لا يختلف أحد على أن مصر وحضارتها قديمة قدم الإنسان، وأن وجودها فى الأرض كان مرتبطا دائما بالعمران وقدرة الإنسان على التعمير والبناء، لكن ماذا كانت أسماؤها فى الزمن القديم وكيف تغيرت؟
ونعتمد فى ذلك على كتاب "أقسام مصر الجغرافية فى العهد الفرعونى" لـ عالم المصريات الشهير سليم حسن:
أسماء مصر
قبل أنْ أتكلم عن أقسام مصر الجغرافية أريد أن أستعرض أمامَكم بعض الأسماء القديمة التي تسمَّت بها مصر على التوالي منذ فجر تاريخها إلى نهاية العهد الإغريقي.
والواقع أنَّ المصريين تفننوا في تسمية بلادهم بأسماءٍ عدةٍ إلى درجةٍ فاقت حد المألوف، ولكن مما يُؤسَف له جد الأسف أنَّ هذه الأسماء قد اندثرت جميعها تقريبًا، ولم يبقَ من بينها إلَّا بعض مسمياتٍ مغمورةٍ نذكرها، ولا نفقه أنَّ أصلها يرجع إلى مسميات البلاد الأصلية بلغتها القديمة.
ويَزِيد في أسفنا أنَّ اسم "مصر" ليس في أصله مصريًّا بل هو آشوريا، ولم أعثر عليه مكتوبًا باللغة المصرية إلَّا مرةً واحدةً في العهد المتأخر.
وسأذكر هنا بعض هذه الأسماء التي كانت تطلق على البلاد المصرية محاولين قرنها بالأسماء التي بقيت لدينا محفوظةً في ثنايا آثار تلك المسميات:
كمي أونا-كمي: وهذه التسمية ظهرت في اللغة المصرية القديمة منذ نهاية الدولة القديمة، ومعناها الأرض المثمرة، وذلك مقابل الأرض المجدبة التي كانت تُسمَّى "دشرت" أي الأرض الحمراء أي الصحراء، ومن كلمة "كمي" أُخِذت كلمة كيمياء كما هو معروف، وكذلك كانت تُسمَّى البلاد إقليم الأرض السوداء "با-نا-ن-كمي"، وكان المصريون يسمون "رمت-ن كمي" أهل الأرض السوداء.
تامرا: أرض الفأس أو الفلاحة، وقد ترجمها البعض بأنها أرض الفيضان. والواقع أنها الأرض التي تُفلح بالفأس، وتفسير ذلك أن كلمة "تا" معناها الأرض وكلمة "مرا" معناها الفأس، والمخصص الذي بعدها هو النبات الذي نتج من فلاحة الأرض بالفأس. وقد بقي هذا الاسم محفوظًا لدينا حتى الآن في كلمة "دميرة"، وهو وقت إصلاح الأرض للفيضان في شهر مسرى بالفأس.
ومن لفظة فأس هذه اشتق المصري كلمة "مرو" أي المشتغلين بالفأس وهم الفلاحون؛ ولذلك صدق القول: "كل فلاحٍ مصريٌّ وليس كل مصريٍّ فلاحًا".
خنو: (كنو) ولفظة "خنو" معناها الأرض الداخلة أو الوجه القبلي، ويقابلها لفظة "حز" أي الأرض الظاهرة، وبعد ذلك أصبحت تُطلق على كل مصريٍّ؛ لأنها مكونةٌ عن كل الأقطار الأخرى، وفعلًا بقيت في عزلةٍ مدةً طويلةً نسبيًّا.
أخت: الأرض الطيبة، أو تُسمَّى "تا أخت"، وهذه عبارةٌ تُطلق على مصر كثيرًا، وقد قدم لها الدكتور "حزين" كتابه عن عصر ما قبل التاريخ بقوله: إلى أرض مصر الطيبة.
حور أدبو: معناها شواطئ الإله حور؛ أي شواطئ النيل.
سبات حور: مقاطعات الإله حور.
باقت: معناها العين المقدسة، وأظن أنَّ هذه الكلمة كنايةٌ عن عين "حور"، التي كانت أعظم شيءٍ قدمه "حور" لوالده "أوزير" بعد انتصاره على "ست" قاتل والده؛ فهي تدل على كل الخيرات.
وكان الوجه البحري وحده يُسمى "تا محبت" أرض الشمال، والوجه القبلي يُسمَّى "تا شمع" أرض الجنوب.
أمَّا لفظة "أجبت" الإفرنجية فأرجح الأقوال أنها مأخوذةٌ من كلمة "حا كابتاح"، وهو اسم بلدة منفٍ بإطلاق الجزء على الكل.
وقد تُسمى مصر أحيانًا "حب ن. ساس" إقليم الستة أيام أو إقليم الخمسة أيام؛ أي أيام النسيء للأشهر القمرية.