أبطال من غزة.. فلسطينية بترت قدمها وأصيبت الأخرى تحت القصف تروي المأساة: قص القدم دون بنج كانتزاع الروح من الجسد..الاحتلال قصف سيارة إسعاف حاولت إنقاذي.. وطبيب بمستشفى شهداء الأقصى: نضطر إلى بتر العضو دون تخدير

الثلاثاء، 27 فبراير 2024 10:33 ص
أبطال من غزة.. فلسطينية بترت قدمها وأصيبت الأخرى تحت القصف تروي المأساة: قص القدم دون بنج كانتزاع الروح من الجسد..الاحتلال قصف سيارة إسعاف حاولت إنقاذي.. وطبيب بمستشفى شهداء الأقصى: نضطر إلى بتر العضو دون تخدير الفلسطينية أسماء شحادة
كتب أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

** أسماء شحادة: رأيت شقيقي ينطق الشهادتين ولم أسمع صوته بسبب القصف.. وفوجئت ببتر ساقى  بعد العملية


**  مؤسسات حقوقية فلسطينية: من المتوقع أن يخلف العدوان العسكري نحو 12 ألف حالة إعاقة جديدة
 

في الليلة السابقة لقصف الاحتلال لها ولأسرتها، كانت تجلس مع أسرتها، في إحدى مدارس الإيواء،  تسمع بناتها أصوات الرصاص والقصف على مدار 24 ساعة، تحاول أن تطمئن الصغار بأنهن سيكونن بخير، تبحث عن طعام لهن، وتحكى الحواديت كي يطمئنن، تصرخ إحدى بناتها من ارتفاع صوت القصف في محيط المنطقة التي يعيشون فيها، وبالتحديد مخيم جباليا، تترجل على قدميها نحوها لتطبطب عليها، وتؤكد لها أن هذا الحال لن يستمر كثيرا، وتنام الأسرة مع عشرات الأسر في فصل واحد بإحدى فصول تلك المدرسة، ولم تكن تعلم أنه خلال 24 ساعة فقط، لن تستطيع أن تمشي على قدميها لتحضن بناتها، ولن تعود لمنزلها مرة أخرى ماشية على قدميها، ببساطة لأن هناك احتلالا قرر أن يقصف المدرسة النازحين إليها، وتصاب في هذا القصف، تهرول أسرتها نحو المستشفى لمحاولة إسعافها، لتجد نفسها مضطرة إلى بتر قدمها اليسرى، في مستشفى بلا مستلزمات طبية أو أدوية.

 

هذه ببساطة قصة المواطنة الفلسطينية أسماء شحادة، واحدة من آلاف القصص المبكية والتي يشهدها قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، الأمر لا يتوقف فقط على استشهاد أكثر من 29 ألف فلسطينيا وإصابة أكثر من 69 ألف جريحا، حيث وفقا لأخر إحصائية أعلنتها وزارة الصحة الفلسطينية يوم الخميس 22 فبراير، كانت ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 29 ألفا و410 شهداء و69 ألفا و465 مصابا منذ السابع من أكتوبر الماضي، ولكن هناك مئات الحالات التي اضطرت لبتر قدمها أو ذراعها أو أعضاء أخرى من الجسد بسبب شظايا القصف، أو دمار منازلهم فوق رؤوسهم، لم يفرق الاحتلال بين طفلا وسيدة وشيخا، صحفيا أو طبيبا أو عالما، الجميع مستهدف بلا استثناء في عدوان هو الأبشع في التاريخ الحديث.

أسماء شحادة وبناتها
أسماء شحادة وبناتها

 

في أغلب الحالات، تجد ذوي الهمم ولدوا بإعاقة دامت معهم طوال سنوات عمرهم، وقد يصاب الشخص بالإعاقة خلال طفولته أو في حادثة، ولكنها في النهاية حالات فردية، إلا أن تتحول لحالة عامة، وتجد نفسك قد فقد ذراعك أو قدمك، بسبب عدوانا لا يحترم أي قوانين أو أعراف دولية، يستهدف المدنيين في كل شبر في غزة، فلم يعد هناك مكانا آمنا في القطاع، يستهدفك في منزلك أو مقر عملك أو في خيام النازحين أو مدارس ومراكز الإيواء، وكذلك في المستشفى التي تعالج فيها، بل وبعد الوفاة ينبش في قبرك.

