- النائب أيمن محسب: سنرى قرارات يعلن عنها لأول مرة وتنفذ اليوم التالى.. المرحلة الثانية من الحوار روشتة تنفيذية.. ووجود الحكومة ضمانة لسرعة التطبيق
- سمير صبرى: تحريك سعر الصرف يحتاج 15 مليار دولار.. نعانى من تشوه فى الهوية الاقتصادية.. وحزمة الحماية الاجتماعية لا ترتبط بقرارات السياسات النقدية
- مصطفى أبو زيد: جزء من أزمة التضخم مستورد والآخر بسبب غياب الرقابة على الأسواق.. حل التشابكات المالية بين الوزارات يغطى 95% من العجز الحالى للموازنة
اكتسب المحور الاقتصادى بالحوار الوطنى أهمية كبيرة بسبب التحديات الاقتصادية الراهنة التى فرضتها الأزمات العالمية المتعاقبة، ما كان سببا فى إطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسى دعوة لإجراء حوار وطنى اقتصادى أكثر عمقا وشمولا خلال الفترة المقبلة، لصياغة رؤى اقتصادية أكثر فاعلية وواقعية.
تفاعلا مع دعوة الرئيس، حرص «اليوم السابع» على عقد ندوة لرصد المشكلات والتحديات، التى تواجه الاقتصاد المصرى والرؤى المطروحة لتخطيها واستكمال مسيرة البناء والنهضة فى طريق الوصول إلى الجمهورية الجديدة، وذلك بمشاركة عدد من رجال الاقتصاد المعنيين بالحوار وهم الدكتور أيمن محسب، عضو مجلس النواب ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطنى، والدكتور سمير صبرى، مقرر لجنة الاستثمار الخاص المحلى والأجنبى بالحوار الوطنى، والدكتور مصطفى أبوزيد مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية عضو المنتدى الاقتصادى بتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.
ندوة اليوم السابع
كيف ترون جلسات المحور الاقتصادى بالمرحلة الثانية للحور الوطنى؟
الدكتور أيمن محسب: المرحلة الأولى حققت ثمارا كبيرة وكان لها باع حقيقى فى تغيير شكل ومناخ السياسة فى مصر والتعامل مع الملفات الاقتصادية، فقد كانت النافذة الحقيقية للشعب الذى شعر بأن صوته سيصل، ولأول مرة نجد هذه الآلية الديمقراطية الشعبية، علاوة على أن المواطن أصبح شريكا فى صناعة القرار الذى يمس حياتنا اليومية، ومن ثم نتج عن المرحلة الأولى توصيات منضبطة تم تنفيذ بعضها، بينما المرحلة الثانية هى الأهم والتى نعول عليها بشكل شديد والأخص فى الاقتصاد، إذ إننا نمر بأزمة كبيرة مستوردة، وتواجه الدول الخارجية أيضا نفس إشكالية التضخم، وعلى مستوى مصر هناك تحد كبير يتعلق بارتفاع الأسعار، لذلك سيكون الحوار الوطنى معنيا بهذه الإشكالية وتبعاتها، وستستند تلك الجلسات ليس فى وضع الحلول فقط بينما ستتضمن الروشتة آلية التنفيذ وكيفية وتوقيت التطبيق، كما أن أفضل ما فى المرحلة الأولى أن الحكومة شريك فى الجلسات وليست ضيفة، وهو ما يجعلها ضمانة بأن أى مقترحات تخرج ستكون متوافقة مع الحكومة والإمكانيات الحالية، بما يضمن سرعة التنفيذ فيخدم مناخ الاقتصاد بقوة.ما دلالات انطلاق الحوار الوطنى من قضايا الاقتصاد؟
الدكتور سمير صبرى: لا ننكر أننا نمر بأزمة اقتصادية فى مصر، والشعب المصرى العظيم تحمل الكثير من فاتورة الإصلاح الاقتصادى، والحوار الوطنى جاء فى مرحلة مهمة بعبقرية القيادة السياسية ودعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى للاستماع لكل الأصوات، وكان كل الشعب المصرى مشاركا، سواء كان أحزابا أو خبراء أو أساتذة جامعات، أيضا المواطن العادى من الشباب والنساء والبرلمان بغرفتيه وغيرهم، إذن إننا نشهد حالة فريدة، فقد كانت الدعوة إلى الحوار الوطنى منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكان وقته مجرد يوم أو يومين مرتبط بأزمة معينة، بينما الحوار الحالى تحول إلى فلسفة دولة ما جعل المواطن العادى يشعر بقدرته على توصيل صوته لنافذة من نوافذ الحوار، فحرص مجلس الأمناء على استقبال مقترحات من الكيانات الشبايية وغيرها.
المرحلة الأولى كانت brain storming أى عصف ذهنى، ومكنت كل المشاركين فى الحوار من العمل على أرضية واحدة ثم خرجت المقترحات، التى تم إرسالها إلى رئيس الجمهورية فوجه بإحالتها للحكومة، فيما ستعتمد المرحلة الثانية على الحلول وطريقة التنفيذ، خاصة أن الحكومة ستكون شريكا فى جلسات الحوار الوطنى.
ايمن محسب
ما الذى تحتاجه مصر للخروج من أزمتها الاقتصادية؟
الدكتور مصطفى أبوزيد: لا يوجد حديث فى مصر يخلو من التحديات الاقتصادية التى تمر بها البلاد، وبالطبع لدينا ما يؤثر على الاقتصاد أولها التضخم وموضوع سعر الصرف، فالأزمات العالمية المتتالية كان لها دور مباشر، ولكن كانت هناك بعض الثغرات بالداخل المصرى التى كان يتوجب التعامل معها بشكل أكثر مرونة وسرعة وفعالية، حيث إن التضخم يأتى لشقين أولها مستورد نتيجة ارتفاع نسبة الورادات، ما يجعل تكلفة المنتجات المستوردة تنعكس على الأسعار بالداخل، ولكن على الجانب الآخر لم يكن هناك رقابة حقيقية على الأسواق تحقق ضبطا للأمور، وفى هذا الإطار كان هناك جهاز لتخطيط الأسعار فى 1971 كان منوطا به اقتراح سياسات سعرية لتكلفة المنتجات والخدمات، والآن لا توجد آلية تحسم تكلفة السلع أو المنتج رغم وجود علماء بالجامعات متخصصين فى محاسبة التكاليف يمكنهم تحديد تكلفة المنتج، لذلك هناك أهمية لضرورة إحياء جهاز تخطيط الأسعار فى اقتراح السياسات السعرية للسلع والمنتجات.
وبصفتى أحد الخبراء المشاركين فى المشروع البحثى الخاص بوثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى، التى تستلزم النظر لترتيب أولويات البيت الاقتصادى من الداخل على المدى القصير والمتوسط والبعيد، أرى سبب المشكلة الأساسية هى أن الإيرادات أقل من المصروفات، وهناك ضرورة لحل مشكلة صافى عجز الهيئات الاقتصادية التى قدرت فى آخر مرة بـ184 مليار جنيه، ويتم دعمها بـ482 مليارا، فى المقابل تتمثل إيراداتها فى 299 مليار جنيه، لذلك هناك أهمية لبحث أسباب خسائرها ووقف هذا النزيف، كما أنه لا بد من سرعة حل ملف التشابكات المالية بين الوزارات وبعضها، لكون الحل يغطى 95 % من العجز النقدى الموجود بالموازنة.
كيف ترون آلية النهوض بالاقتصاد من أجل زيادة المساهمة فى التجارة الدولية؟
هناك الكثير من التفاصيل التى لا بد من طرحها بشكل أعمق من خلال الحوار الوطنى، ومنها على سبيل المثال مستهدفات زيادة الصادرات طبقا لوثيقة التوجهات الاستراتيجية، التى تستهدف الوصول إلى 145 مليار دولار، لذلك لا بد من تحديد نوعية الصادرات، ومن هم رجال الأعمال المستهدفين بالقائمة المطروحة بـ152 سلعة، ومن ثم فإن الحوار الوطنى فى نسخته الثانية مع وجود الحكومة وممثليها سيسهل إنجاز الآليات التنفيذية، وسرعة إخراج توصيات يمكن تطبيقها.سمير صبرى
ما مدى تأثير التوترات الإقليمية على فرص الاستثمار المستقبلية؟
الدكتورأيمن محسب: التوترات الإقليمية أكدت على وجود أزمة هيكلية فى الاقتصاد، ولا بد من إعادة هيكلته والنظر للقطاعات الخدمية بشكل مختلف، فمن الضرورى أن يذهب 80 % منها للقطاع الخاص وأن تخرج الحكومة بشكل واضح من القطاع الخدمى وتتمسك بما هو يمثل الخدمات الأساسية، ومن ثم فإنه لا بد وأن تمتثل الحكومة لوثيقة ملكية الدولة التى أصدرتها حتى يحدث نمو وعمالة، وأن يتم تبنى مبادرة «ابدأ» من قبل وزارة الصناعة وتوسع نشاطها لتمتد إلى مشروعات متوسطة وكبيرة، والحقيقة أن الأزمة أكدت على أن الدولة تستهلك أكثر بكثير مما تنتج واستمرار هذا الوضع يعرض مصر لكارثة كبيرة، لذلك لا بد من الإنتاج على كل مستويات القطاعات، خاصة أن مصر لديها مقومات متميزة تساعدها، كما أن أزمة غزة عكست أن «العالم مبقاش يمد إيده لحد»، فمصر ذات الاقتصاد النامى الضعيف دفعت مساعدات لغزة 4 أضعاف ونصف الضعف لما دفعه العالم كله.
الأزمة كاشفة وتفرض العمل بشكل مختلف، وتطوير الصناعة هو الأساس الذى يجب أن ننطلق منه، إضافة إلى السياحة، فمصر لديها ثروات سياحية كبيرة ولكن وزارة السياحة ليس لديها خطة واضحة لدعمها والترويج لها على مدار العام، ونعتمد فقط على الآثار المصرية مثل الأهرامات، على الرغم من أن مصر تمتلك أنماطا سياحية عدة، وهناك أهمية لانفصال السياحة عن الآثار، فهما متعارضان، الأول يبحث عن الأثر بشكل مباشر، بينما السياحة لديها خلل، فإمكانات الوزارة كلها مستغلة للتنقيب والبحث عن الأثر والحفاظ عليه، التى تمثل شكلا رئيسيا لمصروفات الوزارة، بينما الافتقار فى الإيراد المتمثل من عوائد السياحة، كما أنه لا بد من حل ذاتى للأزمة السكانية والنظر لأزمة اللاجئين بحلول وضوابط واضحة.
من أين تكون نقطة الانطلاق؟
الدكتور أيمن محسب: الحوار الوطنى رقم واحد فى الانطلاق، وهو بداية خطوات الإصلاح، والأجندة الحالية تتناول كل المشاكل الراهنة، فالجلسات التى يتوقع أن تبدأ قريبا وقد تكون خلال الـ10 أيام المقبلة، سنرى قرارات يعلن عنها لأول مرة تنفذ ثانى يوم، خاصة أن الحكومة ستكون مشاركة، والحقيقة أن الحكومة ماهجرتش الحوار الوطنى فى مرحلته الأولى، بل أخذت الكثير من التوصيات من بينها مخرجات لجنة الاستثمار الخاص، والتوصيات فى المرحلة الثانية سترتبط بآلية تنفيذ وجدول زمنى، والبحث عن بدائل حال تأكيد الحكومة صعوبة تنفيذها.. التوصيات هتخرج للتنفيذ.نتطرق للسؤال الذى لا يغيب عن بال المواطن المصرى.. ماذا عن تعويم سعر الصرف وهل حزمة الحماية الاجتماعية الأخيرة ترتبط به؟
الدكتور سمير صبرى: الحقيقة أن هذه القضية تشغل بال المستثمر والصانع ورجل الأعمال والمواطن البسيط، وصولا للأحياء الشعبية والأرياف، لا يوجد شىء اسمه تعويم فى السياسات النقدية على مدار تاريخ مصر علميا، فالتعويم مصطلح لا يناسب ظروف الدولة المصرية، فلا يمكن ترك العملة للعرض والطلب، بينما هو تحريك لسعر الصرف ورفع لقيمة الدولار مقابل الجنيه، وهنا يتطلب أن يكون لدى البنك المركزى فيما لا يقل من 10 لـ15 مليار دولار كاش بعيدا عن الاحتياطى والمتمثل فى 35 مليار دولار، الذى لا يمكن استغلاله، ومن ثم فإن التحريك فى الوقت الحالى ليس له عائد، إذن مفاوضاتنا مع صندوق النقد الدولى تتمثل فى مطالبته بمرونة فى سعر الصرف، التى تحتاج أن يكون لدى البنك المركزى أموالا تمكنه من حماية هذا التحرك.
وأطمئنكم قريبا ستكون تلك الخطوة بوفرة للدولار، التى ستفتح الاستيراد، بينما حزمة الحماية الاجتماعية كانت لدعم المواطن البسيط والفئات الأقل دخلا بعيدا عن القرارات المرتبطة بالسياسات النقدية، وإلا لو كان ذلك هو الهدف لن يكون توقيته فى الوقت الذى نتفاوض فيه مع صندوق النقد الدولى، الذى دائما ما ينظر للموازنة وعجزها فى المصروفات وكيفية تعويضها، وهذا دليل على الاستقلالية فى القرار السياسى والمالى والنقدى، فلا يوجد ربط بين الدعم والحزمة الاجتماعية وبين قرار تحريك سعر الصرف.
وعقب دكتور مصطفى أبوزيد: المواطن دائما فى عقل وقلب الرئيس السيسى، ولكن حزمة الحماية الاجتماعية التى تأتى بتكلفة 180 مليارا تستوجب إجراءات شديدة فى الرقابة والمتابعة الحقيقية على الأسواق، وإلا سيهدد بالتحول لتضخم أكبر.
مصطفى ابو زيد
ما هى الآليات التى تمتلكها الدولة للسيطرة على سعر الصرف وتحجيم خروج مستثمرين من مصر؟
الدكتور سمير صبرى: أود أن أوضح طبيعة ما مرت به مصر، فالرئيس عبدالفتاح السيسى حينما تولى مسؤولية هذه الدولة، كانت فى أسوأ الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وكانت نظرة العالم لنا بأننا نذهب لطريق اللادولة فى ظل مؤسسات منهارة وغياب السلع الرئيسية، وبتولى هذا الرجل العظيم المسؤولية كان أمام محاور محددة، أولها القضاء على الإرهاب، وضبط العمل فى مؤسسات، وإعادة الهيبة والثقة للدولة، وفتح علاقات مع دول العالم التى كانت تنظر لنا كدولة منهارة.
بدأت الدولة فى برنامج الإصلاح بالتوازى مع الحرب على الإرهاب والتنمية فى ملفات الصناعة، فمصر لم يكن لديها صناعة حقيقية، وكانت سياسة الاستيراد والتجارة تغلب على الصناعة، فبدأت مصر خلال الـ10 سنوات فى وضع البنية التحتية للصناعة المصرية واستغلال الموانئ، كما أن مصر دولة مواردها قليلة، لذلك فالخريطة الاقتصادية تتطلب فاعلية التعامل مع أقل موارد لتحقيق أكثر منفعة للمواطن.
لا بد أن نشير هنا إلى أن المشاكل العالمية أثرت سلبا ورجعت مصر خطوات كثيرة للوراء، أهمها كوفيد - 19، التى كانت ضخمة للغاية، وأحدثت حالة هلع ورعب فى العالم كله، علينا النظر لـ«أين كنا وكيف سنصبح؟»، حيث إن مصر تعرضت لمشكلات كبيرة للغاية منذ 2011 التى أحدثت ترديا هائلا بالأوضاع مرورا بسنة من الحكم الظلامى ثم محاربة الإرهاب ثم إصلاح اقتصادى بدأ فى 2016، فإن لم تكن الأحداث العالمية منذ هذا العام كنا سنرى وضعا آخر للدولة المصرية، ومصر كانت هتبقى فى مكانة أخرى كمعدل نمو وقوة الجنيه المصرى وسعر العملة.
ولكن.. ألم يكن هناك أى قصور من الجانب التنفيذى؟
الدكتور سمير صبرى: ما يؤخذ على متخذى القرار الاقتصادى فقط فى هذا التوقيت هو عمله دون أى تخوف من أى مشكلات ضخمة قد تحدث بشكل مفاجئ، والآن أبشركم بأن مصرستشهد دخول مجموعة من المستثمرين الأجانب تابعين للاتحاد الأوروبى، التشوه فى سعر الصرف عرض وليس مرضا، والدولة تسير لمواجهة الوضع الحالى على طريقين، من خلال سياسات نقدية يتخذها البنك المركزى وكان رفع سعر الفائدة، وعلى مستوى السياسات المالية فقد أصدر رئيس الوزراء قرارا بتقليل الاستثمارات العامة للدولة ووقف المشروعات التى لم تبدأ، والتى بها مكون دولارى، أو حتى جنيه مصرى.كيف تتعامل الدولة مع المعوقات التى تعرقل الصادرات وحجم الاستثمار الأجنبى؟
الدكتور مصطفى أبوزيد: علينا أن نتفق على وجود تقصير وثغرات يجب أن تغلق من أجل الوصول إلى مستهدفات الدولة، الدولة عملت جهودا ضخمة خلال 8 سنوات فى ملف زيادة الصادرات وحققت بالفعل خطوات مهمة بتسجيلها 52 مليار دولار صادرات، وبالتالى اقتربنا من مستهدف الـ100 مليار لو مشينا على نفس الوتيرة، وأنا أحقق المستهدف الـ100 مليار والمستهدف الجديد 145 مليارا، يجب أن أعلم جيدا هصدر إيه حتى لا يخل الاهتمام بالصادرات بحجم المنتجات التى تضخ بالسوق المحلى، فأجد فجأة نقصا فى السلع أو فجوة محليا.
أما فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبى المباشر، فالدولة خطت خطوات كبيرة جدا فى موضوع قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية وتعديلاته، والمجلس الأعلى للاستثمار والـ22 قرارا التى أصدرها، والرخصة الذهبية التى تعالج مشكلة تعدد الولاية والوقت المهدور، لكننا فى حاجة لتحديد ماهية الأفكار التى يمكن استغلالها فى الترويج لفرصنا الاستثمارية، والتى يمكنها تحقيق جذب حقيقى للاستثمار الأجنبى.
مصر تمتلك جهتين تساهمان فى الترويج للاستثمار، هما الهيئة العامة للاستثمار والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس عليها جزء من الاستثمار، لكننا بصدد توجهات جديدة خاصة بإنشاء وكالة للترويج للاستثمار، فهل ذلك معناه الاستغناء عن دور هاتين الجهتين أم أنه سيكون دورا مكملا؟ لذلك نحن فى حاجة إلى خريطة موحدة لعملية الاستثمار، وأهدافها ومؤشرات قياسها والبلدان المستهدفة لاستقطاب الاستثمار بما يعظم الفكرة الأكبر، التى تعمل عليها الدولة، وهى نقل وتوطين التكنولوجيا التى يمكنها توفير فرص عمل جديدة.
عقب الدكتور سمير صبرى: المستثمر الأجنبى مش مشكلته فى مصر مسألة الترخيص والتخصيص فقط، ولكن المشكلة الأكبر هى العقلية، عقلية الموظف المصرى لازم نغيرها، وتغييرها يحتاج وقتا طويلا جدا، لذلك الأزمة الأكبر ليست فى تعدد جهات الولاية، إنما البيروقراطية هى مشكلة الاستثمار الأجنبى فى مصر، رئيس الدولة بنفسه تكلم عنها فى أكثر من مؤتمر، فيجب علينا تغيير الصورة الذهنية، وأعتقد أن العنصرين المهمين للاستثمار والترويج له، هما الموقع الجغرافى والقوة البشرية، فتطوير الموقع الجغرافى لم يعد كافيا، فكانت الفلسفة الجديدة للدولة بإنشاء 12 ميناء جديدا وتحويل منطقة قناة السويس إلى منطقة لوجستية، وتحويلها من مجرد «كارتة» تحصل على رسوم مرور السفن إلى منطقة تقدم خدمات التموين والصيانة للسفن.
نحن فى حاجة لمزيد من العمل على تطوير العنصر البشرى، فأهم مورد فى مصر هى العمالة، والحقيقة أن لدينا تشوها فى هويتنا الاقتصادية، إحنا رأسمالى ولا اشتراكى، وأعتقد أنه من نتائج الحوار الوطنى وضع هوية اقتصادية مصرية، وفيما يتعلق بالأمور التى تنقصنا لجذب الاستثمار، ينقصنا إتاحة المعلومات أمام المستثمرين والشفافية وفلسفة التعامل مع المستثمر المحلى أو الأجنبى، والقيادة على رأس كل وزارة أو هيئة أو محافظة عليها التيسير على المستثمر.
شارك أيضا الدكتور أيمن محسب قائلا: نحن أمام أزمات أصلها التشريع المبنى على الاشتراكية، وهو أن تتحمل الدولة كل شىء، وأن تمتلك الدولة كل عوامل الإنتاج، هذه القوانين من الخمسينيات والسيتينيات لم تعد تناسب هذا العصر.
الدولة تسعى جاهدة نحو توطين الصناعة.. فهل مصر تحتاج إلى توطين صناعات كثيفة العمالة أم صناعات تكنولوجية؟
الدكتور سمير صبرى: فى الحقيقة مصر ليست دولة مصنعة للتكنولوجيا ولا نمتلك مراكز أبحاث ينفق عليها مليارات من أجل صناعة التكنولوجيا، ويجب أن نعلم أن قرار انتقال صناعات من دول لدول أخرى قرار سياسى اقتصادى وليس اقتصاديا فقط، مصر الآن فى حاجة لاستهداف صناعات كثيفة العمالة، والحكومة المصرية عليها واجب تأهيل وتدريب العنصر البشرى فورا، وخريجو المدارس والمعاهد الفنية عليهم الارتقاء بمستواهم.
الاتحاد الأوربى يحتاج عمالة والصناعة المصرية تحتاج عمالة، صناعة الغزل والنسيج لازم ترجع فى مصر كونها صناعة كثيفة العمالة، صناعة الأثاث من أهم الصناعات فى فيتنام مثلا يتبعها صناعة الملابس ويتبعها صناعة الأحذية فكلها صناعات كثيفة العمالة، يجب أن أعمل على المتاح والمجالات التى أمتلك فيها ميزة تنافسية، لذلك يجب التركيز على الصناعات كثيفة العمالة والمبنية على سلاسل الإمداد.
مع تفاقم الوضع الاقتصادى اضطرت الحكومة إلى التوسع فى الاقتراض خلال الأعوام الـ10 الأخيرة.. كيف يمكن تخفيف أثر الاقتراض السلبى؟
الدكتور مصطفى أبوزيد: بالتأكيد الدولة المصرية لديها خطة للتعامل مع إشكالية تفاقم الديون الخارجية عبر عدة آليات، أولا زيادة التدفقات الدولاية التى وضعت لها مستهدفا خلال الـ6 سنوات المقبلة 300 مليار دولار من عائدات السياحة وإيرادات قناة السويس، وتحويلات المصريين بالخارج إلى جانب الاستثمار الأجنبى المباشر، وثانيا من خلال التنوع فى أدوات التمويل من طرح سندات خارجية إلى جانب الاستفادة من انضمام مصر إلى تجمع البريكس، بما يتيح توفير تمويلات بفائدة ميسرة بفترات سماح أطول زمنيا يساهم فى تراجع نسبة الديون الخارجية قصيرة الأجل، وثالثا المضى قدما فى زيادة حجم الإنتاج عبر التخصص فى صناعات ذات عوائد دولارية، تساهم فى زيادة حجم الصادرات المصرية، ومن ثم زيادة حجم التدفقات الدولارية الداخلة للاقتصاد المصرى بما يدعم الاحتياطى النقدى، ويدعم من قوة الجنيه المصرى.
هل الحكومة الحالية قادرة على التعامل مع تحديات المرحلة ومستهدفات الدولة المصرية خلال الـ6 سنوات المقبلة؟
الدكتور أيمن محسب: الحكومة الحالية قامت بدور مهم وتحملت المسؤولية فى توقيت خطر جدا، حملت على عاتقها مهمة ثورة البناء والتعمير التى شهدتها مصر على مدار سنوات، لكن المرحلة المقبلة تحتاج لنوعية مختلفة من الأفكار والسياسات.
الدكتور سمير صبرى: أنا محتاج بالأساس وزير اقتصاد ووزير استثمار، والمجموعة الاقتصادية يكون بينها تجانس وتوافق فى القرارات وإتاحة للمعلومة، سواء كان ذلك من خلال الحكومة الحالية أو حكومة جديدة، الحكومة الحالية قامت بدور مهم جدا لكن نحتاج لوزارات مهتمة بالشأن الاقتصادى بشكل أوضح، ولها تأثير أقوى على طاولة مجلس الوزراء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة