تعرض قناة الوثائقية، اليوم الخميس، الفيلم الوثائقى "ما وراء الحشاشين"، وهو بمثابة رحلة وثائقية بين التاريخ والإبداع.. كيف نشأت فرقة الحشاشين.. ومن حسن الصباح وما العلاقة بين حشاشى الأمس وحشاشى اليوم؟، وخلال السطور التالية نستعرض تاريخ فرقة الحشاشين.
فرقة الحشاشين ليست الفرقة الوحيدة التي خرجت عن الباطنية، إذ يشار بهذا المصطلح إلى عدة فرق إسلامية، منها الإسماعيلية والقرامطة والخرمية، وقد تشير أيضا إلى فرق غير إسلامية كالمزدكية، إلا أنه يطلق بشكل مخصوص على الفرقة الإسماعيلية نسبة إلى إسماعيل الأعرج بن جعفر الصادق.
وجاء اسم الباطنية لاعتقاد أهل تلك الطائفة بأنهم يزعمون معرفتهم ببواطن القرآن عمن سواهم من باقى الفرق الإسلامية، وقال الشهرستانى فى سبب تسميتهم بهذا اللقب: "إنه لزمهم بهذا اللقب لحكمهم بأن لكل شىء ظاهرا وباطنا، ولكل تنزيل تأويلا"، وبشكل عام فإن لفظ الباطنية مأخوذ عن كلمة بطن بمعنى خفى فهو باطن، جمعه بواطن، واستبطن أمر وقف على دخلته، والباطنة بالكسرة، السريرة، والباطن هو داخل كل شيء ومن الأرض ما غمض يسمى باطنا.
ووفقاً لكتاب "حركة الحشاشين.. تاريخ وعقائد أخطر فرقة سرية فى العالم الإسلامى" لـ محمد عثمان الخشت، كان على "الصباح" أن يختار المكان الذى سيلتقى فيه هو وأتباعه والذى ستظهر منه مُعتقدات الحشاشين ونشاطهم الاغتيالى، وقد أسس حسن الصبّاح فرقة مُكونة من أكثر المخلصين للعقيدة الإسماعيلية وسماها "الفدائيون"، وتم تدريب هذه الفرقة على الأسلحة المعروفة، ولا سيما الخناجر، وتم تعليمهم الاختفاء والسرية، وأن يقتل الفدائى نفسه فى حالة الخطر قبل أن يبوح بكلمة واحدة من أسرارهم.
واختلف المؤرخون على أسباب تسمية الحشاشين بهذا الاسم، فعزاه البعض إلى الحشيش الذى كان مقاتلو هذه الجماعة يتعاطونه، أما البعض الآخر، فعزوا التسمية إلى أن الأصل الاشتقاقي لكلمة الحشاشين هو Assassin، أي "القتلة" أو "الاغتياليون" وهذه لفظة كان يطلقها الفرنسيون الصليبيون على الإسماعيلية الذين كانوا يفتكون بملوكهم وقادة جيوشهم، ويقال أيضاً إن سبب التسمية يعود إلى كلمة "المؤسسين" نسبة إلى تأسيس قلعة ألموت.
ويعتقد البعض أن لفظ "الحشاشين" جاء من مخدر "الحشيش"، إلا أن النصوص الإسماعيلية لم تشهد بالاستعمال الفعلي للحشيش من قبل اتباع الحشاشين، كما أن المؤرخين الرئيسيين للنزاريين مثل الجويني الذين نسبوا كل انواع الدوافع والمعتقدات لدى الطائفة فانهم لم يذكروهم "بالحشاشين" - المتعاطين للحشيش - كذلك المصادر العربية لم تذكر معنى صريح للكلمة.
وكان يُعتقد أن "ألموت" وهى أشهر المعاقل منيعة على أى هجوم عسكرى وقد اشتهرت بحدائقها ومكتبتها ومختبراتها، و"ألموت" هو الاسم الأسطورى لحصن طائفة الحشاشين، وفى لغة "الديلم" تعنى عش النسر، ولا نعرف البانى الأساسى للقلعة، ويقال إن من بناها أحد ملوك الديلم القدماء وسماها (ألوه أموت) ومعناها عش النسر، وبقيت سلالته تسكنها حتى نهايات القرن الحادى عشر، ثم جددها حاكم علوى عام 860، حتى ظهر حسن الصباح، ورجاله من الحشاشين، فطردوا صاحب القلعة واتخذوها مقراً لإقامتهم وممارسة معتقداتهم وإجراء اجتماعاتهم، وقيل إنهم اشتروها بـ3000 دينار ذهبى.
وقد روى ابن الأثير قصة دخولهم هذه القلعة قائلاً "إن الحسن الصباح كان يطوف على الأقوام يُضلّهم فلما رأى قلعة ألَموت واختبر أهل تلك النواحي، أقام عندهم وطمع فى إغوائهم ودعاهم فى السر وأظهر الزهد ولبس المسح فتبعه أكثرهم، والعلوى صاحب القلعة حسن الظن فيه يجلس إليه يتبرك به، فلما أحكمَ الحسنُ أمره دخل يومًا على العلوى بالقلعة فقال له ابن الصباح: اخرج من هذه القلعة فتبسّم العلوى وظنه يمزح فأمر ابن الصباح بعض أصحابه بإخراج العلوى فأخرجوه إلى دامغان وأعطاه ماله وملَك القلعة".
ظل الحسن الصباح فى هذه القلعة الحصينة بقية حياته، فلم يخرج منها طوال 35 عامًا حتى وفاته، وكان جل وقته يقضيه فى القراءة والمطالعة، والتخطيط لنشر المذهب الباطنى الإسماعيلى النزارى، ومراسلة الدعاة وتجهيز الخطط، وكان همّه الأول والدائم كسب الأنصار والمؤيدين الجدد، والسيطرة على القلاع والبقاع الجديدة.