- الدكتور حسين عبدالعزيز: أتوقع أن نغلق عام 2024 قرب المليونى نسمة.
- تراجع نسبة السكان الأقل منذ 15 عاما يسهم فى الإنفاق على جودة التعليم والصحة وتنمية مهارات الخريجين لسوق العمل.
أكد الدكتور حسين عبدالعزيز، مستشار رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن معدلات المواليد التى سجلتها مصر خلال السنوات الـ9 الأخيرة، تبشر بإمكانية تحقيق مستهدفات السياسة السكانية للدولة بوصول مستوى الإنجاب إلى 2.1 طفل بحلول عام 2030، أو ما قبلها.
وقال «عبدالعزيز»، لـ«اليوم السابع»، إنه فى عام 2014 كان مستوى الإنجاب فى مصر 3.5 طفل، وفى عام 2023 وصل مستوى الإنجاب إلى 2.5 تقريبا، وهو ما يعنى إن مستوى الإنجاب تراجع بمعدل طفل واحد خلال 9 سنوات وهذا إنجاز ليس بالقليل، ويحسب للقائمين على السياسة السكانية فى مصر، كما يبشر بإمكانية تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية التى تسعى للوصول إلى مستوى إنجاب 2.1 طفل لكل سيدة، بحلول عام 2030، مشيرا إلى أنه كلما أسرعنا فى تحقيق هذا الهدف كلما أعطينا فرصة للدولة بأن تلتقط أنفاسها وأن توفر رعاية أفضل للمواليد الجدد.
وأضاف أنه فى تاريخ 2-11 الماضى، وصل تعداد سكان مصر بالداخل إلى 107 ملايين، وتحققت زيادة المليون الأخيرة خلال 268 يوما، وبالمقارنة بما تحقق فى فترات سابقة كنا نحقق صافى زيادة سكانية مليون نسمة خلال 221 يوما، وهذه نقطة إيجابية تشير إلى اتساع المدى الزمنى الذى تحقق فى الزيادة الأخيرة، وهو ما يبشر باستمرار اتساع هذه المدة فى حالة استمرار تراجع أعداد المواليد.
وأوضح أن الرقم الأهم فى إعلان الوصول إلى 107 ملايين نسمة بالداخل، هو أن هذا الرقم يمثل صافى الفرق بين المواليد والوفيات، بمعنى أنه خلال الفترة التى سجلنا فيها زيادة مليون نسمة الأخيرة بلغ إجمالى أعداد المواليد خلال تلك الفترة مليونا و443 ألف نسمة، وبلغ إجمالى وفيات هذه الفترة 443 ألف نسمة وفيات، مشيرا إلى أن التخطيط على مستوى الدولة يضع فى اعتباره العمل لاستيعاب أعداد المواليد التى تحققت، لأن هذا العدد هو الذى يحتاج إلى رعاية صحية واجتماعية وتعليمية، ثم تكسبهم الدولة المهارات اللازمة لتأهيلهم إلى لسوق العمل عند الوصول إلى السن المناسب.
وتوقع «عبدالعزيز»، أنه وفقا للمعدل الحالى للمواليد وهو مليون نسمة زيادة خلال 9 أشهر، من المرجع أن نغلق العام الجارى 2024 عند ما يقل بشكل محدود عن مليونى نسمة، وهو العبء الذى ستتحمله الدولة، موضحا أنه بالنظر إلى أن مستويات أعداد المواليد تختلف بحسب المناطق، حيث نجد أن محافظات الصعيد ما زالت هى الأكثر مساهمة فى الزيادة السكانية، حيث كانت محافظات «أسيوط، وسوهاج، وقنا، والأقصر» هى الأعلى فى معدلات المواليد، وفى المقابل محافظات «بورسعيد، ودمياط، والسويس، والدقهلية» هى الأقل.
ويرى، أنه على الرغم من الإنجاز الذى تحقق خلال الفترة الحالية، إلا أنه حتى الآن لم يرقَ إلى مستوى الطموح، لأنه ما زال غير كاف حتى يشعر المواطن بعائد التنمية وارتقاء مستوى الحياة.
ويشير إلى أن فئة السكان أقل من 15 سنة هى الفئة التى يتحمل تكلفتها المجتمع بالكامل، سواء لتوفير الرعاية الصحية أو التعليمية، فكلما تراجعت نسبة السكان فى هذه الفئة كلما منحنا الدولة فرصة لتحقيق وفورات فى الإنفاق وهو ما نطلق عليه الفرصة الديموغرافية، وتعنى أن نسبة السكان فى فئة أقل من 15 سنة تتراجع وتعطى الدولة الفرصة لتوفير مزيدا من الوفر للإنفاق على تحسين جودة التعليم ومستوى الصحة، والارتقاء بالاستثمار فى الثروة البشرية، وتمكن من توفير قوة عمل أكثر كفاءة وقدرة وتتحول الفرصة الديموغرافية إلى عائد إنتاجى، لافتا إلى أنه كلما تمكنا من زيادة الاستثمار فى الثروة البشرية استطعنا توفير طاقة بشرية مؤهلة لسوق العمل وتستطيع أن تساهم فى الارتقاء بالناتج االقومى الإجمالى، وبالتالى يبدأ المواطن فى الشعور بنتائج التنمية.
ويرى «عبدالعزيز»، أن الأمر يتطلب تكثيف الجهود لأنه كلما اقتربنا إلى الهدف كلما زادت صعوبة الوصول إليه، نظرا للثقافة السائدة بالمجتمع الذى يتبنى مستويات إنجاب أكثر من طفلين، فإذا نظرنا إلى نتائج بحث صحة الأسرة الأخير الذى أجراه الجهاز عام 2021، فإنه عند سؤال الشباب غير المتزوجين عن رأيهم فى العدد الأمثل للأولاد، نجد أن الذكور قالوا 2.7، طفل لكل سيدة، والإناث 2.4 طفل، لذا فإن توفير خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة وحده ليس كافيا ويجب العمل على تغيير المفاهيم السائدة لدى الأسر، لتأكيد تحقيق الأسر للعدد المرغوب فيه من الأطفال فقط وهو 2.1 طفل، وبالتالى فإن الدولة أمام تحدى كيفية التغلب على هذه المفاهيم.
وأوضح أن تحقيق مستوى الإنجاب المستهدف عند 2.1 طفل بحلول 2030 أو ما قبلها، لا يعنى تناقص أعداد السكان، بل ستظل أعداد السكان فى زيادة ولكن بمعدلات متناقصة، وبالتالى تساعد فى تحقيق مزيدا من الوفر، وإتاحة الفرصة للإنفاق على جودة التعليم وزيادة مهارات المتعلمين والدخول فى سوق العمل بكفاءة.
وأعتبر أن معدلات المواليد فى محافظات الصعيد لا تعكس مستوى الفقر والتنمية البشرية المتواضع، ويرجع ذلك إلى عوامل أخرى ثقافية، وهى تفضيل الأب للطفل الذكر، ورغبته فى الحصول على - عزوة - لمساعدته فيما بعد للحصول على دخل إضافى للأسرة، مشيرا إلى أنه عندما يعجز رب الأسرة عن توفير الرعاية اللازمة للأطفال يدفع أبناءه لسوق العمل فى سن مبكرة وبالتالى يفقد فرصته فى الحصول على الرعاية الصحية والتعليمية اللازمة، مما يدعونا لتكثيف جهود أنشطة تغيير مثل هذه المفاهيم التى تتفاعل فى ذهن أولياء الأمور، وهنا تأتى أهمية كبيرة للجهود المبذولة على صعيد تمكين المرأة اقتصاديا فى المجتمع، لأنه يساهم فى خفض مساهمتها فى الإنجاب فضلا عن تغيير المفاهيم السائدة والتى تدعوا لتفضيل الطفل الذكر عن الأنثى، موضحا أن أحد محاور مشروع تنمية الأسرة المصرية هو تمكين المرأة الذى يتيح للسيدات الفرصة للمشاركة فى المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ليطرح للمرأة بديلا عن الانجاب ويكون لها دور إنتاجى للمساهمة فى رفاهية الأسرة، علما بأنه كلما استطعنا التوسع فى نشر أهمية خفض معدلات المواليد بالنسبة للأسرة كلما انعكس ذلك على زيادة فرص التنمية البشرية.
وشدد «عبدالعزيز»، على أن السياسة السكانية لا تعمل فى الفراغ، ولكن لابد من التكامل فى الجهود بين كافة الجهات التى تبحث عن رفع مستوى كفاءة الخدمات المقدمة صحيا وتعليميا، حتى نتمكن من ترسيخ مفهوم جديد عند أرباب الأسر بأن تأمين مستقبل الأسرة يكمن فى النوعية وليس العدد كما هو سائد، لافتا إلى أن الأسر قديما كانت تلجأ إلى زيادة معدلات الإنجاب بسبب ارتفاع معدلات وفيات الأطفال والرضع وهو ما تغير حاليا، وبالتالى إذا اطمئنوا إلى توافر الرعاية الصحية الجيدة ومستوى تعليمى جيد سيكون هذا محفز للأسرة لتخفيض مستويات الإنجاب، خاصة فى ظل وجود نظام تأمين صحى جيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة