تسبب هجوم على مقام ديني يتبع لأبو عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي، في حلب قبل أيام، بإشعال تظاهرات غاضبة في مناطق العلويين بالساحل السوري، في وقت نفذ فيه مسلحون كمينا في طرطوس لعناصر من الشرطة تسبب بمقتل 15 عنصرا وجرح آخرين.
وفرضت السلطات السورية الجديدة حظرا للتجول في طرطوس وجبلة واللاذقية وحمص عقب التظاهرات التي خرجت بعد انتشار فيديو الهجوم على المقام الديني، والذي أكدت وزارة الداخلية السورية أنه "قديم".
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان "انتشر شريط مصور كالنار في الهشيم، يظهر اعتداء مسلحين على مقام أبو عبد الله الحسين الخصيبي في منطقة ميسلون بمدينة حلب، قبل أيام، ومقتل 5 من خدم المقام وتم التنكيل بِجثامينهم، وخربوا المقام وأضرموا النيران داخله".
وأكدت وزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية أن "الفيديو المنتشر قديم، ويعود لفترة تحرير مدينة حلب"، مشيرة إلى أن الفعل "أقدمت عليه مجموعات مجهولة".
وحذرت الوزارة في بيان من أن "إعادة نشر" المقطع هدفها "إثارة الفتنة بين أبناء الشعب السوري في هذه المرحلة الحساسة"، مشددة على أن أجهزتها "تعمل ليل نهار على حفظ الأملاك والمواقع الدينية".
من هو الخصيبي؟
أبو عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي أو "الجنبلائي"، نسبة إلى منطقة جنبلاء التي ولد فيها بالعراق قبل نحو 1186 عاما، هو من كبار علماء المذهب العلوي، وقيل إنه حافظ للقرآن، وله عدة مؤلفات، وتوفي في حلب عام 358 للهجرة.
وقال عنه الكاتب والمؤرخ السوري، خير الدين الزركلي، في كتاب الأعلام: "حسين بن حمدان الخصيبي زعيم طائفة العلويين النصيرية، في عصره. مصري الأصل. رحل إلى جنبلا في العراق، وتتلمذ على يد كبير دعاة العلويين، عبد الله بن محمد الجنبلاني، ثم خلفه في رئاسة العلويين الدينية، وانتقل إلى بغداد، واستقر في حلب إلى أن توفي، وقبره في شماليها معروف إلى الآن. وكان له وكلاء في الدين والسياسة".
وأضاف الزركلي أنه "كان من أعيان القرن الرابع الهجري، ويُنسب إليه تأسيس بعض الأفكار والمعتقدات الخاصة بالطائفة النُصيرية (العلوية). كان رجلا متصوفا وفقيها، وله تأثير كبير في ترسيخ المذهب النصيري".
وله مؤلفات عدة تتعلق بالعقيدة والأفكار الدينية، ومن أبرزها: "كتاب الهداية الكبرى، رسالة في معرفة النبي والأوصياء، كتاب المسائل، وديوان شعر".
كما أشار الزركلي إلى أن الخصيبي كان له أتباع ومريدون، وأن أفكاره استمرت بعد وفاته، مما جعله شخصية محورية في تاريخ الطائفة النصيرية (العلوية).
وفي كتابه "لسان الميزان"، ذكر العالم الكبير، ابن حجر العسقلاني، أبا عبد الله الحسين بن حمدان الخصيبي وقدم عنه وصفا سلبيا، حيث أشار إلى أن الخصيبي كان متهما بالغلو في التشيع، ونُسبت إليه أفكار غريبة وباطنية.
ابن حجر أشار إلى أن الخصيبي كان صاحب أهواء وآراء شاذة، ونُسب إليه نشر بعض المعتقدات التي تُعد من التطرف في المذهب الشيعي، خاصة في موضوع الإمامة وألوهية بعض الأئمة.
كما اعتبره غير موثوق في نقله ورواياته، مما جعله يُصنَّف ضمن الأشخاص الذين لا يُعتد بأقوالهم عند أهل السنة والجماعة.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد، لا يزال توحيد البلاد التي مزقتها الحرب، إضافة إلى وجود فصائل ذات ولاءات متباينة والعديد من الأقليات الدينية، يشكل تحديا أمام هيئة تحرير الشام التي أسقطت حكم الأسد في 8 ديسمبر.
وتدرك الهيئة التي أعلنت فك ارتباطها بتنظيم القاعدة والنأي بنفسها عن الجماعات المتطرفة، أنها تخضع للتدقيق فيما يتعلق بطريقة تعاملها مع الأقليات مثل المسيحيين والأكراد والعلويين الذين ينتمي إليهم الأسد.
وانتهى حكم الأسد فجر الثامن من ديسمبر مع دخول فصائل معارضة تقودها هيئة تحرير الشام بزعامة أحمد الشرع إلى دمشق.
وفر بشار الأسد الذي حكم سوريا بقبضة حديدية لمدة 24 عاما، إلى روسيا إيذانا بنهاية أكثر من 50 عاما من حكم عائلة الأسد الدموي.