تمر اليوم الذكرى الـ19، على رحيل الكاتب المسرحى الكبير الفريد فرج، أحد رواد المسرح المصرى المعاصر، وكان صاحب مدرسة استطاعت احتلال صدارة المشهد المسرحى، إذ رحل فى مثل هذا اليوم 4 ديسمبر 2005، عن عمر يناهز حينها 75 عاما.
وخلال مسيرته الإبداعية قدم الفريد فرج للمسرح مسرحيات "حلاق بغداد" (1963) و"سليمان الحلبي"(1965) و"عسكر وحرامية" و"على جناح التبريزي وتابعه قفة" (1969) و"الزير سالم (1967) و"النار والزيتون" (1970).
كما تميز تناول الفريد فرج للتراث العربى بأنه يحيى التراث على خشبة المسرح كما لو كان جزءا من الواقع ولا يلجأ إلى الاستخدام السطحي للتراث في إسقاطات سياسية معاصرة، وكما قال يوما فقد تعامل مع التراث بهدف إحياء الصلة بين الجمهور و"ثوابت" التراث العربي، وبحسب تقرير لجنة جائزة العويس الثقافية التى حصل عليها الكاتب فى دورتها لعام 1991، فأن التجربة المسرحية لدى ألفريد فرج تكشف عن إمكانيات هائلة فى توظيف التراث العربى، واستدعائه فى سياقات إبداعية جديدة كما تكشف عن رؤية واضحة يصقلها الإحساس العربى والحس الإنسانى المتفتح والتكوين الفكرى الراسخ، وهي جميعها تقف جنباً إلى جنب مع موهبته الإبداعية المتميزة لتعبر عن خطين متوازيين أحدهما التأسيس لمسرح عربي لا ينفتح على التراث مادة فحسب وإنما ينفتح على الكثير من مستويات التقنية المسرحية الجديدة.
وفي أحد الحوارات الصحفية التي أجرته معه الصحفية عبلة الرويني، قال ألفريد فرج: "إن في الستينيات كانت قضية الهوية مطروحة وقضية الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي ومضي كل في مجاله يبحث عن طابع عربي للمسرح، وقد طرحت فكرة إحياء التراث، أضاف فرج مجيباً علي سؤال - هل التاريخ شرط من شروط إبداعك؟: نعم والتاريخ هنا بمعنى أن اللحظة التي أعيشها هي لحظة تاريخية فالمسرح له علاقة بالتاريخ لإنه فن تجريد ليس كفن الرواية يهتم بالتفاصيل الحياتية وبتفاصيل الصورة، ولكنه فن مقطر، مصفى، وهو في هذه الناحية فن تجريدي بمعنى من معانى الكلمة، ومن ثم فكل مسرحية تستطيع أن نصفها بأنها تاريخية ومن ناحية أخرى فان المسرحيات ذات الإطار التاريخى هى مسرحيات عصرية لكن هذا الإطار التاريخى هو مجرد تجريد وأبعاد من أجل التقريب.. وشخصيات مثل (الزير سالم وسليمان الطبي، وأبو الفضول، وقفة (هى شخصيات عصرية ومعاصرة ولكن أنا فصلت وضعهم في هذا الإطار التاريخى لدواع فدية، ولدواع فكرية أيضاً.. فمثلا فى (على جناح التبريزى وتابعه قفة) لو حدث واستخدمت الإطار الواقعى والمؤثرات الفنية الواقعية، لكان لا بد أن تتحطم أجنحة المسرحية وتتحول هذه الخاطرة السحرية التى تستمد جمالها من طابع الحواديت الشعبية إلى مجرد قصة واقعية رخيصة".
وبحسب دراسة تحت عنوان "التراث فى مسرح ألفريد فرج" للشاعر والناقد الكردى لقمان محمود، قال فيها: "التراث الشعبى العربى عند ألفريد فرج هو المادة الخام الأساسية التى بنى عليها معظم نتاجه المسرحي، ومحطاته الكبرى كانت عند حكايات ألف ليلة وليلة، ومنها استمد عددا من أعماله المسرحية المهمة، لقد كانت ثورة يوليو عام 1952، التى حاولت أن تعيد صياغة أسس الواقع المصرى سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، مناخا ممتازا لظهور مسرح ناهض فى كل مكان تنوعت أشكاله، وأهدافه، فانقسم الإنتاج المسرحى المصرى فى تلك الفترة أقساما ثلاثة: القسم الأول: قدم المسرحية الاجتماعية النقدية، وأعلامها نعمان عاشور، سعد الدين وهبة، لطفى الخولى وألفريد فرج، حيث تحولت المسرحية على أيدى هؤلاء إلى كوميديا انتقادية ذات مضمون سياسى واضح.