في عصر السوشيال ميديا، أصبح الهوس بالتريند والشهرة دافعًا قويًا للكثيرين لارتكاب أخطاء فادحة في سبيل جذب الانتباه وزيادة عدد المتابعين، وكان آخرهم طبيبة كفر الدوار التي أحيلت مؤخرًا إلى المحاكمة التأديبية العاجلة بعد ارتكابها عدة مخالفات في مقطع فيديو واحد.
هذه المخالفات تضمنت إفشاء بيانات طبية سرية لمرضى دون إذن، ونشر شائعات حول وجود حالات أطفال مجهولي النسب في مستشفى كفر الدوار العام، بالإضافة إلى ذلك، سخرت من آلام مريضة تعرضت للعنف الزوجي بدلاً من تقديم الدعم والإبلاغ عن الجريمة، كما ادعت صفة أخصائية نساء وتوليد دون اجتياز فترة الزمالة اللازمة، واستخدمت مواقع التواصل الاجتماعي لنشر منشورات تحط من قدر الآخرين والترويج لعياداتها.
هذا الهوس الخطير بالتريند، دفعنا إلى طرح التساؤل على المتخصصين حول أسباب ومخاطر الإفراط في الظهور على مواقع التواصل الاجتماعي.
استخدام مواقع التواصل الاجتماعي
أستاذ علم النفس السياسي: يسبب تشويه للمجتمع وكثرة الفتن
قالت الدكتورة سوسن فايد، أستاذ علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن الإفراط في الظهور على مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون مؤشرًا لمشكلة نفسية لدى البعض، حيث يستخدم الشخص السوشيال ميديا لتفريغ شحنات من السلوكيات غير المقبولة داخله، والتي تتجلى من خلال منشوراته وإفراطه في التواجد حتى لو كان ذلك بشكل سلبي.
وأوضحت أن الشعور بالرفض والعزلة وانعدام الثقة بالنفس يعد من الأسباب الرئيسية التي تدفع بعض الأشخاص إلى كثرة الظهور على مواقع التواصل الاجتماعي. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون الشعور بالإهمال والرغبة في لفت الانتباه من الدوافع المحتملة. وأضافت أستاذ علم النفس السياسي أن الإفراط في التواجد على السوشيال ميديا يحمل مخاطر عدة، منها فقدان الخصوصية، حيث تصبح حياة الشخص مكشوفة بلا أي قيود، وعدم وجود حيز شخصي بين الأشخاص، مما يؤدي إلى عرض حياتهم وحياة الآخرين على الملأ، كما حدث مع طبيبة كفر الدوار.
كما أشارت إلى أن الإفراط في التواجد على السوشيال ميديا يعزز الفتن ويشوه صورة المجتمع بشكل غير لائق، حيث يُظهر السلبيات بصورة مبالغ فيها، مما يجعلها تبدو وكأنها أمور يجب أن نعتاد عليها بدلاً من مواجهتها. وشددت على أن دور الطبيب هو تقديم العلاج والتوعية للمريض، والوقوف بجانبه حتى يسترد صحته، وليس عرض تفاصيل حالته على منصات التواصل الاجتماعي لكسب مشاهدات، لأن ذلك يعد مخالفة للمبادئ المهنية ويسيء للمجتمع ككل.
وعن كيفية مواجهة هذه الظواهر والتريندات السلبية، قالت إنه يجب توفير خلفية ثقافية تحمي أبنائنا من هذه الثقافات غير المرغوب فيها في مجتمعنا. وأكدت على ضرورة الاستعانة بطبيب نفسي إذا شعر الشخص بأن لديه هوس التواجد على مواقع التواصل الاجتماعي، لمعالجة أسباب هذا الشعور. كما شددت على أهمية وجود رادع قانوني قوي لمن ينتهك القيم والأخلاق ويعرض خصوصية الآخرين للخطر.
استخدام المحمول
واستشاري الصحة النفسية: إدمان وهوس شهرة
من جانبها، قالت استشاري الصحة النفسية الدكتورة سلمى أبو اليزيد لـ "اليوم السابع" إنه رغم استمتاع الكثيرين بالبقاء على اتصال عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الإفراط في استخدامها قد يؤدي إلى زيادة مشاعر الإدمان والقلق والاكتئاب والعزلة، فضلاً عن الخوف من تفويت الفرصة. وأوضحت أن هوس الشهرة لا يقتصر على فئة معينة، بل يشمل الجميع، من الأطباء إلى العاملين والطلاب، فكل شخص يمتلك هاتفًا بكاميرا يرغب في الظهور طوال الوقت، حتى لو كان ذلك بشكل سلبي، بهدف جمع عدد كبير من المشاهدات وتحقيق الشهرة.
وأضافت أن طبيبة كفر الدوار استخدمت أسلوب المشاركة في سلوكيات محفوفة بالمخاطر للحصول على إعجابات ومشاهدات، متبعة أسلوبًا متنمّرًا تجاه مرضاها، وهو ما يعكس انعدام المبادئ المهنية والأخلاقية التي يجب أن يتحلى بها كل ممارس للمهنة الطبية. وأكدت الدكتورة سلمى أن التوعية المستمرة، خاصة للجيل الجديد، أمر ضروري لتجنب مثل هذه التصرفات في المستقبل، مع التأكيد على أهمية الحفاظ على الحياة الخاصة وعدم انتهاك خصوصية الآخرين، فضلاً عن تجنب متابعة هذا النوع من المحتوى الذي يساهم في إشعال الفتن وزيادة المشاحنات.
متابعة مواقع التواصل
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة