للمرة الأولى منذ نحو 150 عاما، وجه مجلس النواب الأمريكى اتهاما لوزير في الحكومة بهدف محاكمته أمام مجلس الشيوخ في الكونجرس لعزله.
وصوت الجمهوريون، بأغلبيتهم الضئيلة في مجلس النواب، على توجيه اتهامات لـ وزير الامن الداخلى ، المسؤول عن ملف الهجرة، أليخاندرو مايوركاس، وأحالوه على مجلس الشيوخ لمحاكمته بهدف عزله، معتبرين أنه تسبب بأزمة عند الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
ويتهم الجمهوريون الرئيس الديمقراطي جو بايدن بالسماح بحصول "اجتياح" للبلاد مع توقيف عدد قياسي من المهاجرين عند الحدود، بلغ 302 ألف في ديسمبر.
وفي المقابل، ندد بايدن بما حصل معتبرا أنه "عمل حزبي استهدف خادما أمينا للدولة".
وينص الدستور على أن الكونجرس يمتلك سلطة "عزل الرئيس، ونائب الرئيس، وجميع الموظفين المدنيين الفيدراليين بتهمة الخيانة، أو الرشوة، أو غيرها من الجرائم الكبرى والجنح".
ويشير النص إلى أن سلطة العزل بمثابة أداة لمراقبة عمل السلطتين التنفيذية والقضائية من أجل "محاسبة المسؤولين الحكوميين عن انتهاكات القانون وإساءة استخدام السلطة".
لكن خبراء دستوريين يجادلون بأن الاتهامات ضد مايوركاس لا ترقى إلى مستوى الجرائم التي تستوجب العزل، مشيرين إلى أنه بموجب الدستور، فإن أساس المساءلة هو "الجرائم والجنح الكبرى".
لكن رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، قال إن مايوركاس "حالة استثنائية"، معتبرا أنه "تسبب في أضرار للبلاد أكثر من أي وزير في مجلس الوزراء على الإطلاق".
وشرع مجلس النواب في هذه الإجراءات أكثر من 60 مرة، منذ بدء عملية أول عزل عام 1797، لكن أقل من 20 حالة فقط أدت إلى عزل مسؤولين، وفي 8 حالات فقط تمت إدانة مسؤولين آخرين، جميعهم قضاة فيدراليون، وفق مكتبة الكونجرس.
وتبدأ هذه العملية الدستورية في مجلس النواب بتحقيق تجريه اللجنة القضائية، وإذا قررت اللجنة أن هناك أسبابا تستدعي العزل، فإنها تصيغ مواد الاتهام، ثم تصوت اللجنة على ما إذا كان سيتم عرض المواد على مجلس النواب بكامل هيئته، وهو ما يتطلب أغلبية بسيطة حتى يتم نقل الملف إلى مجلس الشيوخ، وهناك ينبغي أن تتم الإدانة بأغلبية الثلثين.
وهذا ما حصل مساء الثلاثاء، إذ تم تأييد الاتهامات في مجلس النواب من قبل 214 نائبا في مقابل معارضة 213، من بينهم 3 جمهوريين.
ووجه المجلس للوزير تهمتين هما "الرفض المتعمد والمنهجي" لتطبيق قانون الهجرة و"انتهاك ثقة الرأي العام".
وينتقل الأمر الآن إلى مجلس الشيوخ، الذي يتمتع "بالسلطة الوحيدة" بموجب الدستور لإجراء محاكمة يمكن أن تؤدي إلى الإدانة والعزل من المنصب.
لكن الديمقراطيين يتمتعون بأغلبية مجلس الشيوخ، ومن المتوقع أن يبرئوا مايوركاس.
وقال مكتب زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، مساء الثلاثاء، إن المجلس سيبدأ إجراءات محاكمة مايوركاس بعد عودة أعضاء مجلس الشيوخ في 26 فبراير.
وقال السيناتور جيمس لانكفورد، وهو جمهوري من ولاية أوكلاهوما، للصحفيين إنه يتوقع أن تفشل الجهود في مجلس الشيوخ، قائلا إن المشروع "سيكون ميتا عند وصوله".
وهذه المرة الأولى منذ حوالي 150 عاما التي يتخذ الكونجرس فيها قرارا مثل هذا بحق وزير، منذ أخر محاكمة، عام 1876، للوزير وليام بيلكناب، الذي اتهم بالفساد.
ويقول موقع مجلس الشيوخ إن بيلكناب، المشرع السابق، الجنرال خلال الحرب الأهلية، كان وزيرا للحرب، وقد شغل منصبه الوزاري لما يقرب من ثماني سنوات.
وكان معروفا عنه حفلاته باهظة التكاليف وحياة البذخ التي كانت تعيشها زوجته.
واستغرب البعض حينها أن يعيش حياة البذخ هذه براتبه الحكومي البالغ 8000 دولار.
وفي عام 1876، كشفت لجنة بمجلس النواب عن أدلة تؤكد تورطه في تلقى رشاوى من رجل أعمال وصل مجموعها إلى 20 ألف دولار.
في 2 مارس 1876، وقبل دقائق فقط من تصويت مجلس النواب على مواد الاتهام، أسرع بيلكناب إلى البيت الأبيض، وسلم الرئيس غرانت استقالته، وانفجر في البكاء.
لكن الاستقالة لم تمنع مجلس النواب من المضي قدما وفق الخطة، ففي وقت لاحق من ذلك اليوم، صوت الأعضاء بالإجماع على إرسال 5 مواد اتهام إلى مجلس الشيوخ، متهمين بيلكناب بارتكاب جرائم لتحقيق مكاسب خاصة.
وعقد مجلس الشيوخ محاكمته في أوائل أبريل بحضور بيلكناب، رغم خروجه رسميا من منصبه.
وخلال شهر مايو، استمع مجلس الشيوخ إلى أكثر من 40 شاهدا، وفي الأول من أغسطس 1876، فشل المجلس في تأمين الأغلبية اللازمة للتصويت على المواد الخمس وتمت تبرئته.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة