"قرار صعب محفوف بالمخاطر"، و"مهمة شبه مستحيلة".. هكذا علقت الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية على الضربات الأمريكية ضد أهداف عديدة فى سوريا والعراق، ردا على مقتل ثلاث من الجنود الأمريكيين فى الأردن الأسبوع الماضى.
وقالت صحيفة تليجراف البريطانية أن الرئيس الأمريكى جو بايدن يواجه ما يمكن أن يكون واحدا من أخطر الاختبارات لرئاسته حتى الآن بعد قراره توجيه ضربات ضد أهداف الحرس الثورى الإيرانى فى سوريا والعراق.
وذكرت الصحيفة أن أهداف الرئيس تهدف بحذر إلى الحفاظ على توازن حساس بين ردع الاتهامات الموجهة له بضعف القيادة مع تجنب جر الولايات المتحدة إلى صراع إقليمى أكبر.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن بايدن واجه ضغوطا من الداخل والخارج للرد على مقتل ثلاث جنود أمريكيين فى الأردن الأسبوع الماضى، والإشارة بطريقة لا لبس فيها إلى أنه لن يسمح بعدم المعاقبة على قتل الجنود.
لكن فى ظل الصراعات المتشابكة فى الشرق الأوسط، فحتى الرد العسكرى المخطط له بحذر شديد يمكن أن يكون له عواقب غير متوقعة.
ولو صدقت مصادر البيت الأبيض، فإن بايدن سعى لضمانات بأن الرد لن يعرض للخطر الجهود الرامية لإطلاق سراح الرهائن الأمريكيين الذين لا يزالوا محتجزين فى غزة قبل أن يقرر التعامل.
وجاء هذا بعد تهدئة مخاوفه من قبل فريقه للأمن القومى بأنه اتخذ قراره بشأن إجراءات الرد، وفقا لقناة NBC News، بما يسلط الضوء على الحسابات المعقدة التى ينطوى عليها الأمر.
اتخذ بايدن قرار توجيه الضربات يوم الثلاثاء، لكن تم التأجيل، بسبب اعتبارات الطقس.
وقالت التليجراف إنه على الرغم من إصرار البيت الأبيض أن لن يعلن عن رده، كان من الواضح أن إيران وحلفاءها كان لديهم قدر من معرفة ما سيحدث. فقد انسحبت القوات العسكرية الإيرانية بالفعل من العراق وسوريا خلال أيام التأجيل، بحسب ما علمت الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن البيت الأبيض يدرك تماما أن تحركات بايدن فى الشرق الأوسط محفوفة بالمخاطر من الناحية السياسية، بقدر ما هى كذلك أيضا من الناحية العسكرية.
فقد أدى دعمه المطلق لإسرائيل إلى تراجع مكانته بين الجناح التقدمى لحزبه، خاصة بين الشباب من الأقليات العرقية الذين يشكلون أهمية بالغة لإعادة انتخابه. وفى الوقت نفسه، فقد ألقى الجمهوريون باللوم على ضعف بايدن فى مقتل الجنود الأمريكيين، وحثه الجناح اليمينى المتشدد بالحزب الجمهورى على قصف إيران.
من ناحية أخرى، قالت شبكة "سى أن إن" الأمريكية أن الولايات المتحدة أرادت أن تبدو ضرباتها العسكرية، ردا على مقتل ثلاثة من جنودها فى الأردن الأسبوع الماضى، مدمرة، وأن تشعر بها كذلك الجماعات المسلحة الموالية لإيران. إلا أن الضربات الجوية التى استهدفت مساء الجمعة نحو 80 هدفا داخل العراق وسوريا، كانت حتى الآن ردا محدودا نسبيا على أسوأ خسارة بشرية يتعرض لها الجيش الأمريكى فى المنطقة منذ نحو ثلاث سنوات.
وأشارت الشبكة إلى أن الضربات الأمريكية بدت صاخبة، لكن صداها لن يتردد على الأرجح لفترة طويلة. وقالت القيادة المركزية الأمريكية أن الولايات المتحدة استخدمت قاذفات بى 1 لضرب 85 هدفا فى سبعة مواقع. وربما كان الهدف أن تحدث الضربات ضررا أكبر ببزوغ شمس اليوم التالى. لكنها بعيدة تماما عن أشد ألم يستطيع البنتاجون أن يحدثه.
وربما يكون هناك المزيد من الهجمات. فقد أشار وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن إلى أن هذه الضربات هى البداية. لكن الرد الأمريكى استمر يوم الجمعة لمدة 30 دقيقة فقط، بحسب البيت الأبيض، وهو ما وصفته "سى أن إن" بأنه رد قصير وربما وحاد، ولكن ليس صادما.
ورأت الشبكة أن الضربة الأمريكية كانت خيار واضحا ومحسوبا بعناية. فقد واجهت إدارة بايدن مهمة شبه مستحيلة؛ وهى أن تضرب بقوة كافية لإظهار قصدها القيام بذلك، لكن مع ضمان أن يستطيع الخصم امتصاص الضربة دون أن يهاجم فى المقابل. وقد بحثت الولايات المتحدة ردها على مدار خمسة أيام، وتم إطلاع كبار المسئولين الامريكيين بشأن طبيعتها وشدتها وحتى لمحة عن أهدافها.
وذهب تقرير "سى أن إن" إلى القول بأن هذا التحذير مصمم على الأرجح لخفض مخاطر سوء الفهم، وربما تمكين الجماعات المسلحة المستهدفة من تغيير مواقعها وتخفيف خسائرها البشرية. وربما كان الهدف منه أيضا ضمان ألا يعتقد أن إسرائيل، وليس الولايات المتحدة، هى المسئولة عن هذه الضربات، وهو ما يمكن أن يثير انتقاما من الإسرائيليين ويخاطر بدائرة أخرى من التصعيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة