تحل اليوم ذكرى تولى حسين كامل منصب سلطان مصر من 19 ديسمبر 1914 وحتى 9 أكتوبر 1917، وذلك خلال الاحتلال البريطاني وقد نصب سلطانًا على مصر بعدما عزل الإنجليز ابن أخيه الخديوي عباس حلمي الثاني وأعلنوا مصر محمية بريطانية في عام 1914 وذلك في بداية الحرب العالمية الأولى.
ويذكر محمد أبو الغار فى كتاب "الفيلق المصرى .. جريمة اختطاف نصف مليون مصرى" أن الحرب العالمية الأولى كانت حدثا هائلا أثر على العالم كله، وحين أعلنت بريطانيا الحرب على تركيا فى عام 1914 حدثت تحولات هائلة فى مصر، وكانت مصر تعتبر دولة مستقلة، ولكنها فى الحقيقة تحت الحكم البريطانى منذ عام 1882، ومنذ إعلان أن مصر أصبحت تحت الحماية البريطانية فقدت استقلالها الصوري، وأصبحت بريطانيا تهيمن على الحكم فى مصر، وتمثل مصر خارجيا وتوقفت اجتماعات مجلس الشورى المنتخب حديثا.
ووجدت بريطانيا مع بدء الحرب أنها فى حاجة إلى أيد عاملة مدنية لتصاحب الجيش البريطانى وتقوم بأعمال كثيرة ولجأت لتجنيد الفلاحين المصريين فيما سمى فيلق العمال المصري وبدأ الأمر بالإغراء ثم انتهى باستخدام القوة والقهر، وانتقل هؤلاء الفلاحون مع الجيش البريطانى فى كل مكان.
هذه الأحداث لم تكن معروفة لعدة أجيال من المصريين ولم يكتب عنها الكثير إلا فى السنوات الأخيرة مع الذكرى المئوية لثورة 1919 ووضحت التفاصيل المرعبة فى الوثائق البريطانية التى أظهرت أن أكثر من نصف مليون فلاح مصرى قد انضموا للفيلق.
وطلبت بريطانيا من الحكومة المصرية فى أثناء الحرب العالمية الأولى إصدار أوامرها إلى مأمورى المراكز والعمد بالقبض على شباب الفلاحين، وربطهم بالحبال وترحيلهم مع الجيش البريطانى إلى سيناء وفلسطين وسوريا ولبنان والعراق وغرب تركيا وجزر اليونان وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا؛ ليقوموا بأعمال شاقة مثل بناء خط سكة حديد وتحميل وتفريغ السفن، وبالفعل تم ترحيل ما يقدر بحوالى 530 ألف فلاح حين كان تعداد مصر 12 مليون نسمة، وقتل منهم حوالى 50 ألف فلاح أى 10 فى المائة من فلاحى مصر!
ولما غاب الفلاحون عن الأرض نقص المحصول وارتفع ثمن الغذاء ؛ فحدثت مجاعات فى مناطق من مصر. وكان سوء معاملة الإنجليز للفلاحين وضربهم بالكرباج وإهاناتهم سببا فى غضب عارم على السلطة التى أجبرتهم على الالتحاق بفيلق الفلاحين، وأدى ذلك إلى انتفاضات فى مناطق متعددة عام 1918، وسريعا ما تحولت إلى ثورة التحمت مع ثورة المدن بقيادة سعد زغلول 1919 لتكون الثورة فى الريف أشد عنفا.