سيكون عام 2025 عام الأخبار السيئة لمحبى القهوة، حيث إنه المشروب الثانى الأكثر استهلاكًا فى العالم بعد الماء، وقد ظل السوق يحذر منذ بضعة أشهر: القهوة ستتبع خطى أزمة تضخم الكاكاو.
وسجلت أسعار البن ارتفاعات كبيرة فى السوق العالمى، ما يعد صدمة كبيرة لعشاق القهوة فى العالم، إذ ارتفعت أسعار العقود المستقبلية للقهوة نحو 32% خلال شهر نوفمبر، وتتجه العقود المستقبلية للبن من نوع "أرابيكا" لتحقيق أكبر قفزة شهرية منذ أكثر من عقد، مع ارتفاع أسعار البن مع مخاوف تأثر الإمدادات العالمية إلى وصوله إلى مستويات قريبة من ذروتها التاريخية الأعلى على الإطلاق.
وعلى أساس سنوى، صعدت أسعار القهوة المتميزة نحو 70% تقريبًا منذ بداية العام الجارى،
وقالت محللة أسعار القهوة فرناندا أوكادا، أن "الطلب على المواد الخام لا يزال مرتفعا، فى حين أفاد المنتجون والمحامص أن" المخزون فى مخزوناتها منخفض. يأتى هذا الطلب المتزايد من تعميم القهوة المتخصصة، ولكن أيضًا من المذاق الذى يكتسبه عملاق مثل الصين لهذا المشروب، مع تحذيرات من ارتفاع كبير فى الأسعار خلال عام 2025.
وقال فينه نجوين، رئيس شركة Tuan Loc Commodities الفيتنامية متخصصة فى تصدير القهوة " حتى الآن، كانت العلامات التجارية الكبرى تستوعب الضربة لإبقاء العملاء سعداء والحفاظ على حصتها فى السوق، لكن هذا "على وشك التغيير". ويختتم بالتعليق قائلاً: "إنهم فى مرحلة حرجة والعديد منهم يفكرون فى زيادة الأسعار فى محلات السوبر ماركت للربع الأول من عام 2025".
وأشارت الصحيفة إلى أن الأزمة تأتى من أربع جوانب، فقد حذرت الجهات المختصة منذ أشهر من عاصفة أسعار كاملة أجبرت البائعين على شراء القهوة بسعر أعلى، وأحد المسؤولين عن ذلك هى ظاهرة النينيو، وهى ظاهرة مناخية مرتبطة بارتفاع درجة حرارة المحيط الهادئ والتى ترتبط بالأمطار الغزيرة فى البرازيل (أكبر منتج للبن العربي) والجفاف فى الهند، كما أن لها تأثيرات فى مناطق مثل فيتنام، وهى أكبر منتج لقهوة روبوستا.
تسببت حالات الجفاف (البرازيل التى تعانى من أسوأ موجة جفاف منذ 70 عاما) فى انخفاض إنتاج أشجار البن، لكن المناخ ليس هو الشيء الوحيد الذى يؤثر على سعر القهوة، كما تدخل حيز التنفيذ لوائح الاتحاد الأوروبى الجديدة، والتى ستمنع استيراد المنتجات من المناطق التى أزيلت منها الغابات (على الرغم من تأجيل ذلك لبضعة أشهر).
ومع زيادة 80% هذا العام، أدى فى الآونة الأخيرة إلى وصول سعر رطل البن العربى (حوالى 450 جراماً) إلى 3.44 دولاراً. وقد بلغت حبوب الروبوستا ذروتها بالفعل فى شهر سبتمبر، ولكن الزيادة فى أسعار قهوة أرابيكا تعنى ضمناً زيادة تتجاوز 80% هذا العام، أسوأ؟ أن الوضع ليس قريباً من التحسن، إذ أننا لم نر بعد ثمار محصول الأسابيع الأخيرة.
انخفاض الحد الأدنى للمخزونات
يتوقع التجار انخفاض المحاصيل فى كل من البرازيل وفيتنام، مما يعنى زيادة أخرى فى أسعار القهوة بحلول عام 2025.
أما الشوكولاتة، فقد شهدت أسعار الكاكاو قفز فى أسعار العقود الآجلة لتسجيل أسعار العقود الآجلة أعلى مستوياتها على الإطلاق، متجاوزة 13 ألف دولار للطن، لتكون بذلك قد تخطت جميع السلع الأساسية الأخرى.
ويرجع ارتفاع أسعار الكاكاو القياسى إلى مجموعة من العوامل، أبرزها تراجع الإنتاج فى غرب إفريقيا، أكبر مناطق إنتاج الكاكاو فى العالم، ما أدى إلى نقص كبير فى المعروض.
وقد شهدت ساحل العاج وغانا، اللتان تساهمان معًا بنسبة 58% من إنتاج الكاكاو العالمى، ظروفًا مناخية معاكسة أدت إلى انخفاض كبير فى المحاصيل. وقد أدى هذا الانخفاض، إلى جانب عدم قدرة البلدان المنتجة الأخرى على تعويض النقص، إلى الحد من العرض العالمى، بالنسبة لحملة 2024/2025، من المتوقع أن يصل إنتاج الكاكاو العالمى إلى 5 ملايين طن، وهو ما لا يكفى لتغطية الطلب المتزايد، خاصة فى أوروبا وأمريكا الشمالية.
وخلال محصول 2023/2024، تجاوز العجز فى العرض 400 ألف طن، وتشير التوقعات إلى خلل أكبر فى عام 2025، ويستمر الطلب فى الأسواق الناشئة مثل آسيا والشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية فى الزيادة، حتى فى مواجهة ارتفاع الأسعار.
وتهيمن على معالجة الكاكاو أربع شركات تسيطر على ثلثى طاقة الطحن فى العالم، وأغلبها يقع فى أوروبا، وخاصة ألمانيا وهولندا. وهذا المستوى من التركيز الصناعى يحد من القدرة على الاستجابة لتقلبات العرض ويديم الانقسام بين الشمال والجنوب فى سلسلة قيمة الكاكاو.
ويسلط سيمون لاكوم، محلل قطاع كوفاس، الضوء على أن أسعار الكاكاو، مدفوعة بالاختلالات الهيكلية، تميل إلى الاستقرار عند مستويات عالية على المدى المتوسط. ويفرض هذا السياق تحديات على كبار مصنعى الشوكولاتة، الذين يمكن أن يؤدى اعتمادهم على عدد قليل من البلدان المنتجة إلى توترات إضافية إذا استمرت الصعوبات المناخية.
إضافة إلى ذلك، تواجه الصناعة التحدى المتمثل فى زيادة قدرة مرافق الطحن الخاصة بها إلى أقصى حد فى بيئة تتسم بندرة المواد الخام. ورغم أن احتمال انهيار العرض منخفض، فإن العواقب المترتبة على مثل هذا السيناريو ستكون عميقة بالنسبة لقطاع يعتمد على عقود طويلة الأجل ودورات إنتاج مستقرة.
وقالت منظمة الكاكاو الدولية فى تقريرها، أن العرض العالمى من الكاكاو لا يزال متراجعًا، نتيجة الظروف الجوية السيئة والأشجار القديمة.