رحل عن عالمنا اليوم، الكاتب والمفكر الإسلامي البحريني الكبير محمد جابر الأنصاري المستشار الثقافي للعاهل البحريني، عن عمر يناهز 85 عاما، وهو كاتب ومفكر بحريني، أستاذ دراسات الحضارة الإسلامية والفكر المعاصر، وعميد كلية الدراسات العليا في جامعة الخليج في البحرين وعضو المجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون في البحرين.
كتب الراحل في شئون الخليج السياسية والثقافية في الصحف والدوريات العربية منها مجلة صحيفة الدوحة القطرية ومجلة العربي الكويتية، حاز على جائزة الدولة التقديرية في البحرين، وجائزة سلطان العويس في الدراسات القومية والمستقبلية وجائزة منيف الرزاز للدراسات والفكر، ومن أبرز مؤلفاته:
العرب والسياسة أين الخلل؟ جذر العطل العميق
إن أية "يوتوبيا" أو "أيديولوجيا" أو مثاليات سياسية يقفز إلى الأفق البعيد المتعالي، وترفض النظر فيما هو تحت أقدامها من واقع ملموس - قبل صياغة منطلقاتها النظرية الهادية والمرشدة - لن يكون مصيرها غير الإخفاق والفشل والشعور المرير بالخيبة كما يشهد به التاريخ السياسي للعرب والمسلمين. وكما تنطق به شهادات قديمة/متجددة لكبار المفكرين وغيرهم من الكتاب المعاصرين وإلى يومنا هذا تبدو الأمة العربية، بملايينها البشرية والمادية، وبامتدادها القارئ وبكل طاقاتها الهائلة المعطلة، جسماً عملاقاً برأس سياسي ضئيل في منتهى الصغر.
الفكر العربي وصراع الأضداد
تشهد المنطقة العربية، في اللحظة التاريخية الراهنة، وبشكل لم يسبق له مثيل في تاريخها الحديث، مواجهة مصيرية، حادة ومتصاعدة، بين ما يعرف بـ"التيار الأصولي" وما يعرف بـ"التيار التحديثي"، أو ما إلى ذلك من تسميات وأوصاف متعددة تطلق على التيارين حسب النظرة إلى كل منهما، وذلك بعد أن انهارت أو أخفقت مختلف "الصيغ" و"المركبات" التوفيقية التي أقامتها تيارات فكرية وحركات سياسية سادت المنطقة منذ بدء مرحلة الاستقلال الوطني والتجمع القومي، منتصف القرن العشرين، ثم ما لبثت أن أخذت في التراجع والتقهقر تدريجاً في العقود الأخيرة، وعلى الأخص بعد هزيمة يونيو/حزيران 1967، مخلية الساحة للتيار "الأصولي" بصفة خاصة حيث تفككت وانحلت بفعل صراع النقائض القائمة مختلف الصيغ التوفيقية والوسطية التي طرحتها تلك التيارات والحركات بين الدين والقومية.
التفاعل الثقافي بين المغرب والمشرق
هذا بحث تعريفي شامل لمصنف ورحالة وشاعر من العصر الموحدي في الأندلس، هو علي بن موسى بن سعيد المتوفي سنة 685هـ/1285م. والهدف من هذا البحث، الذي ألم بمختلف الجوانب الشخصية والعلمية عند ابن سعيد، تقديم دراسة شاملة ومستقصية عن علم من أعلام النهضة الثقافية الأخيرة في الأندلس ومصنف من كبار المصنفين العرب في القرن السابع (الثالث عشر الميلادي)، هذا المصنف الذي تعتبر كتبه، وفي طليعتها "المغرب في حلى المغرب"، وثائق هامة في دراسة الأدب الأندلسي والمغربي عامة والأدب المصري والشامي والعراقي في العصور الإسلامية، وذلك في إطار ظاهرة التفاعل الثقافي بين المغرب والمشرق.
التأزم السياسي عند العرب وسوسيولوجيا الإسلام
يتناول الكتاب بالدراسة موقف الإسلام السوسيولوجي من قضايا تأسيس المدينة وإقامة الدولة وتحضير البادية في المجتمع الإسلامي الأول. وهي قضايا لم يتأصل الاهتمام بها في الفكر الإسلامي الحديث المعاصر. يمثل الكتاب فكراً إسلامياً معاصراً يساهم في إرشاد المسلمين لموقع أقدامهم على أرض الواقع، وكيف يمارسون تعاليم دينهم في الشورى والعدل وغيرهما من خلال آليات مجتمعه فاعلة لا تكتفي بترديد المبادئ المجردة، وإنما تُعنى بكيفية إنزالها على تضاريس الواقع الحي.
مساءلة الهزيمة
لا تقتصر هذه الدراسة الجديدة للدكتور "الأنصاري" على مساءلة العقل العربي لهزيمة 1967 بآثارها العميقة على الوجدان والكيان العربي، لكنها تقف أيضاً متوازنة بين المعسكرين العربيين في محنة الكويت والعراق، راصدة نقد النفط إذ انقلب هجاء للخليج، ثم تعرض لثقافة المراجعة في زمن التراجع بما تضمنته من اهتمام غير مسبوق بتشخيص بنية التخلف العربي، وشيوع نقد العقل العربي الذي استحوذ عليه محمد عابد الجابري، لتعيد الاعتبار لرواده الأوائل وصولاً إلى أحمد أمين في (فجر الإسلام). ومن الفكر إلى الواقع: لتشخيص الانفجار السكاني والأصولي، ومستقبل "الظاهرة الإسلامية"، منتهية إلى المسكوت عنه في مشكلة العرب الأولى ألا وهي.. التخلف. الذي يمثل الأساس لنكبة فلسطين واستقواء كل طامع. كتاب في جديد العقل العربي إلى مفتتح الألفية، يستكمل بحوث المؤلف في عرب القرن العشرين.