تراجع اليورو، اليوم الخميس، كأول التداعيات بعد انهيار حكومة فرنسا، ما أثار المخاوف بشأن ثانى أكبر اقتصاد فى المنطقة.
وسجل اليورو عند مستوى 1.052775 لدولار ليظل قريبًا من أدنى مستوى له في عامين عند 1.03315 دولار الذي سجله في نهاية نوفمبر، في ظل تزايد المخاوف من استمرار أزمة الحكومة الفرنسية.
وترجع أسباب انهيار العملة الأوروبية، بعد أن سحب البرلمان الفرنسي، مساء الأربعاء، بالأغلبية، الثقة من حكومة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، لينتهي الائتلاف الحاكم في فرنسا الذي استمر ثلاثة أشهر.
وجاء اقتراح حجب الثقة من تحالف أحزاب يسارية، بدعم من حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبان، وجرى تصويت 331 نائبا لصالح الإطاحة بالحكومة، ونتيجة لذلك، سيضطر بارنييه للاستقالة، ما يضع الرئيس إيمانويل ماكرون أمام أسوأ أزمة سياسية في ولايتيه.
ولم يتم الإطاحة بأي حكومة فرنسية عبر مذكرة حجب ثقة منذ سقوط حكومة جورج بومبيدو في 1962.
وقبل التصويت طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نواب الجمعية الوطنية الفرنسية بتنحية طموحاتهم الشخصية جانبا ورفض تصويت من شأنه الإطاحة بالحكومة.
وكان حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، الذي تتزعمه مارين لوبان، إلى جانب تحالف يساري، اقترحت عقد تصويت حجب الثقة ضد الحكومة ، بسبب معارضتهم ميزانية بارنييه التي تسعى لكبح العجز العام المتزايد في فرنسا من خلال توفير 60 مليار يورو عن طريق زيادة الضرائب وخفض الإنفاق.
وكان لإسقاط حكومة ميشال بارنييه، يجب أن يصادق 289 نائبا على الأقل من الجمعية الوطنية على ذلك، وبما أن الجبهة الشعبية الجديدة التي تجمع عدة أحزاب، بينها الحزب الاشتراكي والشيوعي والخضر، فقد اكتمل النصاب بعددهم، وكان هذا العدد كفيل بتمرير قرار حجب الثقة من حكومة بارنييه.
من جانبه، استشهد بارنييه بالمادة 49.3 لتمرير قانون الموازنة دون موافقة البرلمان، وبينما تسمح هذه الآلية للحكومة بتجاوز التصويت البرلماني، إلا إنها تعرض إدارة بارنييه أيضاً لاقتراح بحجب الثقة، حيث تمنح النواب فرصة الطعن في هذا القرار من خلال تقديم اقتراح بحجب الثقة في غضون 24 ساعة.
وحذر رئيس الوزراء ميشيل بارنييه من أن فرنسا وصلت إلى لحظة الحقيقة، حيث قال في مقابلة مع قناتي TF1 وFrance 2: إنها ليست مسألة بقاء سياسي بالنسبة لي، وهذه هي المرة الأولى منذ عام 1958 التي لا توجد فيها أغلبية على الإطلاق، لا أغلبية ممكنة بين 3 مجموعات رئيسية، أعلم أن هذا وضع هش وزائل .
وبعد الانتخابات البرلمانية في يونيو ويوليو، انقسمت الجمعية الوطنية (البرلمان)، إلى 3 كتل رئيسية: ائتلاف يساري يُعرف باسم "الجبهة الشعبية الجديدة"، وحلفاء ماكرون الوسطيين وحزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف. لم يفز أي منهم بأغلبية صريحة.
سيناريوهات سقوط الحكومة في فرنسا
وفي حال سقوط الحكومة، يقدم دستور فرنسا عدة سيناريوهات قد تبقي شؤون البلاد في حالة من النظام إلى حد ما، على الأقل في الأمد القريب، فالمؤسسات الفرنسية قوية نسبياً، وتنص قوانين البلاد على الاستمرارية في غياب الحكومة والميزانية، حسبما نقلت "واشنطن بوست".
ولكن هناك ثمن قد تدفعه فرنسا، فالمستثمرون يبيعون بالفعل الأسهم والسندات الفرنسية، ما يرفع تكاليف الاقتراض في البلاد، كما أن الاضطرابات السياسية التي عصفت بفرنسا، منذ دعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى انتخابات مبكرة في الصيف الماضي، تتفاقم.
وإذا ما انهارت الحكومة الفرنسية فإن ذلك سيحدث فراغاً في قلب الاتحاد الأوروبي، في وقت تعيش فيه ألمانيا على وقع انقسام حكومي، قبل أسابيع فقط من عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.
كما ستدخل فرنسا فترة من عدم اليقين السياسي، ومن المرجح أن تكون هناك حاجة إلى تدابير دستورية طارئة لإدارة ميزانية عام 2025.
ويملك ماكرون مجموعة من الخيارات، لكنه مقيد دستورياً بحقيقة أنه نظراً لأنه حل البرلمان في يونيو، فلا يمكنه القيام بذلك مرة أخرى حتى يونيو 2025.
وقد يقرر ماكرون أيضاً تعيين حكومة تكنوقراطية للإشراف على إدارة فرنسا لمدة 6 أشهر أخرى، كما قد يستقيل هو نفسه، ما يؤدي إلى انتخابات رئاسية جديدة، ولكن في الوقت الحالي يُنظر إلى ذلك على أنه غير مرجح، وفق "الجارديان".
ولم يكف جان لوك ميلنشون باتهام الرئيس الفرنسي بأنه هو المشكلة الجوهرية، داعيا ومؤكدا على ضرورة تنظيم انتخابات مبكرة لاختيار رئيس جديد يكون قادرا على تسوية الأوضاع السياسية ويحظى بقبول من قبل جميع الأحزاب السياسية.
نفس الشيء أيضا بالنسبة لمارين لوبان التي ترى أن تعقد الأزمة الفرنسية يقف وراءها الرئيس الذي أصبح معزولا نوعا ما ولا يملك أغلبية برلمانية.
لكن الرئيس ماكرون أكد سابقا أنه لن يستقيل من منصبة وسيواصل عمله إلى انتهاء عهده، مع الإشارة إلى أن مايو 2027 هو التاريخ القانوني المحدد لإجراء انتخابات الرئاسية المقبلة.
وجدير بالذكر أيضا أنه لا توجد أية مادة دستورية تجبر رئيسا فرنسيا على الاستقالة من منصبه قبل نهاية ولايته. إلا في حالات طارئة جدا مثل المرض.