نعود لقصة المواطنة الفلسطينية "أسماء شحادة"، والتي اخترنا أن نسلط الضوء عليها لأنها تعد أحد أصعب الحالات الإنسانية التي يشهدها القطاع في ظل استمرار العدوان، البشاعة في الأمر أنه خلال القصف استشهد شقيقها أمامها، لم يستطع أحد نقلها المستشفى بعد القصف إلا بصعوبة، بجانب الصعوبة الكبيرة التي واجهتها هي وأسرتها من أجل أن تستطيع الوصول لمستشفى المعمدانى، التي كانت قد قصفت قبلها بأسابيع قليلة، شعور لا يمكن أن يوصف لسيدة فلسطينية لاقت ما لا يمكن أن تلقيه أي سيدة في أي دولة بالعالم الحديث.

توصلنا مع "أسماء شحادة"، والتي ما زالت في قطاع غزة  والتي بالكاد استطعنا الحديث معها بسبب ضعف الاتصالات والإنترنت بشكل كبير، لتحكي تفاصيل الإصابة متأثرة من تذكر هذه المواقف الأليمة، إلا أن اليأس لم يتملك منها :" في البداية كنا في مدارس إيواء منذ بداية الحرب، وبعد انتهاء التهدئة مباشرة تحركنا إلى المدارس، وكان القصف جنوني وعشوائي على المنازل والشوارع وكل مكان حتى تم إبلاغنا من جيش الاحتلال من خلال اتصال على المدرسة بأن نتحرك من شمال غزة منطقة جباليا الفالوجا ونتوجه إلى مدارس غرب غزة وأن منطقة مخيم جباليا منطقة قتال عسكرية".

وتضيف المواطنة الفلسطينية، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، من القطاع :"توجهنا نحن والنازحين الموجودين في المدرسة نحو الغرب بناء على طلب الاحتلال كان ذلك يوم السبت الموافق 2 ديسمبر، وذهبنا إلى مدرسة مسيحية اسمها مدرسة العائلة المقدسة، ولكن في الليل كان القصف وإطلاق الرصاص عنيف للغاية حول المدرسة، وعند صباح الأحد قررنا التحرك نحو مجمع مدارس يبعد عشرة دقائق عن هذه المدرسة ظنا أنه أكثر أمانا، وبدأنا في التحرك على مجموعات من المدرسة إلى مدرسة أخرى".

وتكشف أسماء شحادة لحظة إصابتها واستشهاد شقيقها قائلة :"انطلقت انا وشقيقي محمود الذي يبلغ من العمر ١٩ عاما، وبناتي جنى ورشا، ومعنا جارتي أم ناصر وصديقتي سامية في مجموعة، نحو الباب ونحن نحمل أمتعتنا وحقائب فيها الأوراق الثبوتية وبعض الملابس وبعض المعلبات، وكانت المجموعة التي أمامنا قد تحركت ونحن خرجنا خلفهم، وبدأت أنادي على بنتي الصغيرة رشا وأقول لها "احكي يا ماما اللهم أني استودعتك نفسي ومن معي الله بسمع من الصغار يا ماما"، ثم فجأة سقطت على الأرض ولم أسمع ولا أرى شيئا لمدة ثواني، وبصوت منخفض طلبت منهم الدخول إلى المدرسة لأنها أكثر أمان، وأصيبت ابنتاي بشظايا خارجية في أرجلهما، بينما جارتي استشهدت بجانبي، وصديقتي بترت قدمها اليسرى مباشرة وهي تخرج من باب المدرسة، ليتم سحبهما نحو الداخل حيث كانتا على باب المدرسة مباشرة".

 

طبيب بريطاني فلسطيني: 900 طفل في غزة خضعوا لعملية بتر أطرافهم منذ بداية الحرب
 

في أخر شهادة لطبيب فلسطيني يحمل الجنسية البريطانية، عاد مؤخرا إلى العاصمة لندن أكد أن حوالي 900 طفل في غزة خضعوا لعملية بتر أطرافهم منذ بداية الحرب، وذلك بعدما نقلت صحيفة التليجراف البريطانية، شهادته حول الأحداث، حيث أكد البروفسور غسان أبو ستة، أنه اضطر إلى بتر أطراف 6 أطفال بمفردهم في ليلة واحدة، مؤكدا أن العديد من الأشخاص الموجودين على طاولة العمليات كانوا ضحايا صواريخ شظايا أطلقها الإسرائيليون، واحتاجوا إلى بتر أجزاء صعبة للغاية من أجسادهم مثل منتصف الفخذ، بينما كان على المسعفين أن ينشروا من خلال قطعة من القماش شبكة من العضلات السميكة، وعظم الفخذ، أقوى عظم في الجسم.

شهادة الطبيب البريطاني الفلسطيني تكشف إلى حد كبير حجم المأساة، والحالات الصعبة التي تأتى لمستشفيات غزة، وتحتاج لعمليات جراحية عاجلة في ظل ضعف الإمكانيات الطبية ومحاصرة واقتحام العديد من المستشفيات، وعدم وجود مستلزمات طبية ومواد تخدير، ولعل آخر حالة سمعنا عنها لفلسطينى تم بتر ساقه كانت الصحفى الفلسطينى إسماعيل أبو عمر، والذى اضطر الفريق الطبي المعالج له إجراء عدة عمليات جراحية له لإنقاذه، وهذا ما عرفناه، وبالتأكيد هناك العديد من الحالات التي لم نسمع عنها أو التي لم تكن هناك فرصة سماع معاناتها.

 

أسماء شحادة تكشف تفاصيل إصابتها واستشهاد شقيقها وجارتها
 

تواصل السيدة الفلسطينية أسماء شحادة الحديث عن تفاصيل إصابتها واستشهاد شقيقها بجوارها بصوت ثابت محتسب عند الله، قائلة :"بدأت أنظر إلى قدماي كانت مليئة بالشظايا الكبيرة وكانت كسور في قدمي اليمين حيث لم استطيع التحرك من نزيف الدم والكسور، وعند قدمي كان شقيقي محمود ملقى على الأرض ويرفع إصبعه السبابة وينطق الشهادة، بدأت انادي "محمود ياخوي اسمعني محمود رد عليا ياخوي" ولكني لم أسمع صوته، حيث كنا قد أصبنا بالصاروخ وصوت الرصاص كان قويا للغاية حتى لا يخرج أحد وينقذنا حيث أصبحنا في الخارج أنا وشقيقي لمدة ١٥ دقيقة، بينما الرصاص الحي لا يتوقف".

محمود شقيق أسماء شحادة
محمود شقيق أسماء شحادة
 

وعن موعود وصول فرق الإسعاف لهم لنقلهم للمستشفى تقول :"سمعت صوت سيارة إسعاف ولكن قام الجيش بضربها بقذيفة حتى لا تتقدم، وكان الالم أشبه بسكين ساخن للغاية يقطع في رجلي اليسار، ثم بدأت أزحف نحو الباب وأبي يصرخ ولكن لا يستطيع أن يسحبني من الرصاص، ثم وصلت الباب وأنا ازحف وسحبوني نحو الداخل، وأبي وبعض الشباب انبطحوا على الأرض وسحبوا شقيقي محمود، ثم حملوني إلى الطابق الأول في المدرسة إلى جانب جارتي سامية التي بترت قدمها مباشرة وأخي محمود بجانبي، ثم جاءت سيارة إسعاف أخرى وتم قصفها ".

وتتابع :"بدأ شقيقي محمود يتكلم مع أبي ويقول "أنا عطشان فاعطوه قليل من الماء ثم بدأ يردد يابا أنا بردان غطيني كان أخي قد أصيب بشظية دخلت من ظهره وخرجت من بطنه وخرجت أمعاءه وأحشاءه إلى الخارج، وبالفعل المحيطين بنا حاولوا إنقاذ محمود ولكنه استشهد، وكان النزيف لا يتوقف، وكانت في المدرسة التي نتواجد بها ممرضتين وطبيب أسنان حاولوا إنقاذنا بالطرق البسيطة البدائية ولكن كنا في حالة إغماء و كل ما نغيب عن الوعي يحاولوا إيقاذنا".

وبشأن كيفية وصول سيارة الإسعاف لها ولجارتها لنقلهما للمستشفى للعلاج توضح :"بعد ٤٥ دقيقة من وجودنا في المدرسة والنزيف لا يتوقف، قرر أبي وبعض الشباب في المدرسة أن ينقلوني أنا وسامية حملا إلى أقرب مكان آمن حتى يأتي الإسعاف وينقذنا، وبدأت مرحلة الحمل حيث وضعوني على بطانية وخرج أبي في المقدمة من باب المدرسة يحمل راية بيضاء على عصا ووقف أمام الباب، ثم أعطى إشارة للشباب ليتحركون وينقلونا حملا على بطانية مدة ١٠ دقائق سيرا على الأقدام ".

 

انتهاكات الاحتلال ضد ذوى الإعاقة في غزة منذ بداية العدوان
 

الاحتلال يمعن في زيادة معاناة ذوى الهمم في القطاع، وهو ما حذرت منه مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، في 8 فبراير الجاري، في ظل تفاقم معاناة الأشخاص ذوي الإعاقة نتيجة استمرار جريمة الإبادة الجماعية التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث يتعرض نحو 58 ألف فرد من الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة، لانتهاكات جسيمة خلال العدوان العسكري الإسرائيلي الواسع والمستمر، ما أدى إلى استشهاد وإصابة المئات منهم، معلنا أنه من المتوقع أن يخلف العدوان العسكري نحو 12 ألف حالة إعاقة جديدة.

 

بيان المؤسسات الحقوقية الفلسطينية
بيان المؤسسات الحقوقية الفلسطينية

وأضافت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، في بيان نشره الموقع الرسمي لمركز الميزان لحقوق الإنسان حينها، أن الأشخاص ذوي الإعاقة يعانون صعوبات هائلة أثناء عمليات النزوح القسري، كما لم تستثنيهم قوات الاحتلال من عمليات الاعتقال والتنكيل التي طالت عشرات الآلاف من المدنيين والمدنيات منهم، حيث خلال العدوان، استهدفت قوات الاحتلال عددا كبيرا من المنشآت الطبية والإنسانية التي تقدم خدمات تأهيلية وطبية للأشخاص ذوي الإعاقة. فقد دمرت مستشفى الشيخ حمد للتأهيل والأطراف الصناعية، ومستشفى الوفاء للتأهيل الطبي، ومركز الأدوات المساعدة التابع للإغاثة الطبية، ومقر الاتحاد الفلسطيني العام للأشخاص ذوي الإعاقة في محافظة الشمال، ومدينة الأمل لبناء القدرات التابع للهلال الأحمر في غزة، ولحقت أضرار فادحة بعدد كبير من الجمعيات الخاصة بتأهيل المعاقين، واستراحة الشاطئ الموائمة للأشخاص ذوي الإعاقة.

وذكرت أن الأشخاص ذوو الإعاقة على اختلاف إعاقاتهم يعانون صعوبات هائلة في عمليات النزوح القسري المتكررة؛ لصعوبة حركتهم وحاجتهم لمساعدة الآخرين، في وقت يحاول الجميع أن ينجو بنفسه، فيما تتفاقم معاناتهم خلال الفرار من القصف، بسبب الدمار الهائل في الشوارع والبنى التحتية، والذي شكل عائقاً أمام محاولة الهروب باستخدام الكراسي المتحركة وغيرها من الأجهزة المساعدة، خاصة في ظل غياب تحذيرات مسبقة في معظم الأحيان، كما عانى الآلاف من الأشخاص ذوي الإعاقة من صعوبة العثور على مأوى ملائم، والحصول على المياه والغذاء والدواء والأجهزة المساعدة مثل الكراسي المتحركة والمشايات وأجهزة السمع والفرشات الطبية الهوائية للمقعدين حركياً التي يحتاجون إليها بشدة، وأدى انقطاع الكهرباء إلى صعوبات كبيرة في إجلاء الأشخاص ذوي الإعاقة من المباني المرتفعة.

يأتي استهداف ذوي الإعاقة والهمم من جانب الاحتلال للفلسطينيين، مخالفا لكل القرارات والقوانين الدولية التي تمنع استهداف ذوي الإعاقة، وتعطى حماية لهم في أوقات النزاع المسلح، والتي أبرزها قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2475، والذي أكد على مسؤولية الدول لضمانها.

واستشهدت تلك المنظمات الحقوقية الفلسطينية، بشهادة الدكتور ناهض أبو طعيمة، مدير مجمع ناصر الطبي، الذي أكد أن ارتفاع إصابات بتر الأطراف بشكل كبير يعود لاستخدام قوات الاحتلال أنواعا جديدة من الأسلحة تؤدي إلى هذه الإصابات الخطيرة، حيث تضاعف تدفق أعداد كبيرة من المصابين يوميا إلى المستشفيات من احتمالات حدوث إعاقات دائمة للجرحى، كما أثر تأخر نقل بعض الجرحى إلى المستشفيات بمضاعفة أوضاعهم الصحية وصعوبة تعامل الطواقم الطبية معهم.

 

صعوبة وصول أسماء شحادة للمستشفى لتلقى العلاج بعد الإصابة
 

"كان الجيش الإسرائيلي يطلق الرصاص فيتوقف الشباب بجانب حائط ويضعوني على الأرض وعندما يتوقف يحملوني ويسيرون، حتى وصلنا لمدرسة بعيدة عن الجيش الإسرائيلي ووضعونا على الأرض ثم ذهبوا وأحضروا الإسعاف لتنقلنا إلى المستشفى المعمداني والتي وضعتنى على الأرض كنت أسمع كل شيء ، حيث كانت الحالات كثيرة للغاية ولا يوجد مكان"، هكذا تصف أسماء شحادة حجم تدهور المنظومة الصحية في غزة بسبب استمرار العدوان، وكثرة الإصابات التي تصل للمستشفيات، متابعة :"وصلت المستشفى المعمداني الساعة ١١ صباحا تقريبا، ثم بدأ التمريض بعمل إسعافات أولية ولكن كانت هناك قلة إمكانيات مع عدد جرحى كبير للغاية".

وحول كيف تم إسعافها داخل المستشفى في ظل نقص الإمكانيات الطبية، تتابع :"وضعوا لي وحدات دم ولكن النزيف كان مستمرا، وظللت على الأرض من الساعة ١١ صباحا حتى الساعة ١٢ صباح اليوم الثاني، أي ما يقارب ١٣ ساعة على الأرض، وعندما دخلت غرفة العمليات كنت أحرك أصابع قدامي الاثنتين وأنا بداخلي شعور أن قدمي سوف يتم بترها ولكن أحاول أن أنكر ذلك".

 

تفاصيل العملية الجراحية وبتر قدم أسماء شحادة
 

وعن تفاصيل العملية الجراحية التي أدت لبتر قدمها تحكي أسماء شحادة :"جاء الدكتور ليعطيني مخدر ليجري العملية، فمسكت يد الدكتور وأنا أتوسل إليه وأقول له "أمانه يا دكتور انا بحرك أصابعي ما تقص رجلي أمانة"، ليقول لى :"اهدئي بصير خير إن شاء الله"، لاستيقظ بعد العملية وانا في ممر في بيت الدرج بالمستشفى وكان أبي بجانبي فسألته "قصوا رجلي صح".

 

أسماء شحادة على كرسي متحرك
أسماء شحادة على كرسي متحرك

"حضنني بقوة وبدأ بالبكاء الشديد وقال لي "معلش يابا الله يعوضك خير"، هكذا تحكي أسماء شحادة رد فعل والدها على سؤالها، لتتابع :"لم أعلم ما هي القوة التي وقعت علي لحظتها فقلت أنا راضية يابا الحمد لله على كل حال، في اليوم التالي جاء دكتور وأخبرنا أنه يجب على جميع المرضى مغادرة المستشفى حيث تم إبلاغهم أن الجيش سيدخل مستشفى المعمداني، لينقلوني أنا وسامية صديقتي إلى مدرسة إيواء حيث كان مستشفى الشفاء مغلق بعد خروج الجيش الإسرائيلي منها، بقينا في المدرسة ما يقارب من ٥ أيام ولا يوجد غيارات على الجروح ، كانت رجلي قد أصيبت بالالتهاب".

وعن كيفية إسعافها داخل مدرس الإيواء التي تقيم فيها تقول :"جاء طبيب ليرى الجرح في المدرسة، كان الجرح في قدمي المبتورة سيء جدا وبدأ يخرج الدود من الجرح في رجلي الأخرى، حيث دخلت شظية من الجانب الأيمن في رجلي وخرجت من اليسار، ثم نقلونا إلى مستشفى الشفاء بعد فتحه من قبل الناس، ولكن كانت المستشفى عبارة عن خرابة لا يوجد به معدات ولا أدوية ولا أي شيء حيث قام الاحتلال بتكسير وتدمير كل الأجهزة الطبية وسرقة الأدوية".

 

عدد الأطفال الذين بترت أطرافهم بسبب العدوان الإسرائيلي
 

بتر الأطراف والأقدام لا يقتصر على الكبار فقط في غزة، بل أيضا شمل العديد من الأطفال في القطاع في جريمة سيقف عندها الاحتلال كثيرا، ففي 19 يناير الماضي، خرجت منظمة إنقاذ الطفولة، لتكشف عن إحصاءات بتر الساقين للأطفال، وتؤكد أن أكثر من 10 أطفال يفقدون إحدى الساقين أو كلتيهما يوميا في قطاع غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي قبل 4 أشهر، بينما أكدت منظمة اليونيسف، أنه منذ 7 أكتوبر الماضي فقد أكثر من 1000 طفل إحدى سيقانهم أو كلتيهما، كما أن معظم العمليات الجراحية التي أجريت لهؤلاء الأطفال كانت من دون تخدير، حيث يأتي في الوقت الذي تعاني فيه المنظومة الصحية في غزة من الشلل بسبب الصراع، والنقص الكبير في عدد الأطباء وأفراد التمريض والإمدادات الطبية مثل التخدير والمضادات الحيوية، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

وبسؤالها حول شعورها بعد أن استفاقت من عملية بتر قدمها، تقول أسماء شحادة :"كان الألم أشبه بانتزاع الروح من الجسد لا يوصفه كلام، وكنا نشتري الأدوية من الخارج، حيث كان يتم قص الجزء الملتهب من قدمي بالشفرة الطبية وانا مستيقظة بدون بنج ولا تخدير ولا حتى مسكنات، وكان الطعام غير متوفر ولا حتى الخبز".

وعن صعوبة الحصول على الطعام خلال تواجدها سواء في مدارس الإيواء أو المستشفى تضيف :"كنا نشتري الإندومي ونحاول التصبر به والأرز كان متوفر في ذلك الوقت فقط، كنا نشتري علبة الفول الواحدة بما يقارب ٤ دولار إن وجدت، ونقوم بأكلها بالملعقة، وكذلك كنا نشرب الماء المالح الملوث غير الصالح للشرب وذلك إن توفر أيضا، كما كنا نشرب من ماء المطر بوضع علبة حتى تمتلئ بالماء ونشرب منها".

وعن تأثير بتر قدمها اليسرى على حياتها اليومية ورعايتها لبناتها، تتحدث بحالة من الأسى والألم قائلة :"في حالتي قدم مبتورة والأخرى متضررة للغاية، لا أقدر على إنجاز المهمات التي يحتاجها أطفالي، وأيضا حياتى باتت متوقفة فأنا أعمل مدرسة ولا أعرف الراحة وأحب عملي للغاية، ولكن في لحظة أصبحت ملقاه على سرير ولا اتحرك إلا بكرسي متحرك فالشعور لا يوصف".

إصابة أسماء شحادة لا تقتصر على بتر قدمها اليسرى، بل أيضا هناك إصابة خطيرة بقدمها اليمنى تحتاج للعلاج خارج القطاع، وفي هذا السياق تقول :"تم قطع العصب الحركي والحسي في قدمي اليمنى حيث دخلت شظية من جانب وخرجت من الجانب الآخر فقطعت العصب، وأنا بحاجة إلى عملية جراحية في قدمي اليمنى وأيضا إلى تركيب طرف في قدمي اليسرى".

وتختتم أسماء شحادة حديثها معنا واليأس يملأ صوتها بسبب عدم معرفتها متى يتوقف هذا الاحتلال قائلة :"نحن نعيش الموت في كل ثانية، حيث لا يوجد أمن ولا أمان، فكل مكان مهدد بالقصف وكل شخص معرض للموت أو الإصابة، وأيضا نعيش حياة النزوح ونفتقر إلى كل مقومات الحياة الطبيعية لأي شخص عادي".

 

طبيب فلسطيني: بعض الحالات تقطع قدميها قبل وصولها للمستشفى
 

ليست أسماء شحادة هي الحالة الأولى أو الأخيرة لسيدات ورجال وأطفال فلسطينيين تعرضوا لبتر الأطراف والقدم، بل هناك عشرات الحالات التي تتردد على كل مستشفيات غزة تحتاج للبتر، وفي هذا السياق يؤكد الدكتور خالد النبريص، الطبيب الفلسطيني بمستشفى شهداء الأقصى في غزة، أن أزمة بتر القدم في غزة بها شيقان الأول أن هناك حالات من المصابين تأتى مبتورة من الأساس بسبب قصف الاحتلال، حيث تأتى للمستشفى وقد فقطت إحدى قدميها أو عضو من جسمها بسبب الشظايا التى تنتج من صواريخ وقصف الاحتلال والتى تدخل الجسم وتسبب في بتر عضو منه.

ويضيف الطبيب الفلسطيني بمستشفى شهداء الأقصى في غزة، في تصريحات لـ"اليوم السابع"، من غزة أن الشق الثاني يتمثل في حالات تحتاج لبتر قدم وتحتاج للعلاج خارج قطاع غزة، ونضطر كثيرا إلى بتر القدم أو العضو في الجسم بدون تخدير بسبب النقص الشديد في المواد المخدرة وعدم قدرة البعض على الخروج خارج القطاع لإجراء العملية الجراحية.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة