البيئة المحيطة بنا تخبرنا دوما أنه لا مستحيل، فتمنحنا الكثير من الأفكار والمبادرات التي تبهر الناظرين، ربما لأن العين تعشق العناصر المرتبطة بالطبيعة، لما فيها من جمال ربانى خلقه الله، وفى قرى مصر ومحافظاتها نماذج كثيرة حولت الواقع بكل مافيه من قبح ناجم عن تراكم المخلفات، إلى فرص عمل متميزة ومبتكره تحاكى الطبيعة بجمالها الخلاب.
ابن إحدى مدن سوهاج، عشق كل تفاصيل المدينة وحفظها عن ظهر قلب، كلما رأى غصن شجره مكسور يحنو عليه ويلتقطه ليخفيه فى شنطته الدراسية، حتى السلاسل والعقود التى كانت تهملها شقيقاته أو جيرانه كان يشفق عليها ويجتفظ بها، الليف والشجر القديم حتى الخيش كان يعلم قيمتها كموارد بيئية حوله، كان يختفى بالساعات أعلى سطح منزلهم يشكل ويجمع كل الاشياء ، حتى أن أفراد عائلته كانت تشترى منه هذه القطع الفريدة التى تبهره، فهو نشىء وسط عائلته الفنانة بالفطرة والذين تخصصوا فى عمل ماكيتات ديكورية لمنازلهم الخاصة بأيديهم ، لم يكن يعلم الولد الصغير ذو 12 عاما أن ما جمعه لكل الاشياء المحيطة به ستكون ادوات مهنتة المستقبلية وسن تميزه .
حين وقف عماد الدين محمد عطية ابن مدينة سوهاج، خريج المعهد الفنى العالى للزراعة عام 84 ، بجوار نافورة أسوان الراقصة قبل كورونا، تخبر المارة عن الفنان الفطرى الذى جعل الماء يرقص والإضاءة تتمايل ، تخيل أن أبواب الرزق ستفتح على مصرعيها، لكن رحلة البحث عن الرزق جعلته يسافر لإحدى الدول العربية وهى سلطنه عمان ، وهناك لم ينس يوما عشقة للتصميمات وعمل الماكيتات والمجسمات ، فدرس التصميم فى الجامعة البريطانية ، ونفذ العديد من الماكيت للعربة السلطانية، أو الكارته كما يسميها المصرين ، ولم يصدق نفسه حين باعها بالف جنية، وكانت القطعة الأغلى مبيعا .
فترة كورونا اختبرت قدرة عماد على الصمود والعيش، وأن يقتات من إبداعاته الكارتونية والكنز والزراير والسلاسل وقطع الخيش والليقف واغصان الشجر الذابلة التى يسميها الخبراء المخلفات الصلبة بأنواعها.
اليوم السابع التقى عماد الذى كانت لهجته الصعيدية، جزء رئيسي من مفرداته، فرغم رحلاته فى العالم ظل متمسكا بلكنته الصعيدية، تلك التى كانت سر جمال أعماله التى تعكس الثقافة المصرية والبيئة المحيطة به ، وكانت مقتيانته التى يفخر بها واحيانا يعز عليه فراقها ، كما قال لليوم .
عماد أكد أن الطبيعة كريمة فى كل شىء، تمنحه البراح والصبر وتجسيم أى شكل يروق له، وأن الدقة فى التفاصيل المتناهية اكسبت عمله حالة خاصة، فتفاصيل ثنايا الكارتون بتجاعيده كان يطلبها بمادة" الايبوكس" حتى يتماسك ويطيل عمرها وتبقى على حالتها.
لم يتوقف عماد عند المخلفات الصلبة بكل انواعها وانما طور من مهاراته حتى بدأ يجسم قطع الخشب لقطع فنية وديكورية ، مابين اليخوت وبوابير الجاز، والدبابات والبيوت المصرية القديمة ، وتحولت الهواية فى أوقات الفراغ لمهنة وتخصص فى عمل الشلالات والنوافير المائية الراقصة، واللوحات الجدارية المجسمة "النحت بالاسمنت" ، يعمل حرا بلا قيود ، ويترك لنفسه البراح فى الابداع وسط تلال الورق والأغصان الذابلة، لتحقق له دخلا بسيطا لكنه يكفيه.
عماد أخذته تفاصيل الحياة والتنقل بنماذجه من مكان لاخر، واتخذ من منزل العائلة مكانا لانتاج كم هائل من الابداعات وشارك بها فى العديد من المؤتمرات والندوات والمعارض، عن الهوية المصرية والبيئة ، التى لم تبخل يوما علينا بعطايها التى لا تنتهى .
احياء-التراث-ببقايا-الكارتون
التفاصيل-تصنع-فرق
الدقة-والجمال-كلمتين-السر
الكارتون-يخت
الهوية-الثقافية-لصعيد-مصر
ذكرى-اكتوبر-انتصار-لا-تنساه-الذاكرة
عربية-نقل
عماد-يطوع-خام-الكارتون-ليصبح-قطع-ديكور
قطع-الكارتون-وحدها-لا-تكفى
كثيرا-من-التركيز-فى-التفاصيل-تجعل-الجمال-عنوان
مجسمات-مضيئة
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة