الهدنة طوق النجاة لإدارة بايدن قبل انتخابات الرئاسة.. جولة بلينكن بالمنطقة للضغط على نتنياهو لقبول الهدنة.. الرهائن والملاحة ملفات جوهرية.. وموقف واشنطن يعكس عجز "الفيتو" عن احتواء التراجع الدولى تجاه إسرائيل

الثلاثاء، 06 فبراير 2024 07:33 م
الهدنة طوق النجاة لإدارة بايدن قبل انتخابات الرئاسة.. جولة بلينكن بالمنطقة للضغط على نتنياهو لقبول الهدنة.. الرهائن والملاحة ملفات جوهرية.. وموقف واشنطن يعكس عجز "الفيتو" عن احتواء التراجع الدولى تجاه إسرائيل الرئيس السيسي خلال استقباله وزير الخارجية الأمريكي
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

جولة مهمة يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في منطقة الشرق الأوسط، وهي الخامسة من نوعها منذ اندلاع العدوان على قطاع غزة، في انعكاس صريح للأولوية التي توليها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للتطورات الأخيرة، وضرورة العمل على كيفية احتوائها، في ضوء العديد من المعطيات، أبرزها الفشل الميداني الذريع لقوات الاحتلال، وعدم قدرتها على تحقيق الأهداف التي سبق وأن أعلنتها، وعلى رأسها تحرير الرهائن، بالإضافة إلى عدم قدرتها على القضاء على الفصائل الفلسطينية في غزة، ناهيك عن التراجع الكبير في المواقف الدولية عن تقديم الدعم للدولة العبرية، وعدم كفاية "الفيتو" الأمريكي لإضفاء الشرعية على الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، خاصة بعد المكاسب التي تحققت قضائيا ودبلوماسيا، سواء في التحول الكبير من الدعم المطلق للاحتلال إلى المطالبة بوقف الانتهاكات من جانب، او فيما يتعلق بالحكم الصادر من محكمة العدل الدولية في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا، من جانب آخر.

إلا أن الدعم الأمريكي لإسرائيل ربما ليس الهدف الوحيد من جولة بلينكن الحالية في منطقة الشرق الأوسط، في ضوء التطورات الكبيرة على الساحة الأمريكية، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، والمقررة في نوفمبر المقبل، حيث يبقى الفشل في تحرير الرهائن، واستهداف السفن الأمريكية بالبحر الأحمر، بمثابة أبعاد محورية ساهمت في دخول واشنطن مباشرة على خط المعركة، وهو ما يبدو في تشكيل تحالف للرد على استهداف السفن، وهو ما يثير مخاوف كبيرة جراء تطور الأمور، إلى حد السقوط في مستنقع التدخلات العسكرية المباشرة، في الشرق الأوسط، وهي المسألة التي نجح الرئيس السابق، والمرشح المحتمل في انتخابات الرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب في القضاء عليها خلال فترته الأولى عبر سلسلة من الانسحابات.

وهنا تبقى الحاجة الأمريكية ملحة إلى العمل على مسارين متوازيين، من أجل إحراز تقدم في الملفات سالفة الذكر، أولهما التنسيق مع القوى الإقليمية الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها مصر، والمملكة العربية السعودية وقطر، من أجل العمل على إطلاق سراح الرهائن، بينما يسعى إلى ممارسة الضغوط على القيادة الإسرائيلية من أجل الاستماع لصوت العقل، عبر القبول بوقف إطلاق النار، أو على الأقل هدنة طويلة نسبيا، وهو ما تدعمه المعارضة الإسرائيلية، من شأنها تحقيق الهدف الأول، ويمكن من خلالها السيطرة على الهجمات التي تطال السفن الإسرائيلية والأمريكية بالبحر الأحمر، في ظل ارتباطها بالعدوان على غزة، وما تحمله هذه الهجمات من تداعيات كبيرة على الاقتصاد العالمي والأمريكي بشكل خاص، وبالتالي فإن استمراريتها ستفتح الباب أمام تراجع شعبية إدارة الرئيس بايدن، في مواجهة منافس شرس لديه قاعدة شعبية كبيرة على غرار ترامب.

الموقف الدولي المتغير من الأوضاع في غزة، والانتهاكات التي ترتكب هناك، ناهيك عن قرار محكمة العدل الدولية، ساهمت بصورة أو بأخرى، إلى دفع واشنطن نحو التحول إلى الضغط على إسرائيل، خاصة وأن الموقف الأمريكي الداعم للهدنة، طبقا للرؤية التي أعلنتها فرنسا، يتوافق بصورة كبيرة مع موقف المعارضة بالدولة العبرية، وهو ما يتزامن مع التراجع الكبير في شعبية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، خاصة مع سياساتها القائمة على تمديد نطاق الحرب جغرافيا وزمنيا، بينما تساهم في توسيع دائرة الاستعداء لدول الجوار، إلى الحد الذي قد يدفع نحو خسارة كل الأطراف، بينما يبقى الاعتماد على "الفيتو" وحده غير مجديا إلى حد كبير، مع تنامي الضغوط الدولية، وزيادة الانتقادات للمواقف الأمريكية، خاصة من قبل خصومها، وفي القلب منهم روسيا والصين.

الموقف الأمريكي الذي يحمله بلينكن خلال جولته الشرق أوسطية، ربما يحمل ضغوطا كبيرة على نتنياهو، خاصة مع الحرج الدولي الذي سببته حكومته لإدارة بايدن على مستوى الداخل، وكذلك في ضوء المواقف الدولية، بالإضافة إلى التداعيات الكبيرة المترتبة على العدوان الإسرائيلي على الاقتصاد العالمي، وفي القلب منه أمريكا، ناهيك عن كونه كاشفا لاتساع دائرة الدول خرجت عن الدوران في الفلك الأمريكي، لصالح قوى أخرى، وهو ما يبدو في نموذج جنوب أفريقيا، والتي تمثل الدعوى التي رفعتها بحق إسرائيل أمام محكمة العدل بمثابة تحد كبير للمعسكر الموالي لإسرائيل، بالإضافة إلى حجم الدول التي تصوت ضد الدولة العبرية داخل أروقة الأمم المتحدة، وهو ما يعكس عجز واشنطن، ليس فقط عن إجبار الدول على تبني مواقفها، ولكن أيضا فشلها في تحييدهم، عبر إقناعهم على الأقل بالامتناع عن التصويت.

وهنا يمكن القول بأن جولة بلينكن تهدف في الأساس إلى التنسيق مع القوى الإقليمية وعلى رأسها مصر، لإقناع الفصائل الفلسطينية بقبول صفقة تبادل الأسرى، بينما تسعى في الوقت نفسه نحو الانتصار للمعارضة الأكثر عقلانية في الداخل الإسرائيلي، وإنهاء حالة الانقسام حول مستقبل العدوان، في ضوء قناعة كبيرة بأن استمرار الحرب ما هو إلا وسيلة لإطالة عمر حكومة نتنياهو.

 

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة