ألقى الدكتور محمود محيى الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030 للتنمية المستدامة، محاضرة فى المؤتمر الثانى عشر للبيئة والتنمية فى الوطن العربى بجامعة أسيوط تحت عنوان (فى التنمية المستدامة والأزمات الاقتصادية: كيف يسهم نهج الاستدامة طويل الأجل فى التصدى للتحديات الراهنة فى الوطن العربي)، وذلك بحضور محافظ أسيوط ورئيس جامعة أسيوط.
واستعرض الدكتور محمود محيى الدين خلال المحاضرة الأوضاع الاقتصادية عالمياً وإقليمياً ومحلياً وخاصة على خلفية الأزمات الأخيرة كما تطرق لعلاقتها بإمكانية تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأكد على أهمية الاستثمار فى البشر والبنية الأساسية وخاصة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعى وكذلك الاستثمار فى كل ما يرتبط بالاستدامة وكذلك تغيرات المناخ.
وفى حديثه عن أولويات السياسة الاقتصادية، أكد الدكتور محمود محيى الدين على أهمية استهداف التضخم وأولويته على استهداف سعر الصرف، وضرورة استخدام التدابير الممكنة لمكافحة الغلاء والفقر من خلال السياسات النقدية وأدوات سعر الفائدة وسياسات المالية العامة بتحديد أولويات الإنفاق العام من أجل إتاحة المزيد من فرص العمل وزيادة الدخول للتعامل مع التحديات التى تواجه الطبقات الأكثر احتياجا فى المجتمع وكذلك الطبقة الوسطى بسبب زيادة عبء التضخم وتراجع النمو منذ بداية العقد.
وجاءت أسئلة الحاضرين عن مجالات التنوع الاقتصادى والاستثمار الزراعى والصناعى، وأهمية التوعية والتعليم فيما يتعلق بقضايا التنمية المستدامة، ومتطلبات الاستثمار فى المحافظات، وكذلك إمكانية الاستفادة من تطورات الاستثمار فى الساحل الشمالى ومشروع رأس الحكمة فى التنمية فى عموم البلاد
وفى إجابته عن أسئلة الحضور أكد الدكتور محمود محيى الدين على أهمية دفع الاستثمارات والتصدير، وتحقيق الانضباط المالى وتحجيم الاعتماد على الاستدانة لأقصى درجة والاعتماد على بدائل أخرى للتمويل من خلال مشروعات المشاركة والاستثمار الخاص الأعلى كفاءة فله القيمة المضافة العالية ذات التوجه التصديرى والقدرة على الابتكار والمرونة فى التعامل مع مستجدات السوق المحلى والعالمى.
وفيما يتعلق بتطورات الاستثمار وتنمية مشروعات رأس الحكمة، أكد الدكتور محمود محيى الدين أنها تمنح فرصاً ملائمة للدولة بتوفير مجالات تسمح بمرونة أكبر لمؤسسات وسلطات الدولة الاقتصادية وزيادة إمكانياتها فى التعامل مع ضغوط سوق النقد الأجنبى على أن تكون بداية لمسار يعتمد على الاستثمارات الخاصة فى التمويل وتوفير فرص العمل تنتفع به كافة محافظات الجمهورية من خلال تمكينها لكى تكون طرفاً فاعلاً فى سلاسل الإمداد المرتبطة بهذا المشروع وغيره.
وأوضح أن مثل هذه المشروعات إذا أحسن التعامل مع مجالات توسعها فى المستقبل تتطلب احتياجات لتنفيذها من منتجات القطاعات الإنتاجية كالصناعة، ومواد البناء وتجهيزاتها، والأثاث وتساهم فى توفير فرص عمالة كبيرة مباشرة وفرص أكبر غير مباشرة، كما أن مثل هذه المشروعات كبيرة الحجم طويلة الأمد فى تصميمها وإعدادها وبنائها، تستلزم فى إتمامها كافة الشرائح فى سوق العمل من عمالة فنية ومتخصصة، ومن دعم النشاط الإنتاجى، وباعتبار أنها ستكون كما أعلن مجالاً للإقامات الدائمة ستحتاج كافة الأنشطة المساندة للحياة من أطباء ومهندسين ومعلمين ومقدمى الخدمات المختلفة. أما الأثر العاجل لها سيكون بتخفيض الديون وخدمتها فى حدود الأرقام التى أعلنها رئيس مجلس الوزراء وتوفير حصائل من النقد الأجنبى تضخ فى القنوات الرسمية. والأهم بألا تختزل باعتبارها صفقة مالية كبيرة ولكنها تأتى كما ينبغى فى إطار سياسة عامة متكاملة للاستثمار والتنمية تدفع بالنمو والتشغيل وتخفض الديون تهدف إلى مكافحة الغلاء والتضخم وتيسير حركة الأسواق والتجارة الدولية تصديراً واستيراداً وجذباً للاستثمار المباشر واستعادة ثقة تحويلات العاملين المصريين لتتدفق مرة أخرى من خلال البنوك القطاع المالى المنظم.
وأكد محيى الدين أن هناك فرصاً كبيرة تتاح لأبناء أسيوط وغيرها من محافظات مصر بما فى ذلك محافظات الصعيد للاستفادة من الاستثمارات التى تتيحها مشروعات البنية الأساسية التقليدية لكى تكون جزءا من تطورات الاقتصاد العالمى وتساهم فى التواصل معه. وأكد مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة أنه حتى تتحقق أهداف التنمية المستدامة يجب أن تتوفر شروط الاستقرار والنمو وتمويله من خلال الاستثمار. وأن يكون هناك إطار اقتصادى كلى متوازن متعارف عليه بعيداً عن القرارات والإجراءات الاستثنائية ذات التكاليف العالية والمنافع المؤقتة المحدودة هذا أن تحققت أصلاً.
وأكد أن مصر لها من فرص التنوع الاقتصادى الاستثمارى الانتاجى والتصديرى ما يؤهلها بتجاوز الأزمات والتحديات الراهنة، وأن من فرصها الأكبر هى أجيال شبابها كالذين نراهم اليوم فى جامعة أسيوط العتيدة. فعالم الاستدامة والتحول الرقمى والذكاء الاصطناعى يحتاج أكثر من أى وقت مضى لشباب مجتهد راق التعلم متطلع للمنافسة فى أسواق العمل.