قصيدة "على لسان أبى" للشاعر محمد عبد الله البريكى

الخميس، 26 ديسمبر 2024 09:00 م
قصيدة "على لسان أبى" للشاعر محمد عبد الله البريكى الشاعر محمد عبدالله البريكي

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ننشر قصيدة للشاعر محمد عبد الله البريكى، تحت عنوان "على لسان أبى"..

 

على اتِّساعِ مَدارِ الشِّعْرِ كانَ أبي

مجرَّةً تُوقِدُ الآفاقَ والشُّهُبا

ولا يزالُ ضفافًا تستريحُ على
جَمالِهِ أحْرُفٌ مشحونةٌ طربا

وحين يغلبُني شوقي لرؤيَتِهِ
أصيرُ كالمتنبّي قاصِدًا حَلَبا

أتيتُهُ غيمةً بالشعرِ سابحةً
فجاءَتِ الريحُ بي في كونِهِ سُحُبا

يقولُ.. والنخلُ يرخي فوقَنا سَعَفًا
وصبرُنا في جذوعِ النخلِ قَدْ صُلِبا

بُنيَّ قَدْ لا ترى سُقْمي ولا وَجَعي
أَخْفَيْتُ عَنكَ لِكَيْ لا تَحْمِلَ التَّعَبا

أنامُ والدَّمْعُ فَوْقَ الخَدِّ يُحْرِقُني
وإنْ صَحَوْتُ مَسَحْتُ الدَّمْعَ واللَّهَبا

وقَدْ كَتَمْتُ سُعالي رُغْمَ شِدَّتِهِ
لأرْفَعَ اللَّوْمَ والتَّقْصيرَ والعَتَبا

وكنتُ أعجِنُ كفّي ثمَّ أخْبِزُهُ
وكنتُ أجعَلُ أضلاعي لهُ حَطَبا

وكي تنامَ بلا جوعٍ تُصارعُهُ
جعلتُ وقتي نخيلًا تُسقِطُ الرُّطَبا

وكَيْ تكونَ كَبيرًا قُلتُ: لَيْسَ لهُ
في عَطْفِهِ شَبَهٌ والعَطْفُ ما ذَهَبا

لأنَّ مَنْ لَم يَكُنْ أبناؤُهُ مَثَلًا
فيما يُحدِّثُ عَنْهم.. هَلْ يكونُ أبــا!

إنّي أفتِّشُ كَيْ ألْقاكَ عَنْ سَبَبٍ
يُريحُني مِنْ عَنا شَوْقي.. فَكُنْ سَبَبا

وكُنْ لِضَعْفِ اصطِباري يا بُنيَّ عَصا
تُعَكِّز الصَّبْرَ والإحْساسَ والرُّكَبا

لِكَي أقومَ إلى لُقياكَ مُنْتَصِبًا
كَما تَقومُ إلى الأحْلامِ مُنْتَصِبا

وكي أخبئَ دمعي كنتَ تحضُنُني
وخلفَ ظهرِكَ كانَ الدمْعُ مُنْسَكِبا

فليسَ حزنًا على لقياكَ يا ولدي
لكنّهُ الشوقُ زفَّ الدمْعَ وانتحَبا

وقد تذكّرتُ من قد كانَ لي سندًا
وكانَ يحملُ عني الهمَّ والنّصَبا

وإن تعثّرتُ وهو الكهلُ.. يحملُني
كما حملتُ على أحلامِهِ الكُتُبــا

لكنَّهُ العمرُ قد أودى بهِ وغدا
هذا الوجودُ بُعيدَ النأيِ مكتئِبا

وعشتُ لا سِرْجَ لي كي أمتطي فرحي
ولا بُراقَ يشقُّ الريحَ والسُّحُبا

مُكَبَّلًا دونَما كفٍّ لتَسحَبَني
من قاعِ حزني فوجهُ الحزنِ ما كَذَبا

فإنْ ترجَّلَ عن سرجِ الحياةِ أبٌ
سنفقدُ الخيرَ والأفراحَ والطربا

وجِئْتَني أيُّها الغافي على هُدُبي
حُلْمًا يهُزُّ لساعاتِ اللِّقا الهُدُبا

فاجلسْ مكانَ أبٍ يحنو على ولدٍ
يخافُ إنْ عمرُهُ أضنى خُطاهُ حَبــا

فإنني بكَ طفلٌ شابَ مَفْرِقُهُ
وازدادَ من بِرِّكَ الحاني عليهِ صِبــا

فالكونُ دونَ أبٍ لا شيءَ ياولدي
فكُنْ بوصلِكَ لي في ذا الوجودِ أبــا







مشاركة



الموضوعات المتعلقة




الرجوع الى أعلى الصفحة