يمتلئ تاريخ دولة الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1948، بمجازر التطهير العرقي، المتورطة فيها عصابات الصهاينة في فلسطين، وكان واحدا من أشرس هذه المجازر ما ارتكبته عصابات الهجانا في مايو 1948 ضد سكان قرية الطنطورة التي تقع جنوب مدينة حيفا، والتي راح ضحيتها نحو 280 فلسطينيا غالبيتهم من الرجال، ودفنوا في مقابر جماعية، ثم دمرت القرية، وهُجر من نجا منها خارج حدود دولة الاحتلال.
وتعد الطنطورة إحدى القرى الفلسطينية العريقة التي يمتد تاريخها إلى القرن الـ 13 قبل الميلاد، وتقوم هذه القرية علي بقايا قرية (دور) الكنعانية وتعني المسكن، وتبعد عن حيفا 24 كم وترتفع 25 كم عن سطح البحر، وهو السبب الذي يرجع إليه سبب تسميتها بالطنطورة حيث أنها تتخذ شكل "طنطور" أي مرتفع على هيئة قمع مخروطي الشكل، وتحتل القرية موقع متوسط بين المراكز التجارية الكبرى في مدينتي حيفا ويافا، مما جعلها حلقة وصل للنشاط التجاري، وهو ما انعكس على امتلاكها محطة قطار وميناء بحري، لذلك كانت مطمع للاحتلال الذي تباحث بشأن هذه القرية التي لم تخضع لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي رغم وقوعها في المنطقة المحتلة التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1947 .
كانت الطنطورة الهدف الأول أمام عصابات الهجانا بعد أسبوع واحد من إعلان قيام دولة إسرائيل، وتحديدا في 23 مايو 1948، حيث شن أفراد الكتيبة 33 بقيادة دان إبشتاين، هجوما على القرية من جميع الجهات، وأُغلقت مداخل القرية والطرق المؤدية لها، لمنع وصول أي دعم من القرى المحيطة، ومع حلول الصباح سقطت القرية التي لم يكن يمتلك أهلها الذخيرة أو السلاح الذي يمكنهم من مجابهة هذه العصابات، حيث تم فصل النساء والأطفال عن الرجال والذكور الذين تخطى عمرهم الـ 14 عاما إذ أطلق الجنود عليهم النيران.
وبعد انتهاء القتل الجماعي، كانت شوارع القرية قد امتلأت بالجثث، الأمر الذي دفع الاحتلال إلى حفر خنادق لدفن الجثث في مقابر جماعية، كما قاموا بسرقة أموال وذهب أهالي القرية.
ويقدر عدد ضحايا المجزرة، بنحو 280 شخصا غالبيتهم من الرجال، أما النساء والأطفال الذين قُدر عددهم بنحو 1200 فرد، فقد اقتيدوا سيرا على الأقدام إلى إلى قرية الفريدس المحاذية، وهدمت الطنطورة بكاملها، ووضعت سلطات الاحتلال يدها على كافة أراضيها.