تسببت تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بشأن حلف شمال الأطلسي، بزيادة المطالبات والدعوات الموجهة إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي لتعزيز جيشها على نطاق واسع وتعزيز ردعها، وتعزيز إنفاقها الدفاعي بشكل جذري وحتى التفكير في كسر المحرمات المتعلقة بالأسلحة النووية.
وفي حديثه خلال تجمع انتخابي في ولاية كارولينا الجنوبية يوم السبت، زعم الرئيس الأمريكي السابق أنه أخبر حلفاء الناتو خلال رئاسته أن الولايات المتحدة لن تدافع عن أي دولة تتعرض لهجوم من روسيا ولم "تدفع فواتيرها"، وأشجع روسيا على القيام بكل ما يريدون بحق الجحيم".
وتسبب الخطاب في قيام العديد من السياسيين الألمان، بممارسة المزيد من الضغوط على المستشار أولاف شولتز لتعزيز الإنفاق الدفاعي، عاجلاً وليس آجلاً، على الرغم من الصندوق الخاص بقيمة 100 مليار يورو الذي أعلن عنه المستشار في فبراير 2022.
ونقلت صحيفة دويتش فيله الألمانية، مجموعة من تصريحات السياسين من بينهم رودريش كيسفيتر، المتحدث باسم وزارة الدفاع عن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ، إنه يجب مضاعفة هذا الصندوق الخاص ثلاث مرات، في حين قال أندرياس شوارتز، المتحدث باسم سياسة الميزانية في حزب شولتز، الحزب الديمقراطي الاشتراكي :إنه من المؤكد أن إعفاء جميع تكاليف الدفاع من كبح الديون سيكون له سحره.
فيما قالت مفوضة الدفاع البرلمانية إيفا هوجل، في تقريرها الرسمي، إن القوات المسلحة الألمانية تحتاج إلى 300 مليار يورو لتلبية احتياجاتها، لأسباب ليس أقلها استنفاد إمدادات القوات المسلحة الألمانية من أجل المساعدة في تسليح أوكرانيا.
وقال رافائيل لوس، المتخصص في استراتيجية الدفاع في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: إن تصريحات ترامب الصارخة، ذكرت الناس بالمخاطر التي ينطوي عليها الأمر.
وأشار تقرير لدويتش فيله إلى أن مصطلحات ترامب تبدو مضللة بطبيعة الحال، فرغم أن حلف شمال الأطلسي يتلقى بعض المساهمات المباشرة، إلا أنه ليس ناديا تدفع الدول الأعضاء عضويته له، ومع ذلك، في عام 2014، وافق وزراء دفاع الناتو على تخصيص ما لا يقل عن 2% من الناتج المحلي الإجمالي لبلادهم للدفاع، ورغم أن ألمانيا كانت متخلفة ذات يوم عن تحقيق هذا الهدف، فقد ذكرت هذا الأسبوع أنها حققت هذا الهدف للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود، وقدمت الحكومة الألمانية مبلغا للعام الحالي يعادل مبلغ 73.41 مليار دولار، وهو رقم قياسي لألمانيا من حيث القيمة المطلقة ويعني نسبة الناتج المحلي الإجمالي 2.01 % وفقا لتوقعات الناتو الحالية.
وفي الوقت نفسه، قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس مؤخرًا إن الناتو يجب أن يستعد لاحتمال قيام روسيا بمهاجمة دولة عضو في الناتو خلال السنوات الخمس إلى الثماني المقبلة.
ولهذا السبب، وخاصة في ضوء احتمال وصول ترامب إلى رئاسة أخرى في الولايات المتحدة، يزعم بعض الساسة أن الاتحاد الأوروبي لابد أن يكون لديه رادع نووي خاص به، خاصة وأن فرنسا هي العضو الوحيد في الاتحاد الأوروبي الذي يمتلك حاليًا أسلحة نووية، في حين وقعت ثلاثة من أعضائها – النمسا وأيرلندا ومالطا – على معاهدة الحظر النووي لعام 2020، والتي تدعو إلى إزالتها الكاملة من الأرض.
وتبقى المشكلة في تساؤل الصحيفة الألمانية، حول من سيزود الاتحاد الأوروبي بالأسلحة النووية؟ حيث لا تعرض الحكومة الفرنسية حالياً توسيع قوة الردع النووية الخاصة بها لتغطية أوروبا، وهذا يعني أن دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا سوف تضطر إلى امتلاك أسلحة نووية، ولكن في ظل الظروف الحالية، يبدو هذا غير مرجح في المستقبل المنظور.
وتاريخياً، كان الحظر الذي فرضته ألمانيا على نفسها على الأسلحة النووية مرتبطاً بنظام ما بعد الحرب العالمية الثانية والدور الذي لعبته ألمانيا الغربية في الاستراتيجية الدفاعية لحلف شمال الأطلسي، ومن أجل الحد من انتشار الأسلحة النووية، منحت حكومة الولايات المتحدة ألمانيا الغربية ضمانات أمنية وبعض الأدوار في توفير الطائرات اللازمة لإيصال الأسلحة النووية.
وفي المقابل، تعهدت ألمانيا بالعديد من الالتزامات، بما في ذلك معاهدة "اثنان زائد أربعة" بشأن إعادة توحيدها في عام 1990، والتي ضمنت عدم حصولها على أسلحة نووية أو تصنيعها، ومن المؤكد أن خرق هذا الاتفاق سيخلق مشاكل دبلوماسية كبيرة.
وأكد رفائيل لوس المحلل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: في السياق الحالي، لا أرى أي سبب يدفع ألمانيا إلى امتلاك أسلحة نووية بنفسها، وهناك أسباب وجيهة لعدم القيام بذلك، حيث سيكون ذلك بمثابة تعطيل كبير للنظام النووي العالمي، ويؤدي إلى انتشار الأسلحة النووية في أجزاء أخرى من العالم، ويمكن أن يعرض ألمانيا أيضًا لنظام عقوبات دولية صارمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة