- السفير هيثم أبو سعد: اتهام «الأونروا» لإسرائيل بجرائم حرب السبب وراء حملة نتنياهو ضد المنظمة.. ووقف عملها يؤدى لوضع كارثى.. وحقوق الإنسان لم تمت وبفضلها تتم محاكمة إسرائيل
كلما مر يوم من الحرب الغاشمة للكيان الإسرائيلى على قطاع غزة زاد الوضع مأساوية، حتى تحولت فكرة العيش فى غزة وسط نقص الغذاء والدواء والكهرباء إلى كابوس، ولم يكف إسرائيل جرائمها التى دامت لخمسة شهور، فوجهت نيران حربها ضد المنظمة الأممية الوحيدة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» التى تقدم مساعدات إنسانية لسكان القطاع.
بهذا الوصف تحدث السفير هيثم أبو سعيد رئيس بعثة المجلس الدولى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة لـ«اليوم السابع» من جنيف، حيث أكد على ضرورة إنهاء الحرب ومحاسبة قادة إسرائيل على جرائمهم. وأكد السفير أبو سعد، أن حملة تل أبيب ضد الأونروا ما هى إلا جزء جديد من حرب إسرائيل، لتعقيد حياة الفلسطينيين داخل القطاع أكثر، مشيرا فى هذا الصدد إلى دور مصر المحورى فى قضية المساعدات الإنسانية رافضا اتهامات الحكومة الإسرائيلية للقاهرة بمسؤوليتها عن معبر رفح والتى ألقت بها أمام محكمة العدل الدولية، مشددا على أنها لا تعدو محاولة يائسة للتهرب من محاكمتها.
دعنا نبدأ من أحدث الأزمات.. كيف سيكون الوضع فى الأراضى المحتلة بعد وقف أغلب الدول تمويل الأونروا؟
بكل أسف الوضع سيكون كارثيا بمعنى الكلمة ليس فقط على الفلسطينيين فى قطاع غزة المنكوب والضفة الغربية والذين نطلق عليهم فلسطينيى الداخل، بل أيضا على فلسطينيى الشتات - المتواجدين فى دول أخرى مثل لبنان والأردن، وهذا سيخلق إشكاليات كبيرة، فالحكومة الإسرائيلية تريد تصدير الأزمة إلى هذه الدول، وهنا بالمناسبة الدول الغربية لن تكون فى مأمن إذا ما طال هذا الأمر وسينعكس عليهم الأمر فى المدى القريب.ولكن فى رأيك لماذا تستهدف إسرائيل الوكالة الأممية؟
لأن الأونروا - وهى المنظمة المتواجدة على الأرض فى قطاع غزة وتأوى النازحين فى مخيماتها والتى تعرضت للقصف الإسرائيلى - اتهمتها بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية وهذا ما لا تستطيع إسرائيل تحمله فأعلنت عليها الحرب.
تفكر إسرائيل فى بديل للمنظمة.. كيف يمكن أن يكون هناك بديل بعيدا عن المجتمع الدولى؟
أولا الأمر لا يعود لها وإنما للأمين العام للأمم المتحدة مع الهيئات الأممية الداعمة له، ثانيا ليس هناك من إمكانية لاستبدال منظمة الأونروا كما يروق لإسرائيل، بعد أن روجت وهم اشتراك 9 أشخاص فى «هجوم 7 أكتوبر» الذى قامت به حماس، وحتى لو كان هذا الأمر صحيحا فهذا يجب أن يخرج عن لجنة تقصى الحقائق التى شكلها الأمين العام وليس عن إسرائيل.
لو صحت هذه الاتهامات.. هل يمكن إيقاف وكالة بالكامل بسبب تصرف 9 موظفين لا يروق لتل أبيب؟
هذا غير مقبول بالمرة أن يتم محاكمة شعب بأكمله يفوق عدده الـ2.3 مليون شخص ومنظمة بها أكثر من 3 آلاف عضو فى الأونروا، فقط لمجرد أن هذا يروق لإسرائيل وبرنامجها وهو التخلص من الفلسطينيين فى أرضهم، فما بالكم لو لم يكن هذا الادعاء صحيح أصلا ويندرج ضمن الادعاءات المزعومة التى ساقتها إسرائيل خلال الفترة الماضية ومنذ بدء الحرب.
كيف سيتعامل اللاجئون مع قضايا التعليم والصحة والتغذية وغيرها التى تعنى بها الأونروا؟
للأسف حتى يتم تسوية هذا الأمر، هناك مشكلة كبيرة وعلى المجتمع الدولى بأكمله وليس فقط الأمم المتحدة تحمل المسؤولية كاملة.
هل ترى إطلاق الأمم المتحدة لتحقيق مستقل فى الاتهامات للاونروا تصرف إيجابى لإظهار براءة الوكالة؟
بالطبع هو أمر إيجابى ما تقوم به الأمم المتحدة عندما تتلقى شكوى من دولة عضو فى الجمعية العمومية، ويبقى للتحقيق أن يقوم بعمله.
من بين الادعاءات التى حاولت إسرائيل الترويج لها أزمة المعابر ومحاولة الزج بمصر فيها أمام العدل الدولية.. كيف ترى الأمر؟
الحقيقة أن قضية المساعدات الانسانية أصبحت «كابوس» للمواطن الفلسطينى الأعزل فى وقت تقوم فيه إسرائيل بتضييق كامل على كل المعابر ولا تسمح بإدخال إلا القليل، ورغم أنها المسؤول الأول والوحيد فإنها تحاول إبعاد التهمة عنها بما قامت به من إدعاء بأن مصر تعرقل دخول المساعدات، وهو مجرد كلام سياسى يُراد منه توريط مصر فى قضايا وإشكالات عربية بالكامل، ويمكن وصفه بمحاولة «تذاكى» من قبل الإدارة السياسية والعسكرية لإسرائيل لإبعاد كل التهم الموجهة لهم فى محكمة العدل الدولية، لكن نرى أن هذا الادعاء لا قيمة له، لأنه لا أساس له من الصحة ونحن كمجلس دولى لحقوق الإنسان نعمل على تنسيق زيارة قريبة لمصر ولقاء جميع المعنيين وسنقوم بزيارة ميدانية على المعابر.. مثل تلك الزيارات تفضح أكاذيب إسرائيل.
بمناسبة قرار العدل الدولية.. وصف البعض القرار بأنه محبط خاصة من الجانب الفلسطينى ولا توجد آلية لتنفيذه.. ماذا استفادت غزة من المحاكمة وما تداعياتها على إسرائيل؟
رفض السفير هيثم هذا الطرح ورد قائلا: هذا غير صحيح وقد سمعنا كلاما عكس ذلك من الجانب الفلسطينى وحتى من حماس، فالقضية كانت مهمة للغاية لغزة وفلسطين، وأما عن تنفيذه فهناك طرق متعددة لتنفيذ القرارات بعد أن تخرج رسميا، وبالمناسبة هذا يقلق اليوم السياسيين والعسكريين الإسرائيليين المتورطين فى هذه الجرائم.
ما أنواع الجرائم التى قمتم بتوثيقها فى قطاع غزة؟ وكيف ستقومون باستخدامها ضد إسرائيل؟
بعد سبعة أكتوبر 2023 قامت إسرائيل بعدد كبير من الانتهاكات الاجتماعية والصحية والبيئية وكلها جرائم ضد الإنسانية.
وقد استعملت فى حربها غير المتكافئة أسلحة محظورة دولياً، كما قامت بتطويق غزة بالكامل ومنعت عنها كل سبل العيش بعد أن دمرت غزة بشكل شبه كامل، وقتلت الكثير من 30 ألف مواطن مدنى أغلبهم من الأطفال والنساء، وقامت برفض إدخال كل ما يحتاجه الإنسان للعيش حتى بالحد الأدنى.. مرتكبة بذلك جرائم إبادة اجتماعية بالإضافة إلى إبادة عن طريق القصف المتعمد للمدنيين.
تقوم تل أبيب فى الضفة الغربية بعمليات إجرامية مسكوت عنها بالتوازى مع انتهاكاتها فى غزة.. كيف ترى الوضع؟
هذا أمر يندرج ضمن الشكوى التى تقدمت بها جنوب أفريقيا، وننتظر التحقيقات الأمنية بشأنها.
ما حدث فى غزة وسكوت المجتمع الدولى ومن ضمنهم المجلس الدولى لحقوق الإنسان جعل الكثير يقول إن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان مات مع الحرب على غزة.. هل تتفق مع هذا الطرح؟
لا أتفق نهائيا مع هذا الطرح لأن موت حقوق الإنسان هو نهاية للضوابط فى العالم، وهم أنفسهم المعتدون فى إسرائيل لن يقبلوا بذلك لأن هذا الأمر سيمثل عبئا كبيرا عليهم فيما لو حصل، اطمئنوا حقوق الإنسان باقية حيّة وهى اليوم أقوى من أى وقت مضى بعد أن تم إنشاء محاكمة لدولة كان يعتقد الكثيرون أنها مستحيلة.
عقد بعض وزراء إسرائيل مؤتمرا للاستيطان.. كيف يمكن التحرك من قبل المجتمع الدولى الذى يرى أن الاستيطان غير شرعى؟
هذا مخالف للقانون والمواثيق التى خرجت من الأمم المتحدة. وإسرائيل تخالف القانون الدولى وخصوصا قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2334، المعتمد فى 23 ديسمبر 2016، والذى حث فيه المجلس على وضع نهاية للمستوطنات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية، ونص القرار على مطالبة إسرائيل بوقف الاستيطان فى الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وعدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات فى الأرض المحتلة منذ عام 1967.
ألمحت واشنطن ولندن إلى إمكانية الاعتراف بدولة فلسطين دون الانتظار لمفاوضات سلام.. هل ترى هذا أمرا واقعيا؟
هذا أمر جيد ونتطلع إلى التنفيذ السريع، خاصة أنه يساند كل القرارات الدولية، والأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريش يصر أن الحل الوحيد هو فى دولتين جنبا إلى جنب وكل الهيئات معه وأنا شخصيا معه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة