قال الدكتور خالد منتصر، الكاتب والمفكر، إنه توفرت له ظروف لم تتوفر للكثيرين، من بين هذه الظروف أنه كان ابن للأب سعد منتصر، كان وكيلا لوزارة العدل خريج كلية العلوم بجامعة القاهرة، ويعد أول شخص من قرية "الشعراء" في دمياط متعلما تعليما عاليا، وقارئا يحضر صالون العقاد.
وأضاف خلال لقائه ببرنامج "الشاهد" مع الإعلامي الدكتور محمد الباز، المذاع عبر فضائية "إكسترا نيوز"، هذه الشخصية تكوين مدارس ما قبل الثورة وعاصر الثورة، وكان الأول على قسم "نبات" في كلية العلوم ورفض التعيين في الكلية وعين في وزارة العدل قسم أبحاث التزييف والتزوير نظرا لحبه الخط والكيمياء.
وأشار إلى أن عائلته متوسطة الحال في قرية الشعراء، ظل عام لم يتعلم ولا يدخل المدرسة نظرا لعدم توفر المال، فاضطر للعمل خطاطا على عربات الموبيليا في دمياط وأفيشات السينمات،
وتابع: "هذه التشكيلة رأيتها وأنا طفل مكتبة، الكتبة رخيصة جدا، فثورة 23 يوليو وفرت الكتب بأموال بسيطة، وأنا طفل أرى الكتب، وهنا لمحة من الاهتمام بالثقافة أثناء أو في بدايات الثورة".
وقال خالد منتصر، إنه: "خلال مرحلة تكويني الفكري في الصغر خلال بداية السبيعينيات، والدي سافر إلى ليبيا فانتقلت حوالي 4 سنوات من حي العجوزة إلى قرية الشعراء في محافظة دمياط، وذلك بعد رفضي السفر معه، وكانت دمياط متميزة بأجواء مختلفة تماما عن ما رأيتها في المرحلة السابقة من عمري، فأنا منحاز للغاية لجمال ورقي مدن وقرى دمياط، كما أشعر بالحسرة على الأراضي الزراعية التي بورت".
وأضاف منتصر، : "دمياط كانت تتميز بالعديد من الصناعات المختلفة، مثل الأحذية والحلويات والأثاث، ولكن صناعة الأحذية اندثرت الآن تماما، كما أن صناعة الموبيليا تعاني بشدة في الفترة الحالية، وفي ذلك الوقت، كانت دمياط تعتمد على التصدير إلى الاتحاد السوفيتي، وكان هناك أسواق كبيرة مفتوحة للموبيليا".
وتابع: "تعرضت دمياط في تلك الحقبة لتوترات شديدة، ومنع الاتحاد السوفيتي استيراد الموبيليا من دمياط، وحدث شبه انهيار اقتصادي في الورش الخاصة بالموبيليا، وجاء قرار الرئيس الراحل محمد أنور السادات بطرد الخبراء قبل حرب 1973، ما جعل العلاقات تتوتر بشكل مباشر، ولكن كان هناك انتعاشا اقتصاديا أثناء الصفقة بين روسيا ودمياط، حتى حدثت تلك الأزمة الاقتصادية".
أوضح: "جزء كبير من تكوين شخصيتي في صغر سني هي كتب يوسف إدريس ومصطفى محمود ومجلة روزاليوسف، حيث كنت احتفظ بجميع أعداد المجلة في فترة السبعينيات، وكنت أحفظها بشكل مستمر، وكان الكاتب الكبير صلاح حافظ أيقونة بالنسبة لي من حيث الأسلوب الساحر صحفيا، ولم أرى مثله كثيرا بعد ذلك".
وواصل: "توفرت لي فرصة ذهبية بعد انتقالي من المدينة إلى القرية في ذلك التوقيت تحديدا، لأن مصر كانت طبيعية للغاية والدين الضمير كان حاضرا تماما في القرية، والناس تتعامل بكل أمانة وضمير، والطقوس لم يكن لها نفس السطوة الطاغي، فقد رأيت حياة اجتماعية حين احكي لها عن أولادي الآن، يقولون إنها خيال علمي".
وتابع: "والدتي وعماتي وخالاتي كانوا بدون حجاب في قرية الشعراء، وكان هذا أمر طبيعي للغاية، والأغرب أنه كانت تتوافد فرق أغاني ورقص من محافظة المنصورة إلى القرية، وكان الفلاحين يشاهدونها باستمتاع، وكانت أغاني من الممكن أن تكون خليعة وخارجة للغاية بالمقياس الحاضر في زمننا الحالي".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة