أيمن فؤاد يكتب: الإسماعيلية الجديدة.. "الحشاشون"

الأحد، 18 فبراير 2024 03:00 م
أيمن فؤاد يكتب: الإسماعيلية الجديدة.. "الحشاشون" أيمن فؤاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعتمد العقيدة الإسماعيلية انتقال الإمامة فى الأعقاب من الأب إلى الابن الأكبر، وتبعًا لهذه القاعدة كان نزار الابن الأكبر للإمام المستنصر بالله الفاطمى هو صاحب الحق الشرعى فى خلافة أبيه فى منصب الإمامة، ومع ذلك لم يعر الوزير القوى الأفضل شاهنشاه بن بدر الجمالى هذا التقليد أى اعتبار، وأبعد نزار الابن الأكبر عن العرش، وأجلس عليه أخاه الأصغر أبا القاسم أحمد ولقّبه «المستعلى بالله »، نظرا لتوتر العلاقة بين الأفضل ونزار ولأن المستعلى بالله الإمام الجديد زوج أخته ست الملك ابنة بدر الجمالى.
 
أدى هذا الخلاف إلى نتائج بعيدة المدى فى تاريخ الدعوة الإسماعيلية، واعتبره بعض المتخصصين انقلابا سياسيا واضح المعالم، قام به الوزير القوى الأفضل شاهنشاه محافظة على السلطان القوى الذى كان يتمتع به منفردا منذ أواخر عصر المستنصر.
 
ولكن نزار فر إلى الإسكندرية وأعلن نفسه إماما بها باسم «المصطفى لدين الله »، وفشلت المحاولة وقبض عليه الوزير الأفضل وقتله بالقاهرة.
 
تذكر المصادر المصرية أن الداعى الحسن بن الصباح، الذى وصل إلى مصر سنة 479 هـ/1086م، والتقى بالإمام المستنصر بالله وسأله عمن يكون الإمام بعده، وأن الإمام أجابه بأنه نزار.
 
ولا شك أن الحسن بن الصباح قد تعرف وهو فى القاهرة على أحوال الدولة الفاطمية وما آلت إليه الدعوة الإسماعيلية، متكفلا بعد عودته بإقامة الدعوة للمستنصر بالله فى خراسان وبلاد العجم، ثم بعد وفاة المستنصر بالله سنة 487هـ/1094م أقام الدعوة لابنه نزار، وعرف المجتمع الإسماعيلى الجديد بالإسماعيلية الجديدة أو الإسماعيلية النزارية.
 
كان مركز الإسماعيلية الجديدة فى فارس فى منطقة جبل ألموت، وكان الاستيلاء على ألموت مؤشرا إلى بدء ثورة الإسماعيليين الفرس على السلاجقة أصحاب السلطة السياسية حينئذ، ومؤذنا بالتأسيس الفعلى للدولة النزارية أو الدولة الإسماعيلية الجديدة.
 
هكذا أسرع حسن بن الصباح إلى تنظيم الإسماعيليين الفرس القادمين من خلفيات متنوعة، وصاروا يخاطبون بعضهم بعضا بلفظ «رفيق»، كما عمل الصباح على إحلال اللغة الفارسية محل العربية فى الاستعمال الدينى من قبل الإسماعيليين النزاريين فى فارس، وهكذا نجح حسن الصباح فى تأسيس دولة إقليمية مستقلة ذاتيا للإسماعيليين الفرس وسط سلطة السلاجقة، وأوحى التفوق العسكرى الكبير للقوة السلجوقية إلى حسن الصباح باستخدام تكتيك لمقاومة الهجمات المستديمة لتحقيق انتصارات سياسية وعسكرية، فهذا التكتيك- الذى أسىء فهمه من وجهة نظر الإسماعيليين- هو الاغتيال السياسى الذى قام به الفدائيون أو الفداوية، وهم- من وجهة نظرهم- الشباب المؤمنون المضحون بأنفسهم ووهبوا أنفسهم على أساس طوعى.
 
وانتقل الإسماعيليون الجدد بعد ذلك إلى الشام، وكان لهم دور فى مواجهة الصليبيين والقيام بحركة اغتيالات فى صفوفهم بقيادة شيخ الجبل سنان، وبدأ فى الفترة السورية تسميتهم بالحشاشين، واستخدمت المصادر الإسلامية هذا المصطلح بصورته المسيئة بمعنى «طبقة وضيعة من الأوباش » أو «المنبوذين اجتماعيا والملحدين »، دون أى إشارة إلى الاستعمال الفعلى للحشيش أو لأى عقار مخدر آخر، كما شاع استخدام المصطلح كذلك لدى مؤرخى الحركة الصليبية الأوربيين، التى أشارت إلى كيفية تنشئتهم فى عزلة وتعليمهم الطاعة منذ الصغر، وأشارت إلى مواطن تدريبهم باعتبارها «أماكن سرية تبعث على المتعة والسرور».
 
وأشار الرحالة ماركو بولو 1254 - 1324 إلى كيف أن شيخ الجبل كان يحرض الفدائيين على التضحية بأنفسهم عن طريق إثارة وهم مسرات الجنة بينهم بواسطة تأثير عقار مخدر، وأنهم كانوا يمضون فترة وجيزة فى «بستان جنة » مصطنع، وأن من كان سيصبح فدائيا كان ينوّم بالحشيش أو بمخدر آخر، ويحمل إلى البستان، حيث يختبر أنواعا من اللذات الجسدية، وهكذا يصبح الفدائيون أداة طيعة يضحون بأنفسهم فى سبيل سيدهم.
 
وجاء القضاء على الدولة الإسماعيلية الجديدة فى الشرق على يد هولاكو قائد جيوش التتار سنة 654هـ/1256م، قبل عامين من سقوط بغداد، واستمرت بعد ذلك فى سوريا ثم فى شمال الهند، حيث نشأ فى القرن التاسع عشر منصب الأغا خان الأول، ووصل إلى الأمير كريم الدين خان الأغا خان الرابع الموجود الآن.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة