شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة تحولًا اقتصاديًا ملحوظًا، حيث تمكنت من تحقيق إنجاز كبير يتمثل فى سداد جزء كبير من ديونها الخارجية، وخلال العام الجارى تم سداد 38.7 مليار دولار، هذا الإنجاز لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج جهود حثيثة بذلتها الحكومة المصرية على مدار سنوات طويلة، وفق خبراء الاقتصاد.
برنامج مصر للإصلاح الاقتصادي
ونجحت مصر فى تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادى شامل، واعتماد سياسات مالية ونقدية حكيمة ساعدت على سداد جزء كبير من ديون مصر، وقد أثبتت هذه الجهود جدواها، حيث ساهمت فى تعزيز الاستقرار المالى، وزيادة الثقة فى الاقتصاد المصرى، وجذب الاستثمارات الأجنبية.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادى هانى قداح، أنه رغم من الظروف الإقليمية خاصة الحرب على غزة إلا أن الاقتصاد المصرى واجه كل هذه التأثيرات السلبية بصلابة حتى الآن ونجحت مصر فى سداد 37.8 مليار دولار، لكن على المدى المتوسط فإن هناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات لمواجهة استمرار التأثير السلبى على موارد قناة السويس.
وأوضح أن الدولة المصرية عملت على وضع رؤية لكيفية مواجهة التداعيات الاقتصادية بسبب تأثيرات الحرب على الاقتصاد، ولذا كان هناك مراجعة مع صندوق النقد الدولى انتهت بتوصية من لجنة بعثة صندوق النقد الدولى على الموافقة على منح مصر بـ 8 مليارات دولار قبل عدة أشهر وهذا يعنى مزيد من الثقة فى الاقتصاد الوطني.
تصنيف مصر الائتماني
وأكد أن بقاء الاقتصاد المصرى عند نظرة إيجابية من مؤسسات التصنيف فى الوقت الراهن له مدلول إيجابى على الفترة المقبلة للاقتصاد، حيث سيعطى الثقة الكبيرة للمستثمرين الأجانب سواء فى أدوات الدين الحكومى أو السندات أو أذون الخزانة أو الاستثمار المباشر، ما يؤدى إلى توفير فرص العمل ونقل التكنولوجيا وغيرها من العوائد التى لا تقل أهمية.
وأوضح فى تصريحات خاصة، أن مصر يجب عليها التركيز على إطالة عمر الدين الخارجي، منها الانضباط المالى والاستدامة المالية، وتبنى سياسة مرنة لسعر الصرف بعد قرارت البنك المركزى 6 مارس 2024، التى ساهمت فى القضاء على وجود سوقين للنقد الأجنبى وعودة السيولة النقدية الأجنبية بقوة لشرايين القطاع المصرفي.
وأكد أنه بعد صفقة رأس الحكمة فإن الدين الخارجى تراجع بقوة بحوالى 14 مليار دولار تقريبًا لنصل إلى الحدود الآمنة قياسًا على الناتج المحلى لمصر.
وشدد على أن زيادة تدفقات النقد الأجنبى أسهمت فى القضاء على عجز الأصول الأجنبية للبنك المركزى لتسجل فائضًا بقيمة 10.3 مليار دولار فى يونيو الماضى، مقارنة بعجز بلغ 11.4 مليار دولار مطلع العام الجاري.
ارتفاع الاحتياطي
وفى ذات السياق، يرى الدكتور أحمد عبد الحافظ أستاذ الاقتصاد، أن صافى قيمة الاحتياطيات الدولية ارتفع بنهاية شهر سبتمبر 2024 لتسجل 46.7 مليار دولار بما يغطى ما يقرب من ثمانية أشهر من الواردات، وهذا مستوى جيد جدًا فى ظل الظروف التى مرت بها البلاد خلال آخر عامين من اضطرابات دولية وتضرر موارد النقد من قناة السويس.
وشدد على أن تحول العجز فى صافى الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصرفى إلى فائض بداية من شهر مايو 2024، فى ظل الأثر الإيجابى للإصلاحات الاقتصادية المتبناة وإبرام صفقة رأس الحكمة وزيادة تدفقات الدولار بأكثر من 90 مليار دولار منذ شهر مارس وحتى الآن.
فيما أشار الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادى، إلى أن الدولة المصرية عملت على وضع رؤية لكيفية مواجهة التداعيات الاقتصادية بسبب تأثيرات الحرب على الاقتصاد، ولذا كان هناك مراجعة مع صندوق النقد الدولى انتهت بتوصية من لجنة بعثة صندوق النقد الدولى على الموافقة على منح مصر بـ 9 مليار دولار قبل عدة أشهر وهذا يعنى مزيد من الثقة فى الاقتصاد الوطني.
وأضاف مصطفى بدرة، أن قرارات 6 مارس 2024 سمحت بدخول مليارات الدولارات سواء عبر تحويلات المصريين فى الخارج أو الاستثمارات المباشرة إلى جانب قفزة فى الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى وهو ما يخلق حالة من الاستقرار فى الأوضاع الاقتصادية حتى الآن ويدعم التصنيف الائتمانى للبلاد.
مصر تسدد ديونها الخارجية
كشف رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، أن الدولة المصرية سددت خلال شهرى نوفمبر الماضى، وديسمبر الجارى نحو 7 مليارات دولار من الديون المستحقة عليها، وأن إجمالى ما تم سداده خلال عام 2024 وصل إلى 38.7 مليار دولار، لافتا إلى أن ذلك كان يُمثل تحديًا كبيرًا للدولة، مؤكدًا أن الدولة المصرية ملتزمة بسداد ما عليها من التزامات، وأنها لم تتخلف يومًا عن سداد تلك المستحقات، منوها فى هذا الصدد إلى أن المبلغ المستحق خلال العام المقبل سيكون أقل مما تم سداده هذا العام.