تمر اليوم، الذكرى الـ 112 على اكتشاف تمثال الملكة نفرتيتي، وذلك في 7 ديسمبر عام 1912، ويعد تمثال نفرتيتي أحد أشهرالأعمال الأثرية المصرية القديمة وهو تمثال نصفي مدهون من الحجر الجيري عمره أكثر من 3300 عام، نحته النحات المصري تحتمس عام 1345 ق.م تقريبًا، للملكة نفرتيتي زوجة الفرعون المصري إخناتون وقد جعل هذا التمثال من نفرتيتي أحد أشهر نساء العالم القديم، ورمز من رموز الجمال الأنثوىّ.
وقد عثر عليه فريق تنقيب ألماني عن الآثار بقيادة عالم المصريات لودفيج بورشاردت في تل العمارنة بمصر، وصل التمثال إلى ألمانيا في عام 1913 حيث تم شحنه إلى برلين، وقُدّم إلى «هنري جيمس سيمون» تاجر الآثار وممول حفائر تل العمارنة بقي التمثال عند سيمون حتى أعار التمثال وغيره من القطع الأثرية التي عثر عليها في حفائر تل العمارنة إلى متحف برلين.
وفي مارس 1945، عثر الجيش الأمريكي على التمثال، وأرسل إلى فرع الآثار والفنون الجميلة والأرشيف التابع للجيش، ثم نقل إلى البنك المركزي الألماني في فرانكفورت. وبعد ذلك، في أغسطس، شحن إلى نقطة التجمع الأمريكية في فيسبادن، حيث تم عرضه للجمهور في عام 1946وفي 1956أعيد التمثال إلى برلين الغربيةحيث عرض في «متحف داهليم».
ويروى سامي صليب، السياسي الأسبق، وأول قبطي يتولى منصب وزارة الحربية في العصر الملكي، في مذكرات، قائلا: "لما كنت مستشارًا لوزارة المعارف التي تتبعها مصلحة الآثار، كنت بحكم وظيفتي عضوًا بلجنة الآثار، وكنت ألاحظ دائمًا أن الرقابة على ثروتنا الأثرية ليست مُحْكَمة، وأن أحكام القانون بشأن التنقيب عن الآثار لا توفر وسائل حفظها، بل إن هذه الأحكام نفسها تعاون على تسربها، ومع ذلك لم تفكر مصلحة الآثار ولا وزارة المعارف صاحبة الهيمنة عليها، في تعديل قانون الآثار لاستدراك عيوبه".
وتابع: "وأكثر من ذلك كلما ظهرت خيانة في تسرب آثارنا حِيلَ دُونَ تحقيقها، وإن حُقِّقَتْ أُهْمِلَ في تحقيقها حتى تضيع معالمها، ثم تنتهي إلى التَّرْك والنسيان.ولعل السبب في ذلك أن القائمين بالبحث عن الآثار في بلادنا كانوا جميعًا من علماء الآثار الأجانب، ممولين من حكوماتهم أو من بعثاتهم، ولأن تعديل القانون لا يصادف هوى في نفوسهم، وأخيرًا لأن القائمين على إدارة مصلحة الآثار كانوا من الأجانب أيضًا، وكان تعيينهم في وقت ما التزامًا على الحكومة".
ووصف الباحثين عن الآثار في مصر، قائلا: "وشأن الكاشفين عن الآثار في بلادنا شأن الباحثين عن البترول في تدللهم وطمعهم، ولكنا إن اضطررنا إلى احتمال هؤلاء فلأن البترول سلعة تجارية، لا غنى لنا عن استخراجها من بطون الأرض لاستهلاكها أو للانتفاع بثمنها. أما الآثار فهي خارجة عن التعامل، ولسنا في حاجة إلى الإسراع في الكشف عنها، فإما أن يُوضَع قانون يضمن لنا حقَّنا كاملًا فيها، وإما أن تظل في مخابئها حتى يكون لنا من العلماء ورجال المال المصريين من يقوم بالكشف عنها. أقول ذلك خاصة لمناسبة حادثِ تسرُّبِ تمثالِ نفرتيتي الموجود الآن بألمانيا الغربية، والذي يُعتبَر أثمن تمثال أثري في العالم".
وأوضح: "تبيَّن لي من تحقيق هذا الحادث أن أحد علماء الآثار الألمان عثر عليه وأدرك في الحال قيمته، فعمل على إخراجه من مصر بالاتفاق مع مفتش آثار فرنسي، فطَلَا التمثال بطلاء قابل للزوال، وشهد المفتش بألا قيمة أثرية له وصرَّحَ بإخراجه، حتى إذا ما وصل التمثال إلى بر الأمان، أُزِيلَ عنه الطلاء فإذا هو تمثال نفرتيتي أقدم وأجمل تمثال في العالم".