من سنة أربع عشرة إلى سنة ست وثمانين في ذي القعدة منها، وقد صارت الخلافة إلى الوليد بن عبد الملك في شوال منها، فعزم الوليد على أخذ بقية هذه الكنيسة وإضافتها إلى ما بأيدي المسلمين منها، وجعل الجميع مسجدا واحدا، وقيل : إنه عوضهم منها كنيسة عند حمام القاسم عند باب الفراديس، فسموها مريحنا باسم تلك الكنيسة التي أخذت منهم، وأخذوا شاهدها فوضعوه فوق التي أخذوها بدلها.
وقد استعمل الوليد في بناء هذا المسجد خلقا كثيرا من الصناع والمهندسين والفعلة، وكان المستحث على عمارته أخوه وولي عهده من بعده سليمان بن عبد الملك، بعث الوليد إلى ملك الروم يطلب منه صناعا ليستعين بهم على بناء المسجد.
وعلى مدار تاريخه، تطوّر بناء المسجد في العصر العباسي، فأمر الحاكم العباسي الفضل بن صالح بن علي عام 780 ببناء قبة في الجهة الشرقية من الجامع، أتبعها بقبة الخزنة عام 789م، لتكون خزنة للأموال في الجامع، وتحولت مع الوقت إلى مكتبة لحفظ الكتب القديمة والمخطوطات. وفي عهد الخليفة العباسي المأمون جُدِّدَت مئذنة العروس عام 831م، وهي المئذنة التي تقع في الجدار الشمالي المطل على حي الكلاسة.
يقع المسجد على أرض مستطيلة مساحتها 157*100م، أي ما يعادل 15.7 كيلومترا مربعا، تحدّه جدران خارجية كبيرة ذات دعامات من الحجر المنحوت، وتشير بعض الروايات إلى أنه سور المعبد الروماني في الأصل، جددت أقسام منه في العهود العربية. يضمّ السور 3 مآذن، وتبلغ مساحة صحن المسجد ما يقارب 6 كيلومترات مربعة، محاط بممرات وأروقة مشيّدة على أعمدة، وفي أعلاها تيجان كورنثية. ويقع الفناء في الجزء الشمالي من الجامع، في حين يقع حرم الجامع في الجزء الجنوبي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة