سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 ديسمبر 2013.. وفاة الزعيم الأفريقى نيلسون مانديلا الذى لم تتحقق أمنيته بلقاء جمال عبدالناصر.. وقال لشعبه بعد خروجه من السجن: «لا أقف بينكم كنبى ولست مسيحا ولكن رجلا عاديا»

الخميس، 05 ديسمبر 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 ديسمبر 2013.. وفاة الزعيم الأفريقى نيلسون مانديلا الذى لم تتحقق أمنيته بلقاء جمال عبدالناصر.. وقال لشعبه بعد خروجه من السجن: «لا أقف بينكم كنبى ولست مسيحا ولكن رجلا عاديا» الزعيم الأفريقى نيلسون مانديلا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ظهر رئيس جنوب أفريقيا «جاكوب زوما» على شاشة تليفزيون بلاده معلنا وفاة المناضل والزعيم التاريخى، نيلسون مانديلا، فى 5 ديسمبر، مثل هذا اليوم، 2013، قائلا: «رحل حبيبنا نيلسون مانديلا الرئيس المؤسس لبلدنا الديمقراطى، فاضت روحه إلى بارئها بسلام فى منزله».

كان وصف «زوما» للفقيد ملخصا موجزا لهذا «الحبيب» لأمته، و«المؤسس لبلده الديمقراطى»، الذى عاش 95 عاما، قضى منها 27 عاما متصلة وراء قضبان السجن ثمنا لنضاله ضد سياسة التمييز العنصرى «الأبارتايد»، التى تأسست منذ بداية القرن العشرين ضد أصحاب البشرة السمراء، وهم الأغلبية الساحقة للسكان، وحين خرج من السجن يوم 11 فبراير 1990، وقف يخاطب الجموع المحتفية، قائلا: «لا أقف بينكم كنبى، ولكن كخادم متواضع أضع السنوات الباقية من حياتى بين أيديكم»، حسبما يذكر فى مذكراته «مسيرة طويلة نحو الحرية» عن «دار الهلال، القاهرة» ترجمة الدكتورة فاطمة نصر.

تحدث «مانديلا» فى هذا اليوم من قلبه، وأراد أن ينزل بالناس من مستوى رفعوه فيه لمرتبة الأنبياء، فقال وفقا لمذكراته: «أردت إبلاغ الناس أننى لست مسيحا، ولكن رجل عاد، أصبح قائدا بسبب الظروف غير العادية».

يذكر أنه سئل عن مخاوف البيض، وكان يعلم أن الناس يتوقعون أن يكون غاضبا منهم، لأنهم سجنوه وسلبوه حريته 27 عاما، لكنه يكشف فى مذكراته: «سنوات سجنى خففت مدى غضبى على البيض، رغم أن كراهيتى للنظام تنامت، وكنت أود لجنوب أفريقيا أن ترى أنى أحب حتى أعدائى رغم كراهيتى للنظام، وأردت أيضا أن يفهم الصحفيون أهمية البيض فى أى نظام جديد، فلم نكن نود تدمير البلاد قبل أن نحررها».

بهذه الروح التصالحية التى خرج بها «مانديلا» من سجنه، بدأ مع رفاقه بحزب المؤتمر فى إرساء أسس جديدة لمستقبل بلاده، فقاد عملية إنجاز دستور جديد أدى إلى إجراء انتخابات وطنية لا عنصرية، تقوم على أساس صوت لكل فرد، وفاز «المؤتمر» بالأغلبية النيابية، وفاز هو برئاسة جنوب أفريقيا فى إبريل 1994، واستمر لدورة واحدة فقط انتهت عام 1999، قبلها وفى عام 1997، أعلن انسحابه من رئاسة حزب المؤتمر، وعاش حياته كما يحب أن يعيشها بعد تقاعده، فأحب من جديد وتزوج وهو فى الثمانين من عمره من أرملة رئيس موزمبيق الراحل.

يكشف فى مذكراته أسرار مرحلة طفولته البائسة بؤس أهل بلاده السود وحرمانهم من ثروتها ثم نضاله من أجل الحرية ضد سياسات البيض العنصرية التى تحتكر هذه الثروة، ويكشف قصة زيارته لمصر عام 1961 وقت أن كانت القاهرة عاصمة النضال الأفريقى، قائلا: «كانت مصر قد تملكت مخيلتى وأنا طالب كمهد للحضارة الأفريقية، وكنز لجمال الفن والتصميم، وكنت دائما أرغب فى زيارة الأهرام وأبوالهول وعبور نهر النيل، أعظم أنهار أفريقيا، وقضيت يومى الأول فى المتحف المصرى أفحص القطع الفنية، وأدون الملاحظات وأجمع المعلومات عن نمط الرجال الذين أسسوا حضارة وادى النيل القديمة، واكتشفت فى صباح واحد أن المصريين كانوا يبدعون أعمالا فنية ومعمارية عظيمة، بينما كان الغربيون فى الكهوف»، يضيف: «كانت مصر نموذجا مهما لنا، فقد كان أمامنا على الطبيعة برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى أطلقه جمال عبدالناصر».

أثناء هذه الزيارة، حالت الظروف دون إتمام اللقاء المحدد بين عبدالناصر ومانديلا، وحين زار مصر مرة ثانية عام 1995 وهو رئيسا لبلاده، قال فى حفل تكريمه بجامعة القاهرة: «كان لدى موعد تأخر ربع القرن مع رجل رفعت رأسى من بعيد لكى آراه، ثم حالت ظروف قاهرة بينى وبين أن ألقاه، وحين جئت إلى مصر، كان من سوء حظى أن جمال عبدالناصر لم يعد هناك، سأزور فى مصر ثلاثة أماكن هى الأهرامات، والنيل العظيم، وضريح الرئيس جمال عبدالناصر».   

يعبر «مانديلا» فى مذكراته عن حالة السمو، التى اكتسبها من تجربة سجنه 27 عاما، قائلا: «كان خلال تلك السنوات الطويلة الوحيدة أن تحول فهمى لحرية ناسى إلى فهم لحرية كل الناس بيضا وسودا، فقد كنت أعلم أنه لا بد من تحرير الظالم من الكراهية والتحيز وضيق الأفق، وحينما خرجت من السجن كانت مهمتى هى تحرير الظالم والمظلوم، وقد يقول البعض إنه قد تم إنجاز ذلك، ولكنى أعلم أن هذا غير صحيح، فقد خطونا الخطوة الأولى فقط على طريق أطول وأصعب، فلأن تكون حرا لا يعنى أن تلقى بقيدك، ولكن أيضا أن تعيش بطريقة تحترم وتعلى من الآخرين، ولقد سرت ذلك الطريق الطويل نحو الحرية، وحاولت ألا أتعثر، ولكننى اتخذت خطوات خاطئة على الطريق، وقد اكتشفت السر فى أنه بعد أن يكمل الإنسان تسلق تل، يكتشف أن هناك تلالا أخرى كثيرة عليه تسلقها».







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة