سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 فبراير 1958.. عبدالناصر يسافر سرا إلى دمشق لأول مرة بعد يومين من الوحدة مع سوريا ومئات الآلاف فى شوارع دمشق فور انتشار الخبر

السبت، 24 فبراير 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 24 فبراير 1958.. عبدالناصر يسافر سرا إلى دمشق لأول مرة بعد يومين من الوحدة مع سوريا ومئات الآلاف فى شوارع دمشق فور انتشار الخبر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
استدعى الرئيس جمال عبدالناصر إلى القاهرة الملحق العسكرى المصرى فى سوريا، عبدالمحسن أبوالنور، يوم 22 فبراير 1958، بعد انتخاب «عبدالناصر» رئيسا لدولة الوحدة بين مصر وسوريا «الجمهورية العربية المتحدة»، حسبما يكشف فى مذكراته «الحقيقة عن ثورة يوليو»، مضيفا: «أخبرنى الرئيس عبدالناصر بأنه سيذهب إلى دمشق يوم 24 فبراير- مثل هذا اليوم - 1958، وناقش معى ترتيب وصوله وإقامته، وطلب اتخاذ الترتيبات اللازمة مع المسؤولين فى سوريا لإقامته، على أن يظل موعد وصوله وإقامته إلى دمشق سريا لا يعرفه أحد غيرى، حيث إن أعداء الوحدة متربصون بأى فرصة قد تسنح لإفشالها». 
 
يتذكر «أبوالنور» أن «عبدالناصر» روى له أنه حدثت اتصالات مع ضابط مصرى من سلاح الطيران لضرب طائرته، وأن الضابط اتصل بالمشير عبدالحكيم عامر، وأخطره بهذه المؤامرة، وأنهم أعطوه مبلغا كبيرا لتنفيذها، ولذلك فيجب أن يظل موعد وتاريخ سفره سريا، وأن منزل الرئيس السورى، شكرى القوتلى، سيكون أول مكان يذهب إليه بمجرد وصوله إلى مطار دمشق، وطلب «عبدالناصر» من «أبوالنور» أن يتفق مع على صبرى ليقوم بإخطاره بموعد الوصول.
 
يؤكد «أبوالنور» أن على صبرى اتفق معه على أنه سيخطره بمجرد قيام الطائرة التى تقل الرئيس، واتفقا على صيغة يقول فيها: «أنا جاى لك النهاردة لعمل ترتيبات زيارة الرئيس لسوريا»، وعاد «أبوالنور» إلى دمشق فى نفس اليوم، ويتذكر: «اتصلت برئاسة الجمهورية السورية لعمل ترتيب إقامة «عبدالناصر» عندما يحضر، واتفقنا على تجهيز قصر الضيافة فورا لاستقباله فى أى وقت، كما اتصلت باللواء عفيف البذرى قائد الجيش، والمقدم عبدالحميد السراج لعمل الترتيبات الأمنية اللازمة لاستقباله، وتمت هذه الترتيبات يوم 23 فبراير 1958، دون أن يعلم أحد بموعد الوصول، كما قمت بزيارة «القوتلى»، وأخطرته بأن الرئيس عبدالناصر حريص على أن يكون منزله أول مكان يذهب إليه، فكان لها وقع طيب فى نفسه، وطلب منى أن أخطره بموعد وصوله ليكون فى استقباله».
 
أجرى على صبرى اتصاله مع «أبوالنور»، وفقا للصيغة المتفق عليها بينهما «أنا جاى لك النهاردة»، ويذكر «أبوالنور»: «ذهبت إلى عفيف البذرى قائد الجيش، وأخطرته أن الرئيس عبدالناصر سيصل بعد قليل، وسيكون الاستقبال سريا لدواع أمنية، فطلب من عبدالحميد السراج سرعة عمل ترتيبات الاستقبال، وتجهيز السيارات اللازمة له، ولمن معه، ثم اتفقنا على أن يذهب هو ورؤساء الشعب فى قيادة الجيش إلى المطار قبل وصول الطائرة بنصف الساعة، ثم قمت بالاتصال بالرئيس القوتلى وأخطرته بأن الرئيس فى طريقه إلى دمشق، وسيحضر إليه فى منزله بمجرد وصوله، وفى القيادة اجتمعت قيادات الجيش السورى، ثم ذهبنا إلى المطار، وقام المقدم السراج بالاتصال بالمسؤولين عن المطار لعمل الترتيبات لوصول ضيف كبير دون أن يعرف أحد شخصية هذا الضيف».
 
يتذكر «أبوالنور»: «وصلت طائرة الرئيس قبل ظهر 24 فبراير- مثل هذا اليوم- 1958، وقام الحاضرون باستقباله ثم صحبناه إلى استراحة المطار، وبمجرد وصوله عرف من بالمطار، فالتفوا حوله هاتفين ومرحبين ثم ركب الجميع السيارات متجهين إلى منزل الرئيس القوتلى الذى استقبله معانقا».
 
يضيف «أبوالنور»، أنه بمجرد وصول «عبدالناصر» إلى منزل القوتلى سرى النبأ فى دمشق كلها، وفى لمح البصر ملأت آلاف الجماهير السورية الشارع الذى فيه منزل «القوتلى»، وهو نفس الشارع الموصل إلى الاستراحة التى سيقيم فيها «عبدالناصر» هاتفة ومرحبة بطريقة لم أراها فى حياتى، وبعد فترة من الراحة اصطحب الرئيس عبدالناصر الرئيس شكرى القوتلى بسيارة واحدة متجهين إلى قصر الضيافة، الذى لا يبعد عن منزل الرئيس السورى بأكثر من 200 متر، ولكن ضغط الجماهير الحاشدة التى جاءت من كل مكان جعلت هذا الركب يقطع هذه المسافة فى أكثر من الساعة، ونحن نحاول جاهدين شق الطريق للسيارة لتصل إلى قصر الضيافة، فقد حملتها الجماهير على أكتافها».
 
يتذكر «أبوالنور»: كان هذا الاستقبال المنقطع النظير مسار تعليق جميع محطات الإذاعة والصحف فى كل أنحاء العالم، وبعد وصول «عبدالناصر» إلى قصر الضيافة، طالبته الجماهير بإلقاء كلمة فخرج إلى الشرفة، ومعه «القوتلى» وخطب فيهم كما خطب «القوتلى».
 
يؤكد «أبوالنور»: استمرت الجماهير المحتشدة أمام قصر الضيافة بعشرات الآلاف ليلا ونهارا، حتى إنهم أمضوا الليلة فى الميدان والشوارع المطلة على القصر، وخرج إليهم «عبدالناصر» محييا وخطب فيهم لعدة مرات، وفى الأيام التالية زادت الحشود فى الميدان والشوارع المحيطة بقصر الضيافة بوفود قادمة من جميع أنحاء سوريا، بل بدأت الجماهير العربية تعبر الحدود السورية قادمة من لبنان والأردن والعراق، كما بدأ زعماء الأحزاب فى لبنان وسوريا والأردن يتوافدون لمقابلة «عبدالناصر».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة