شهدت الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، المنعقدة اليوم الأحد، التأكيد علي عدة نقاط هامة في مشروع قانون مقدم من الحكومة بشأن المسؤولية الطبية وحماية المريض، وفي مقدمتها عدم سلب التشريع الجديد بإنشاء لجنة عليا للمسئولية الطبية وحماية المريض يُناط بها النظر في الشكاوى المتعلقة بها، اختصاص النيابة وسلطتها في تلقي البلاغات والتحقيق فيها، فضلا عن عدم وجود أي تضارب في ذلك.
جاءت تلك الإيضاحات الواضحة داخل مضبطة الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، من جانب الحكومة ممثلة في المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، تعقيبا علي ما أثاره المستشار بهاء أبو شقة، وكيل أول المجلس، الذي قال إن ما أورده المشروع في نصوصه من تشكيل لجنة عليا تختص بالنظر في الشكاوى ضد مقدمي الخدمة بشأن الأخطاء الطبية مع منح الحق في تشكيل لجنة فرعية أو أكثر علي أن تلتزم اللجنة الفرعية بفحص الشكوى، أمر مشوب بالغموض بل وتتعارض مع المادة الأولي من قانون الإجراءات الجنائية القائم، فيما ذهبت إليه بأن النيابة العامة هي التي تباشر الدعوى الجنائية في كافة مراحلها تحقيقاً وإحالة للمحاكمة أو إصدار قرار بألا وجه تباشرها كسلطة اتهام أمام المحكمة الجنائية.
وأشار "أبو شقة" إلي تحفظاته التي تعرض لها تفصيلا في خصوصية المواد(9) وما بعدها من المشروع وحتى المادة (17) من تشكيل لجنة عليا ولجان فرعية في أن الاختصاصات التي منحت لتلك اللجان من تلقي الشكاوى وفحصها وإجراء تسويات تتعارض مع نص المادة (1) من قانون الإجراءات الجنائية في أن النيابة العامة هي التي تختص دون غيرها بالدعوى الجنائية تحقيقا أو إحالة أو اتهاما في هذا الشأن.
الأمر الذي دفع رئيس مجلس الشيوخ المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، لطرح تساؤلات هامة، عما إذا كان هذا الأمر - إذا افترضنا - ينزع اختصاص النيابة العامة وينال من سلطتها، أم المقصد من وكيل المجلس أن هناك ازدواجية في تلقي الشكاوي ؟.
وعقب المستشار بهاء أبو شقة، بتأكيده أن النصوص تمنح اللجان تلقي الشكاوي والبحث فيها، وتشكيل لجان فض، مما يجعلنا نقف متسائلين ماذا يبقى للنيابة من دور، قائلا " إننا أمام ازدواجية".
وأشار "أبو شقة" إلي أنه يمكن النص علي أنه للنيابة الاستعانة باللجنة لما لها من تشكيل فني قاطع، لكن ليس معقولا النص أن تتلقى هذه اللجنة الشكاوى والتحقيق فيها، ولنأخذ قياسا بمبدأ الحياد، فالقاضي لا يجمع بين سلطة التحقيق وتقرير الخطأ.
هذه المناقشات عقب عليها المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، بتأكيده القاطع عدم وجود أي تداخل بين عمل اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، والنيابة العامة، بل أن اللجان المنشأه بموجب التشريع الجديد في اختصاصها لا تسلب النيابة العامة من سلطتها، مشيراً إلي أن مشروع القانون يهدف إلي حماية المرضى وجودة الخدمات.
وقال "فوزي" إن الفعل الواحد قد يترتب عليه أنواع مختلفة من المسئولية، تتنوع ما بين المسئولية التأديبية، والمدنية، والجنائية، وهذا التشريع يضع أمام المتضرر طريقان إما إداري مهني وذلك باللجوء للجنة العليا المختصة، والتي لها أن تقرر المسئولية الطبية ودرجة جسامتها، وهو ليس الطريق الوحيد، حيث أنه للمتضرر أن يسلك هذا الطريق والطريق الجنائي، فلا أحد يستطيع أن يسلب النيابة العامة اختصاصها في تلقي البلاغات وإجراء التحقيق طالما هناك جرائم جنائية.
وأشار "فوزي" إلي أحد التعديلات الهامة التي أدخلتها اللجنة البرلمانية علي مشروع القانون، حيث جعلت من اللجنة أحد جهات الخبرة بحيث يستطيع الطب الشرعي والمحكمة أن يلجأ إليها باعتبارها الجهة الفنية، وذلك دون مصادرة لجهة التحقيق أو المحكمة، في اللجوء إلي أصحاب الخبرة، حيث تقضي المادة (18) بأنه يجوز للمحكمة المختصة أو جهة التحقيق أو مصلحة الطب الشرعي، الاستعانه بالتقارير المعتمدة الصادرة عن اللجان الفرعية للمسئولية الطبية، كما يجوز لها الاستعانة بأحد أعضاء المهن الطبية، أو باللجنة العليا من خلال ما تشكله من لجان متخصصة، لتقديم أعمال الخبرة الفنية في القضايا المتعلقة بالمسؤولية الطبية.
ولفت المستشار محمود فوزي، إلي أنه لا سلب لاختصاص النيابة العامة أو تداخل بين الاختصاصات، مشيراً إلي أن الاختصاص الإداري يترتب عليه مسئولية إدارية ومهنية لا تخل باختصاص النيابة العامة حال وجود بلاغات.
وعقب المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس المجلس، بتأكيده أن النيابة العامة تستعين أيضا بالطب الشرعي في المسائل الفنية الدقيقة وتعتمد ما تنتهي إليه من الناحية الفنية وتعطيه الصبغة القانونية اللازمة.
وفي ضوء هذه الإيضاحات، أوضح المستشار بهاء أبو شقة، وكيل أول مجلس النواب، إن ما ابدأه المستشار محمود فوزي هو ما رغبنا أن يكون مثبت في المضبطة، حتى لا يحدث لغطا، مشيراً إلي أنه ليس من المقصود بحديثة إلا أن يكون هناك إيضاحا مثبتا في مضبطة الجلسة، فإذا كان هناك خلافا علي النصوص يتم العودة إلي مضابط المجلس النيابي في هذا الشأن.
وقال "أبو شقة"، إننا كنا أمام نصوص تستوجب الإيضاح في مساله مهمه، حول إذا كان هناك سلب لحق النيابة العامة أم أنه يحق للمجني عليه التقدم مباشرة للنيابة العامة التي تباشر اختصاصها وتجري التحقيقات الجنائية في جانب، والشق الإداري في جانب أخر، وأن ما تنتهي إليه الجهة الإدارية لا يقيد الجهة الجنائية.
وبدوره ثمن المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، المناقشات وأهمية التفسير الذي أوضحه المستشار محمود فوزي، ليكون في المضابط، قائلا : "كم من مرة، أثناء نظرنا بالمحكمة الدستورية لتفسير نصوص وفقا للحق الدستوري للمحكمة، نعود للمناقشات داخل المجلس النيابي لمعرفة ضبط المسائل".