تحل اليوم ذكرى ميلاد الشاعر التونسى الشهير أبو القاسم الشابى الذى حقق اسمه شهرة واسعة في الوطن العربي حتى حفظ قصائده طلاب المدارس على الرغم من كونه توفى في سن صغيرة إذ رحل عن عالمنا في عمر الخامسة والعشرين.
ولد أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم بن إبراهيم الشابى عام 1909 في بلدة الشابة التابعة لولاية توزر، وترجع دماء نسبته إلى أبيه الشيخ محمد الشَابي الذى اتسم بالتقوى والصلاح، وكان يقضي وقته بين المسجد والمحكمة والمنزل، وقد كان لهذه النشأة أثر في حياة الشابي؛ فقد حفظ القرآن الكريم، ثم التحق بجامعة الزيتونة عام 1920، وتخرج فيها عام 1928 والتحق بعد ذلك بمدرسة الحقوق بجامعة الزيتونة بتونس، وحصل منها على ليسانس الحقوق عام 1930 ميلادية.
وقد قدم الشابي العديد من المقالات والقصائد التي حظيت بالاهتمام والنشر في مختلف الصحف التونسية والمصرية.
ألقى العديد من المحاضرات في نوادي العاصمة تونس وولاية توزر، وقد ذخرت ذاكرة الأدب العربي بما قدمه لها من قصائد منها: "إرادة الحياة"، و"صلوات في هيكل الحب" وقد داهمته مخالب مرض "القُلاب" منذ ولادته، وكان يشكو من تضخم في القلب فارق على أثره الحياة وهو في ريعان شبابه، حيث وافته المنية عام 1934.
من أشعاره:
ألَا أيُّهَا الظالمُ المُسْتَبِّدُّ حبيبَ الفَناءِ، عدوَ الحياهْ
سَخِرْتَ بأنَّاتِ شَعْبٍ ضعيفٍ وكفكَ مخضوبةٌ من دِماهْ
وعِشْتَ تدنِّسُ سِحْرَ الوُجودِ وتَبذرُ شوك الأسَى في رُباهْ
رُوَيْدَكَ، لا يَخْدَعَنْكَ الربيعُ وَصَحْوُ الفَضَاءِ وَضَوْءُ الصَّباحْ
ففي الأفُقِ الرَّحْبِ هولُ الظَّلام وقَصْفُ الرُّعُودِ، وعَصْفُ الرِّيَاحْ
ولا تَهْزَأَنَّ بِنَوْحِ الضَّعيفِ فمن يَبْذُر الشوكَ يَجْنِ الْجرَاحْ
تَأَمَّلْ! هُنَالِكَ، أنى حَصَدْتَ رُءُوسَ الوَرَى، وزُهُورَ الأمَلْ
وَرَوَّيْتَ بالدَّمِ قَلْبَ التُّرَابِ وأشربتَه الدمعَ حَتَّى ثَمِلْ
سَيَجْرفُكَ السَّيْلُ سَيْلُ الدِّماءِ ويأكُلكَ العاصِفُ المشتعِلْ!
وفى قصيدته الجنة الضائعة يقول:
قد كنتُ في زَمَنِ الطُّفُولَةِ والسذَاجَةِ والطَّهُورْ
أحيا كما تحيا البلابلُ والجداولُ والزُهورْ
لا تَحْفِلُ الدُّنيا، تَدورُ بأهلِها أو لا تَدُورْ
واليومَ أحيا مُرْهَقَ الأعصابِ مشبوبَ الشُّعُورْ
مُتأجِّجَ الإحساسِ، أَحْفِلُ بالعظيم وبالحقيرْ
تَمْشي على قلبي الحياةُ، ويَزْحَفُ الكونُ الكبيرْ
هذا مَصيري، يا بَني الدنيا، فما أشْقَى المَصيرْ!
وإلى قصيدته الأشهر إرادة الحياة والتي يقول فيها:
إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ
فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ
ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي
ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ
ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ
تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ
فويلٌ لمَنْ لم تَشُقْهُ الحياةُ
من صَفْعَةِ العَدَمِ المنتصرْ
كذلك قالتْ ليَ الكائناتُ
وحدَّثَني روحُها المُستَتِرْ
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة