ننشر قصيدة للشاعر عمرو البطا تحت عنوان "هدنة ريثما ينتهى العمر"، الفائزة بجائزة مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية بدورتها التاسعة عشرة.
هدنة ريثما ينتهي العمر
1
عَلَى المَوجِ أَن يَتَخَلَّى قليلاً
عن الحُلمِ
كي تَنجُوَ المَركَبَاتُ الصَغِيرةْ
عَلَى الرِّيحِ ألَّا تُبَعثِرَ شَعْرَ العَذَارَى،
وَألَّا تَفُكَّ الضَّفِيرةْ
إذا هَبَطَتْ نَجمةٌ، ذَاتَ ليلٍ، إليكَ،
وقالت: "أنا الآنَ لَكْ"
أَعِدْها لِمَوقِعِها في الفَلَكْ!
وَسِرْ جانبَ الحائِطِ،
انْظُرْ إلى أسفَل القَدَمَينِ،
تَجَنَّبْ جُحُورَ الثعابينِ،
والمُخْبِرِينَ،
وقُبْلَةَ عِشقٍ قَصِيرةْ
2
تَحَوَّلْ إلى حَطَبٍ،
وَرَقٍ ذابِلٍ،
قُبْلَةٍ فَاتِرَةْ
تَحَوَّلْ إلى حَجَرٍ، أو حَصَاةْ
إلى أيِّ شَيْءٍ، سِوَاكَ!
لِئَلَّا تُثِيرَ دِمَاكَ لُعَابَ ذِئَابِ الفَلاةْ
وتَحْتَ النَّوَاجِذِ
مَزِّقْ، مَعَ الخُبْزِ، رُوحَكَ،
والحُلمَ،
والذاكِرَةْ
فبَعضٌ مِنَ المَوتِ يَلزَمُ
كَيْ تَستَمِرَّ الحَيَاةْ!
3
إذا خِفْتَ مَوتَكَ، مِتْ قَبْلَهُ،
فَلَا يُهزَمُ الموتُ، إلَّا بِمَوْتْ!
وَدُسْ فَوقَ أعناقِ زَهْرِ البَنَفسِجِ والأُقْحُوَانِ
إذا مَا خَطَوْتْ
وإن جاءَكَ السيلُ،
فَاغْرَقْ بِهِ دُونَ صَوْتْ
وَأَنْصِتْ لِقَلبِكَ،
حَتَّى إذا مَا تَيَقَّنْتَ أنْ فَقَدَ النَّبْضَ،
فَاعْلَمْ بِأَنْ قد نَجَوْتْ!
4
مِنَ العَقْلِ ألَّا تُفَكِّرَ!
سِرْ دُونَ أنْ تَتَسَائَلَ عَمَّا يَقُودُ إليْهِ
الطَّرِيقُ.
تَلَكَّأْ
لِكَيْ تَنْتَهِيْ
قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِيْ.
ابْنِ قَصرَ رِمَالِكَ فِي مَأمَنٍ مِن يَدِ المَوجِ،
والرِّيحِ،
والأسئِلَةْ
دَعِ البَحرَ يِلهُو، كَمَا شَاءَ، بِالسفُنِ المُنهَكاتِ،
وَلا تُطِعِ البَوْصَلَةْ
5
هُنَالِكَ تِسعُونَ ألفَ طريقٍ لِتَختَارَ مِن
بَيْنِها:
تِسعَةٌ وثمانون ألفاً وَتِسْعُ مِئاتٍ
وتِسعٌ وتِسعُونَ مِنْها
تُؤَدِّي إلى الهَاوِيَةْ
طريقٌ وَحِيدٌ
يُؤَدِّي لِهَاوِيَةٍ ثَانِيَةْ!
لمحة من سيرة الشاعر
الشاعر عمرو البطا
عمرو البطا شاعر وقاص مصرى من مواليد محافظة الجيزة صدر له عدة دواوين منها "اتركوا شعرا يمارس موته" عن المجلس الأعلى للثقافة بمصر عام 2022، و"أناشيد الليلة السادسة" عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وحصد على العديد من الجوائز الأدبية.