جرائم الجماعة الإرهابية.. كيف قاد سيد قطب محاولة اغتيال جمال عبد الناصر

الأربعاء، 04 ديسمبر 2024 02:00 م
جرائم الجماعة الإرهابية.. كيف قاد سيد قطب محاولة اغتيال جمال عبد الناصر سيد قطب
محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمر اليوم الذكرى السبعين على صدور أول حكم بالإعدام من محكمة الثورة برئاسة جمال سالم وعضوية حسين الشافعى وأنور السادات ضد ستة من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية، وعلى سبعة آخرين بالسجن المؤبد، وذلك بتهمة محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر فيما عرف باسم حادثة المنشية، وذلك في 4 ديسمبر عام 1954.  

لم تظل العلاقة المتوترة بين الجماعة وعلى رأسها قطب وبين الضباط الأحرار وخاصة جمال عبد الناصر – القائد الفعلي للضباط الاحرار-، والتي طفحت على السطح قبل شهور من محاولة الاغتيال، سرية، حيث بدأت المواجهة بمحاولة الإخوان اغتيال ناصر أثناء وجوده في ميدان المنشية بالإسكندرية في 26 أكتوبر 1954.. جري بعد هذه الواقعة، عملية قبض على الكثير من أعضاء الجماعة، وكان من ضمن المطلوبين سيد قطب، فهرب إلى بني سويف من أجل الاختباء هناك، قبل أن يتم الإمساك به في 18 نوفمبر عام 1954، ووجهت إليه وقتها تهمة كتابة المنشورات السرية للإخوان ضد الثورة،  وكانت تحمل اسم "الإخوان في المعركة"، إلا أن جريدة  الاخبار في عددها الصادر في 19 نوفمبر 1954، تحت عنوان "القبض على سيد قطب" أكدت أن القبض على سيد قطب كان أثناء دخوله إلى منزله في حلوان بعد اختفائه بعد حادث المنشية، وأكدت الصحيفة أنه "قطب" اعترف بأنه كان يكتب المنشورات السرية ضد الثورة، ونشرت جريدة الأهرام في نفس اليوم خبر القبض على سيد قطب تحت عنوان "القبض على سيد قطب والضابط الإخواني حلمي أبو كرم"، وأشارت إلى أن قطب كان يدير سياسة المنشورات الثورية وكان يحرض الإخوان على الهجرة".

وفي اعترافاته التي نشرتها "أخبار اليوم" في 20 نوفمبر 1954، أكد "قطب" أنه زار الهضيبي بعد عودة الأخير من سوريا، وأبلغه بالتدبير لانقلاب يطيح بالرئيس جمال عبد الناصر، ويزيد من قوة اللواء محمد نجيب في الحكم، وأن قطب قال للمرشد محذرا: "خللي بالكوا شوية، واعملوا احتياطات من الناحية الدولية لأن منطقة الشرق الأوسط، منطقة حساسة وقد تتدخل بعض الدول"، ورد عليه المرشد، بأنه اتخذ جميع الاحتياطات الدولية، وقام الإخوان باتصالات في هذا الشأن حتى تعترف الدول بانقلاب الإخوان"، وفي الخبر نفسه، جاء أن قطب اعترف بأنه كان يصدر نشرة سرية للإخوان بعنوان "هذه المعاهدة لن تمر" ونشر أخرى بعنوان "لماذا نكافح"، فيما أشار الخبر إلى أن عدد من الإرهابيين اعترفوا بأن الانقلاب على ناصر كان من المفترض أن يكون دمويا، وكان من المفروض أن يقتل فيه ألوف من المدنيين الذين يعارضون قيام حكم الإخوان.

بحسب الكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزيرالثقافة السابق، فإن "قطب" ذكر فى "تقرير وبيان" ما أطلق عليه "كلمة ختامية" حيث يرى فيها أن العنف الذى عومل به الإخوان المسلمين في عام 1954 بناء على حادث مدبر لهم وليس مدبر منهم، وهو حادث المنشية الذى عوملوا به وحدهم دون سائر الأفراد أو الطوائف الذين اتهموا بمؤامرات لقلب نظام الحكم، هذا العنف هو الذى أنشأ فكرة الرد على الاعتداء إذا تكرر بالقوة.

وفى بداية التقرير قال إن الحادث مدبر ولكن بأصابع أجنبية، حيث قال: "منذ أن وقع هذا الحادث وأنا أشك في تدبيره، ولم أكن أعلم شيئا يقينا عن ذلك، ولكن كل الظروف المحيطة كانت تجعلنى أشك فى أنه ليس طبيعيا، وكان شىء ما يلح على ما تفكيرى في أنه مدبر لتكملة الخطة التي تنتهى بالتصادم الضخم بين الثورة والإخوان تحقيقا لأهداف أجنبية، أرجح من استقراء الأموال ومن خطة الأستاذ فؤاد جلال وكيل جمعية الفلاح أنها أمريكية".

أدانت المحكمة فيما بعد قطب بتلك التهم السالف ذكرها، وصدر ضده حكما بالسجن لمدة 15 عاما بالتمام، وكان تم إيداع قطب في السجن الحربي بعد القبض عليه، وبعد الحكم عليه نقل إلى ليمان طرة، ثم بسبب مرضه الصدري والذي وصل إلى حد نزيف الرئة، تم نقله إلى مستشفي الليمان في صيف عام 1955، ويرى عادل حمودة أن قطب بخبرته السياسية المحدودة، تصور أن خلافه مع السلطة والتحريض ضد عبد الناصر، مثله مثل معاركه السابقة مع طه حسين وغيره، ولم يتصور أن الأمر قد يصل إلى السجن أو فيما بعد إلى الإعدام.

هكذا وجد سيد قطب، الذي كان يمني نفسه قبل أشهر بأن يصبح في إحدى المناصب الرفيعة، أو يكون له مكانة خاصة في السلطة سواء بجانب الضباط الأحرار أو في صف الإخوان إن وصلوا إلى مرادهم، في السجن، يعامل كإرهابي ومحرض على القتل والدمار، فتحولت هذه اللحظة إلى لحظة مفزعة، ومثلما كانت أرائه النقدية انفعالية حينما كان محسوبا على الوسط الثقافي، وحناقة بعدما اتجه للتنظير الاجتماعي بعد عودته من أمريكا، امسك قلمه داخل السجن يفسر ويحلل هذا المجتمع الذي سمح باعتقاله، ولم يغضب أو يتمرد لحبسه، فكان كتابه "معالم في الطريق"، الذي نظر فيه إلى هذا المجتمع بأنه جاهلي، قائلا: "نحن اليوم نعيش في الجاهلية، كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم. كل ما حولنا جاهلية، تصّورات النّاس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، موارد ثقافتهم، فنونهم وآدابهم"، وخالف قطب في هذا الكتاب المنهج الإسلامي كثيراً؛ حيث استبدل الرحمة بالإرهاب، واستبدل الأنسنة بالمواجهة مع البشرية كافة، وقد استقى سيد قطب هذا المصطلح الخارجي من المفكر الهندي أبي الأعلى المودودي، واستقى أيضاً منه مصطلح "مجتمع الجاهلية"، وهذه مفردات استخدمها المودودي لوصف المجتمعات الهندية غير المسلمة في بلاده.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة