قالت الدكتورة الناقدة التونسية جليلة الطريطر، الحائزة جائزة الشيخ زايد فى الفنون الدراسات النقدية 2023، إنه من خلال كتابي "مرائي النساء" الفائز بالجائزة، اكتشفت أن الثقافة العربية شهدت في فترات معينة ما يمكن تسميته "المدرسة النسائية"، وهي لا تتعلق فقط بمجموعة من النساء المفردات، بل بنهج فكري مشترك بينهن.
وأضافت أنه في مصر، على سبيل المثال، أسست الكاتبة عائشة التيمورية هذه المدرسة عبر أعمالها التي سبقت قاسم أمين بعامين من خلال كتابها "مرآة التأمل فى الأقوال والأحوال"، وكانت عائشة التيمورية تطرح من خلال كتاباتها تصورات جديدة لتحرير المرأة، وكان لها دور كبير في نشر الفكر النسوي قبل أن يطغى على المشهد الفكري العربي التركيز على الأسماء الأخرى، ليأتى بعد ذلك كاتبات أخريات أسسن وجودهن الفكرى على أسس عائشة التيمورية ولهذا ذكرت أنها مدرسة، وبدأت الأجيال كل جيل من النساء الكاتبات يتموقع بالقياس للجيل السابق مع وجود ثوابت فى تحرير المرأة واستراتيجيات للخروج إلى المواطنة والمرأة الحاضرة فى الثقافة، وتصورات أخرى والتى لم تكن دائمة ولكنها الشائعة آنذاك مع التيار الأصولى الذى كان يعترض مرجعيات التيار الحداثى التنويرى.
وأضافت الدكتورة جليلة الطريطر، خلال حوارها مع "اليوم السابع"، كما اكتشفت أن هناك تنوعا كبيرا في الفكر النقدي، وكان هذا الفكر متقدمًا للغاية، حتى أنه أثبت تفوقه على الفكر التنويري في بعض جوانبه. وهذا ما تناولته في كتابي "تحرير المرأة العربية: من بلاغة الخطاب إلى تحليل الأنساق الثقافية" الذي شاركت في تأليفه مع محمد مشبال، والذي نشرته عقب كتاب "مرائي النساء"، ومن أبرز الأمثلة على هذا التنوع كان دور مي زيادة كمدرسة في النقد النسوي، وهو ما اكتشفته أيضًا. ويجب أن نذكر أن هذا الدور لا يتناغم مع الصورة التقليدية التي رسمها البعض عنها في الصالونات الثقافية التي كانت تعقدها، حيث كانت تلك الصالونات لا تعبر عن شخصيتها الحقيقية. بالعكس، كانت تلك الصالونات تمثل الوجه المأسوي في حياتها، لنجد أن الوجه الحقيقي لمي زيادة ظهر بوضوح في سيرتين ليست لها، حيث لم تكتب سيرتها الذاتية بشكل مباشر، لكنها سردت سيرة عائشة التيمورية وملك حفني ناصف، وكانت تجمعها مع الأخيرة مراسلات حية وكثيفة. من خلال هذه الكتابات، كشفت مي زيادة عن شخصيتها الحقيقية والعلاقة التي كانت تربطها مع أدباء عصرها، وأسست بذلك مدرسة نقدية جديدة. للأسف، لم يتحدث عن هذا الدور النقدي العميق الذي قامت به، رغم أنها كانت تمثل صورة المرأة الجميلة المثقفة، التي كانت تؤثر في محيطها الأدبي والثقافي بشكل كبير.
والدكتورة جليلة الطريطر، هي باحثة أكاديمية تونسية وناقدة مختصة في كتابات الذات ومترجمة. تعمل حاليًا أستاذة في الأدب الحديث في قسم اللغة والآداب والحضارة العربية بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة تونس. حصلت على شهادة الدكتوراه في الأدب الحديث عام 2000 ولها العديد من المقالات والدراسات في هذا المجال باللغتين العربية والفرنسية. كما أسهمت في معاجم وموسوعات عربية وأجنبية. حازت على العديد من الجوائز الأكاديمية مثل جائزة "مقومات السيرة الذاتية في الأدب العربي الحديث" من الكريديف عام 2004 وجائزة "أدب البورتريه" في 2011.