ناقشت لجنة الصحة والسكان بمجلس الشيوخ، خلال اجتماعها برئاسة النائب الدكتور حسين خضير وكيل اللجنة، مساء اليوم، الاقتراح برغبة المقدم من النائب محمد السباعى، عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بشأن "بيع المضادات الحيوية فى الصيدليات إلا بوصفة طبية".
وأوضح النائب محمد السباعى مقدم الاقتراح برغبة أنه قبل اكتشاف المضاد الحيوى الأول منذ حوالى قرن كان هناك العديد من الوفيات، جراء إصابتهم بأمراض بسيطة أو جروح طفيفة، وذلك بسبب افتقار الأطباء للأدوات اللازمة لمعالجة أشكال العدوى البكتيرية، وكان لاكتشاف المضادات الحيوية تأثيرا جذريا غير وجه الطب، ولكن هذا التأثير يخفت بسرعة شديدة اليوم، إذ أن البكتيريا تزداد مقاومة للمضادات الحيوية، لأن للبكتيريا قدرة على التكيف مع البيئات الجديدة، شأنها شأن كل الكائنات الحية، وفى كل مرة تتعرض فيها البكتيريا للمضادات الحيوية، ثمة احتمال بسيط أن تتكيف معها وتعيش رغما عنها، وأنه فى حال تركت مقاومة مضادات الميكروبات بدون عمل تداخلات للحد منها، فإن الجائحة التالية التى سنواجهها يمكن أن تكون بكتيرية والتى تسمى "الجائحة الصامتة"، لعدم توفر الأدوية اللازمة لعلاجها.
وأشار السباعى، إلى أن إنتاج المضادات الحيوية خلال السنوات الأخيرة قليل جدا، بسبب عدم قدرة الشركات العالمية على التصنيع فى هذا المجال، نظرا لتزايد قدرة الميكروبات على مقاومة المضادات بسرعة تفوق قدرة الشركات على ابتكار الأدوات اللازمة لمكافحتها ومنظمة الصحة العالمية تقدر أنه إذا استمرت التطورات الحالية فى هذا الشأن، فإنه قد يموت بسببها ١٠ ملايين شخص كل عام بحلول 2050، مما يجعل مقاومة مضادات الميكروبات أكثر خطورة من أمراض داء السكري"، و"السل"، و"فيروس نقص المناعة البشري" (الايدز) مجتمعة.
وأكد السباعى، على ضرورة مراجعة الاستراتيجية الوطنية التى أطلقتها وزارة الصحة يوم الاثنين 8 نوفمبر 2023 لترشيد استخدام مضادات الميكروبات، والتى لا تحقق الأهداف التى نأملها فى ترشيد استخدام المضادات الحيوية، وتجريم بيعها دون وصفة طبية.
ومن جانبها، أوضحت الدكتورة شيماء فؤاد، مدير عام الصيدلة الإكلينيكية بوزارة الصحة، أن الوزارة أطلقت الخطة التنفيذية لمكافحة المقاومة لمضادات الميكروبات، والذى يسعى إلى تشجيع الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية، وتعزيز جهود مراقبة مقاومة مضادات الميكروبات، والارتقاء بمستوى الالتزام بمعايير مكافحة العدوى، من خلال التعاون بين المواطنين ومقدمى خدمات الرعاية الصحية، وأنه يتم حالياً تكثيف الجهود والتنسيق بين كافة القطاعات والإدارات المعنية بالوزارة، لتحقيق المستهدف، والحد من الميكروبات المقاومة لمضادات الميكروبات، وذلك بالتنسيق مع وزارات التعليم العالى، والزراعة والبيئة، للتركيز على التثقيف ورفع مستوى معرفة المواطنين ومقدمى الخدمات الطبية، بالاستخدام الرشيد لمضادات الميكروبات، إلى جانب تعزيز مراقبة مقاومة مضادات الميكروبات لرصد انتشارها فى المجتمع ومرافق الرعاية الصحية، لتحديد اتجاهات مقاومة مضادات الميكروبات، والاستراتيجيات الفعالة لمكافحتها.
واستعرضت الدكتور رشا زيادة -مساعد رئيس هيئة الدواء المصرية، جهود الهيئة الخاصة بمقاومة مضادات الميكروبات، والتى تتمثل في: متابعة مراقبة استهلاك مضادات الميكروبات؛ حيث انضمت الهيئة إلى منصة النظام العالمى لترصد ومراقبة استهلاك مضادات الميكروبات GLASS- AMC منذ عام 2020، ويتم حساب معدلات استهلاك مضادات الميكروبات على المستوى الوطنى سنويا الأمر الذى يسهم فى اتخاذ القرارات وتطوير السياسات واللوائح لمضادات الميكروبات، وكذلك التعاون مع المؤسسات الدولية ومؤسسات الدولة للعمل على مواجهة هذا التهديد والتخفيف من عواقبه؛ حيث تعد هيئة الدواء المصرية عضوا فى الشبكة الدولية للوكالات التنظيمية لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات RAGNA والتى تسعى إلى تبادل الخبرات وصياغة المقترحات المختلفة بشأن مقاومة مضادات الميكروبات من منظور صحى واحد.
وتابعت: كما أن هيئة الدواء المصرية تبنى محور التوعية بمقاومة مضادات الميكروبات، والذى يعد أحد الركائز الأساسية فى خطة مقاومة مضادات الميكروبات وتقنين صرفها؛ حيث تعمل الهيئة على التوعية والتدريب للفئات المختلفة كحملة (خليك واعى بلاش مضاد حيوى بدون داعى)؛ كما تسعى إلى تعزيز قاعدة المعرفة والأدلة؛ من خلال إصدارات اللجنة القومية للاستخدام الرشيد لمضادات الميكروبات "المشكلة بهيئة الدواء المصرية"، والتى تضم جهات مختلفة مثل وزارة الصحة والسكان، وزارة التعليم العالى، والهيئة العامة للرعاية الصحية، ومنظمة الصحة العالمية، بالإضافة إلى الخبراء من عدة جهات؛ حيث تهدف إلى الحد من الاستخدام غير الآمن وغير الرشيد للمضادات الميكروبية؛ بما ينعكس إيجابا على المريض المصرى.
ومن جانبهم، أوضح أعضاء اللجنة أن مقاومة المضادات الحيوية آخذة فى الارتفاع إلى مستويات خطيرة بأنحاء العالم كافة، وهى تهدد قدرتنا على علاج الأمراض المعدية الشائعة، ويوجد قائمة متزايدة من عدوى الالتهابات - مثل الالتهاب الرئوى والسل وتسمم الدم والسيلان- التى أصبح علاجها أصعب، بل مستحيل أحياناً، بسبب ضعف قدرة المضادات الحيوية على العلاج، وتؤدى إساءة استعمال المضادات الحيوية والإفراط فى استعمالها إلى تسريع وتيرة مقاومتها جنباً إلى جنب مع تردى الوقاية من عدوى الالتهابات ومكافحتها، ويمكن اتخاذ خطوات على جميع مستويات المجتمع للحد من تأثير تلك المقاومة وتقييد نطاق انتشارها والذى يزداد فى الحالات التى يتنسى فيها شراء تلك المضادات من دون وصفة طبية لأغراض الاستعمال البشرى أو الحيوانى، وأوضح سيادتهم أنه إذا لم نعجّل فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لإدارة هذه القضية الحيوية والاستفادة من تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل فى الحد من الاستخدام العشوائى للمضادات الحيوية، فإننا مقدمون على عصر ما بعد المضادات الحيوية الذى يمكن أن تصبح فيه عدوى الالتهابات الشائعة والإصابات الطفيفة قاتلة مرة أخرى.
وفى نهاية الاجتماع أوصت اللجنة بالتنسيق بين كافة جهات الدولة المعنية لتكثيف حملات التوعية المجتمعية من خلال وسائل الاعلام المختلفة، وإصدار الرسائل التوعوية بطرق الاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية لتجنب أضرارها المستقبلية على الصحة العامة، والإسراع من وتيرة تطبيق منظومة التأمين الصحى الشامل على مستوى الجمهورية بما يسهم فى تقييد الاستخدام العشوائى للمضادات الحيوية دون وصفة طبية.