هي الأم المعجزة، في نهاية الأربعينيات من عمرها، بدأت رحلة محو الأمية، حتى وصلت للدكتوراه، ورغم إصابتها بالسرطان، لم تنس أنها أم لخمسة أبناء، بينهم طفل من ذوى الهمم، وتحملت مسئوليتهم وحدها بعد رحيل الزوج إثر معركة مع المرض، قصة طويلة بطلتها "الدكتورة حنان" مليئة بالتحديات والقوة والمفاجآت.
الدكتورة حنان
حنان عاشت مع زوجها حياة سعيدة رغم بساطتها الشديدة، وتقول لـ"اليوم السابع": عشت مع زوجى قبل وفاته 30 سنة كأنهم 30 يوما في الجنة، عملت معه يدًا بيد ساعدته في كل شيء، عملت في أماكن كثيرة وأشياء كثيرة كى أساعده على المعيشة وتربية أبنائنا، رغم كل هذا التعب كنا سعداء والحياة جميلة، رغم ذلك كنت أشعر أن هنا شيء ينقصني لأنني غير متعلمة.
الأام مع ابنها
المفاجآت في انتظار حنان
في سن الأربعين كانت المفاجآت في انتظار السيدة السمراء لقد اكتشفت حنان أنها مصابة بالمرض اللعين، بالتزامن مع مرض زوجها أيضًا وفجأة أصبح البيت الصغير الذي تعيش فيه حنان في عزبة خير الله يضم 3 يحتاجون إلى رعاية خاصة، خاصة الابن "مصطفى" الذى ولد من ذوى الهمم والذى اعتادت الأم أن تصحبه إلى جلسات التخاطب والسمع وجلسات العلاج الطبيعي كونه لا يستطيع المشى، وزوجها الذى يحتاج رعاية خاصة، وهى مريضة السرطان "الرحم"، وتحتاج جراحة ورعاية خاصة.
حنان تذاكر
من الألم يخرج شعاع النور
تقول حنان: هذه المرحلة كانت من أصعب المراحل التي مرت عليا، كنت أعمل في احدى الأماكن وحدث موقف من رئيسي في العمل شعرت فيه بإهانة كبيرة لأنني كنت أمية، فرجعت البيت وبكيت بكاء شديد لزوجي وحيكت له ما حدث فشجعني على الالتحاق بفصول محو الأمية، في تلك الظروف المرضية الصعبة، شعرت وقتها بشعاع من الأمل والنور، كانت المسئولية كبيرة جدًا، اليوم الطبيعي هو 24 ساعة، ولكن يومي كان 48 ساعة، ما بين الغسيل والطبيخ وتنظيف البيت ومذاكرة الولاد والمذاكرة لدروسي كنت أستيقظ في الساعة الثالثة فجرًا لأذاكر، والاهتمام بزوجي سواء كان في البيت أو كان محجوز في المشفى، أو كنت مع ابنى في جلسات التخاطب والعلاج الطبعي، حتى اجتزت الابتدائية والاعدادية والثانوية والتحقت بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان. وبعدها حصلت على الماجستير والأن أعد للدكتوراه في علم النفس.
حنان
لم يشعر أحد بمعاناة حنان
تلك السنوات لم تمر على حنان مرور الكرام ولكنها تركت أثرًا كبيرًا، فقد توفى زوجها، تقول حنان "الزوج هو سقف البيت ولما يموت كأن الواحد اتعرى، أنا اتألمت جدًا بعد وفاة زوجى والحمل تقل أوى تربية الولاد وجوازهم، وتعلمهم، أنا تعبت بعد وفاته على كان بيساعدنى وبيدعمني".
حنان مع بناتها
العلم حرك الساكن
أما عن الابن من ذوي الهمم مصطفى فهو قصة أخرى فما فعلته حنان مع ابنها كان بمثابة معجزة، في البداية كان الاهتمام بالابن تقليدًيا كما فعل كل أم وربة أسرة تذهب به إلى الجلسات المعتادة، ولكن بعد أن تعلمت حنان، أدركت أن هناك تدريبات لا بد أن تمارسها مع ابنها في البيت ودروس تحافظ على ممارستها معه يوميًا جنبًا إلى جنب مع جلسات التخاطب والعلاج الطبيعي الحركي، حتى أصبح يمشي على قدميه، ينطق بحروف مفهومة ويكتب ويرسم، والتحق بالمدرسة وتدرج في مراحلها حتى حصل على دبلوم الصناعى قسم الزخرفة .
حنان مع الشهادات والتدريبات
ما تتمناه حنان الوظيفة والعمل
رغم النجاح الذى وصلت له حنان إلا أنها تشعر ببعض من المرار في الحلق بسبب سنين عمرها التي جاهدت فيها حتى وصلت إلى تلك المرحلة العلمية، فسنها تجاوز الخمسين بستة سنوات، وحين تذهب للتقدم إلى أي وظيفة حكومية أو غير فيعوقها سنها رغم الكم الهائل من الشهادات التي حصلت عيها، تقول حنان: أنا بداخلى طاقة وأستطيع أن أعمل بقوة أكثر من الشباب الصغير في نطاق دارستى وفهمى، بدخلى أفكار جديدة أود تطبيقها في مجال علم النفس والإجتماع أريد تطبيقها، لقد نجحت في تطبيقها على ابنى مصطفى من ذوى الهمم كانت إعاقته حركية وذهنية، طبيقت عليه دراستى وافكارى حتى استطاع أن يمشي ويكمل دراسته ويحصل على دبلوم صناعى، أنا فخورة بنفسي وأبنائي فخورين بين ولا ينقصنى سوى الوظيفة.
شهادات الدكتوراه
ما فيش مستحيل
تختم حنان حوارها لـ" اليوم السابع" قائلة: ما فيش حاجة اسمها يأس ولا مستحيل ولا الدنيا وقفت، خليكى وثقة من اللى جواكى عشان تقدرى توصلى للى إنت عاوزاه، أنا لما اتهنت اتألمت ولما اتألمت اتعلمت".