فى جريمة جديدة تضاف إلى سجل إجرام الاحتلال الإسرائيلى بحق الشعب الفلسطيني، ترفض وتمنع قوات الاحتلال طواقم الدفاع المدنى وفرق الإغاثة الطبية من الوصول إلى جثامين الشهداء التى ملأت شوارع قطاع غزة المحاصر برا وبحرا وجوا لليوم الـ442 على التوالي، حيث تواصل قوات "تل أبيب" حربها على المدينة الفلسطينية.
وتستمر طائرات الاحتلال فى نسف المبانى وتدمير الممتلكات وقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وترتكب المجازر ضد العائلات، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 45227 مواطنين، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة ما يزيد عن 107,573 آخرين، فى حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض وفى الطرقات.
وأكد الدفاع المدنى الفلسطيني، أن جيش الاحتلال الإسرائيلى فى كل منطقة يتوغل فيها يمنع طواقم الدفاع المدنى والفرق الطبية من الوصول إلى جثامين الشهداء، بزعم أنها مناطق قتال خطرة، ويطلق نيرانه مباشرة على الطواقم كلما اقتربت من تلك المناطق.
وأعتبر فى بيان يوم السبت، أن هذه الإجراءات التى ينتهجها الاحتلال الإسرائيلى تتنافى مع الشرائع السماوية ومع القوانين الدولية والإنسانية، حيث أدت هذه السياسة غير القانونية إلى تعريض جثامين الشهداء لتنهشها الكلاب الضالة الجائعة التى وجدت فيها طعاماً تتغذى عليها، تحت نظر جنود الاحتلال الإسرائيلي.
وقصفت طائرات الاحتلال بشكل عنيف مناطق متفرقة من القطاع الفلسطيني، حيث استشهد عددا من المواطنين وأصيب آخرين، السبت فى قصف استهدف منزلا فى محيط مدرسة التابعين بحى الدرج وسط مدينة غزة.
طائرات الاحتلال قصفت أيضا منزلاً لعائلة "خلة" فى جباليا النزلة شمال قطاع غزة ما أسفر عن استشهاد 12 مواطنا بينهم ثمانية من الأطفال وعدد كبير من الجرحى، واستهدفت غارة جوية إسرائيلية شقة فى منطقة الكرامة دون إصابات.
وواصلت قوات الاحتلال نسف المنازل بمخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا مع التركيز على محيط مشفى كمال عدوان والعودة.
ووسط قطاع غزة، ارتقى ثمانية شهداء وخمسة عشر مصابا إثر قصف الاحتلال شقة سكنية ببرج يافا بمخيم النصيرات تعود لعائلة ابو عبد الله وهم رجل وزوجته وخمسة من أبناءه، كما تجدد القصف المدفعى شمال مخيم البريج وسط القطاع.
وفى جنوب القطاع، نسف جيش الاحتلال مربعا سكنيا شرق مدينة رفح جنوب القطاع فيما جددت الزوارق الحربية قصفها لمنطقة المواصى غرب المدينة، وقصف قوات الاحتلال المناطق الشرقية لخان يونس بالمدفعية.
واستشهد ثلاثة مواطنين، السبت، فى قصف للاحتلال الإسرائيلى غرب مدينة غزة، وأفاد مصادر إعلامية بأن طائرات الاحتلال استهدفت تجمعا للمواطنين على شارع البحر بمخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، ما أدى لاستشهاد ثلاثة مواطنين وإصابة آخرين، جرى نقلهم بواسطة الهلال الأحمر إلى مستشفى الشفاء.
وفى تقارير وإفادات عديدة للدفاع المدنى لدى تعاملها مع عشرات جثامين الشهداء فى حالات انسحاب الجيش الإسرائيلى من بعض المناطق وجدت هذه الجثامين عبارة عن "هياكل عظمية"، وفى حالات أخرى شاهدت هذه الكلاب تنهش جثامين أخرى، وكان ذلك فى مناطق مثل حى الزيتون والشجاعية وتل الهوا ومنطقة جباليا وتل الزعتر وبيت حانون وفى بعض المناطق الشرقية لخان يونس ورفح.
وأوضح الدفاع المدنى أن المواثيق والأعراف الدولية تقر بالحماية القانونية للقتلى، وتمنح ذويهم الحق فى معرفة مصيرهم من خلال جمع المعلومات والبيانات وكافة الوثائق المتعلقة بالقتلى؛ إذ يجب أن يمكن ذويهم من البحث والاستقصاء لمعرفة مصيرهم أو طلب معلومات دقيقة ومفصلة عن أماكن دفنهم، وهذا ما أكدت عليه المادة (17) من اتفاقية "جنيف" الأولى لعام 1949، وكذلك فى البرتوكول الإضافى الأول الملحق بهذه الاتفاقيات الصادر عام 1977 أكدت المادة (32) على هذه الأحكام وكفلت أحكام القانون الدولى الإنسانى العرفية حماية خاصة للقتلى نفسهم، واحترام قدسية جثث القتلى وعدم المساس بها أو تشويهها أو التلاعب بها أو حرقها.
وأكد أن اتفاقيات "جنيف" واضحة، حيث تقضى بوجوب معاملة الموتى بكرامة وإنسانية، وتحظر بشكل صارم الأفعال التى تشوه أو تحط من قدر الجثث. وكذلك فإن نظام روما الأساسى يصنف أفعال الاعتداء على الكرامة الشخصية بما فى ذلك المعاملة المهينة والحاطة بكرامة الموتى، باعتبارها جرائم حرب.
ويمنع جيش الاحتلال الإسرائيلى تمكين طواقم الدفاع المدنى أيضا من الوصول إلى جثامين آلاف الشهداء بعد أن تحللت تحت أنقاض المنازل التى دمرها فوق سكانها، وعمد على تدمير كافة الأجهزة ومعدات الحفر الثقيلة للحيلولة دون الوصول إليها ودفنها بكرامة.
وأضاف: "أمام هذه الجرائم التى يرتكبها الاحتلال الإسرائيلى التى تحط من آدمية الإنسان وكرامته فى قطاع غزة؛ توجب على الدول الأطراف السامية الموقعة على إتفاقية "جنيف" الرابعة بالتحرك العاجل، وإلزام الاحتلال الإسرائيلى بصفته القوة القائمة بالإحتلال بإحترام التزاماتها بموجب القانون الدولى الإنساني".
وطالب اللجنة الدولية للصليب الأحمر بممارسة الضغط على الإحتلال الإسرائيلى لتطبيق دليل التعامل مع الجثث فى أوقات الحروب؛ لما يضمن استمرار تقديم خدماتنا الانسانية.
كما طالب منظمة الصحة العالمية بالضغط على الإحتلال الإسرائيلى لإتباع الإجراءات المعيارية والمقياسية لإدارة الجثث والجثامين؛ بما يضمن كرامة الموتى وفق الأدلة المعيارية الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة.
وشدد على ضرورة منح طواقم الدفاع المدنى وفرق الإغاثة الطبية حقها فى التحرك بحرية فى مناطق النزاع وفق البروتوكولات الدولية، والتعامل الفورى مع جثامين الشهداء المنتشرة فى شوارع قطاع غزة، والذين بات جزء منهم شهداء بعد أن كانوا مصابين.