أثبت القطاع الصحى اللبناني قدرة هائلة على مجابهة التحديات؛ رغم الأزمات التي مر بها وكان آخرها جائحة كورونا ، ثم الكوليرا وغيرها من الأزمات المتتالية التي فرضت ضغوطا استثنائية على القطاع المنهك جراء مشكلات متراكمة لسنوات.
وجاءت الحرب الإسرائيلية الضروس في الجنوب اللبناني، والتي امتدت من تلك البقعة إلى مختلف أنحاء لبنان منذ سبتمبر الماضى حتى توقفت وعادت للانحسار جنوبا منذ ال27 من نوفمبر الماضى، وهو تاريخ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وإن كانت لا تزال الانتهاكات الإسرائيلية مستمرة رغم سريانه؛ ما يعنى استمرا الضغط على القطاع الصحى، إضافة على التداعيات الهائلة التي خلفتها الحربي الشاملة، والتي تحتاج لفترة طويلة لعلاجها.
للوقوف على الوضع الحالي للقطاع الصحى في لبنان ، وإجمالى الخسائر التي منى بها، وآخر مستجدات خطة إعادة الإعمار، والمخزون المتاح من الأدوية ، وغيرها من التفاصيل المتعلقة بهذا القطاع، التقينا هاتفيا الدكتور جوزيف الحلو ، مدير العناية الطبية ف وزارة الصحة اللبنانية.
يوضح الدكتور جوزيف الحلو ، مدير العناية الطبية بوزارة الصحة اللبنانية، أن عدد الشهداء حتى الآن 4047 شهيد و16638ألف جريح في لبنان ، أما الخسائر البشرية في القطاع الصحى، فقد بلغت 222شهيدا و330 مصابا .
أما بالنسبة لوضع القطاع الصحى، قال الحلو بلا شك حجم الدمار كبير والخسائر هائلة ولكن القطاع الصحى لديه لياقة عالية خولت له النهوض مجددا وبسرعة كبيرة مقارنةً بحجم الحرب الشرسة.
وأشار الحلو إلى أن هناك 145 مستشفى على مستوى لبنان منها 33 مستشفى حكومى، وعدد الأطباء 14 ألف طبيب ، وهناك 10 مستشفيات خارج الخدمة جراء الحرب منها 4 بالجنوب هي ميس الجبل وصلاح غندور وبنت جبيل ومرجعيون.
يستكمل حلو حديثه لـ"اليوم السابع"، قائلاً: وزارة الصحة بصدد تنفيذ خطة إعادة إعمار ما دمرته الحرب، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ودعم عدد من الدول ، والآن جارى حصر الخسائر وتحديد الميزانية المطلوبة بدقة.
وأكد الحلو عزيمة الشعب اللبناني الذى طالما سقط وقام من جديد ، في إصرار على الحياة، والبقاء بنجاح بين صفوف الشعوب .
التحديات
وعن أصعب التحديات التى واجهت القطاع الصحى، قال : توفير طرق آمنة وممهد لنقل الجرحى إلى المستشفيات كان تحديا كبيرا؛ فالقصف العشوائى لسيارات الإسعاف والأطقم الطبية كان يعرقل عملية النقل؛ فى انتهاك واضح لميثاق الأمم المتحدة الذى يجرم الاعتداء على الطواقم الطبية، فكنا نلجأ للتنسيق من خلال الصليب الأحمر واليونيفيل.
كما أن هناك نقصا في بعض التخصصات في لبنان نتيجة هجرة الأطباء.
وعن توقعاته الفترة المقبلة، يقول "حلو" لدينا تخوف من عودة الحرب على لبنان مرة أخرى، لذلك طورنا خطة الطوارئ لمواجهة أى سيناريو مفاجئ.
وأكد أن هناك مخزون من الأدوية يكفى لثلاثة أشهر ، ونتخوف من سيناريو عودة الحرب مرة أخرى، لذلك استعدينا بتطوير خطة الطوارئ لمواجهة أي سيناريو سئ ـ لا قدر الله.
مساندة مصر
وعن الدور المصرى أثناء الحرب ، أعرب الدكتور جوزيف الحلو، عن امتنان لبنان للدعم الذى قدمه الشعب المصرى والدولة المصرية للشعب اللبناني ووزارة الصحة اللبنانية والقطاع الطبي في لبنان منذ اللحظات الأولى للحرب الغاشمة، ولا تزال حتى الآن.
قال الحلو، في حديثه لـ"اليوم السابع"، في كل أزمة يمر بها لبنان نجد الأيادى المصرية أول من تمتد لمساندتنا منذ الحرب الاهلية ، مرورا بأزمة كورونا ، وانفجارات مرفأ بيروت الذى لم يقتصر فيه الدعم المصرى على إرسال الأدوية والمستلزمات الطبية ، بل إنها أرسلت الدولة المصرية فرقا طبية من أبنائها للوقوف جنبا إلى جنب مع أشقائهم من الأطباء والممرضين اللبنانيين، وقال الحلو "تحية تقدير للشعب المصرى الشقيق " .
أشار الحلو إلى الدور الإنسانى البارز الذى قدمه المستشفى الميدانى المصرى ، حيث قدم ولا يزال خدمات طبية جليلة للنازحين من الجنوب والمناطق التي تعرضت للغارات الإسرائيلية .، إضافة إلى الطائرات التي أسلتها مصر إلى مطار بيروت محملة بشحنات من المساعدات الطبية .
ويتوقع الحلو ، أن يكون لمصر دور أيضا في مرحلة إعادة الإعمار ، فنحن لا نزال في مرحلة حصر الخسائر ، وإعداد الإحصاءات، ومصر تبدى استعدادها الدائم لمساندة الشعب اللبناني حتى يستعيد الحياة كما كانت قبل الحرب.
وختم "الحلو" حديثه برسالة للمجتمع الدولى، مناشدا إياه بسرعة التدخل بجدية للضغط على إسرائيل لوقف الاعتداءات في الجنوب اللبناني ، ووقف نزيف الدماء في الشرق الأوسط، قائلا "كفانا حروب الشعوب لم تعد تحتمل نزيفا أكثر" .
