تواجه المملكة المتحدة أزمة تضخم اقتصادي مستمرة منذ سنوات لم تستطع ثلاث حكومات متتاليه من السيطرة عليها او احتواء تداعياتها من ارتفاع تكاليف المعيشة، ما دفع المسئولين لاتخاذ قرارات استثنائية واطلاق تحذيرات عدة.
قال أحد كبار صناع السياسات في بنك إنجلترا إن النصر في الحرب على التضخم سيتطلب من العمال البريطانيين قبول صفقات أجور اقل وسيتطلب من الشركات ان تقلل من هامش أرباحها.
قالت سارة بريدين احد نواب محافظ بنك إنجلترا الأربعة انه لا يزال هناك طريق طويل يجب قطعه قبل ان يتراجع التضخم الى هدف 2% الذي حددته الحكومة البريطانية لتحقيقه على أساس مستدام،
وفي خطاب ألقته بعد أسبوع تقريبا من إبقاء هي وزملائها من صناع السياسات أسعار الفائدة دون تغيير عند أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية عام 2008، اشارت بريدين إن التضخم في قطاع الخدمات في الاقتصاد لا يزال مرتفعا للغاية بحيث لا يحقق هدف البنك.
وقالت: "سيكون هناك حاجة إلى مزيج من الاعتدال في ضغوط الأجور وهوامش الشركات حتى يعود تضخم الخدمات إلى معدلات أكثر طبيعية"، وشددت على أنها بحاجة إلى رؤية المزيد من الأدلة على تراجع التضخم إلى هدفه، والثبات عند تلك المستويات، قبل أن تتمكن من إجراء أول خفض في أسعار الفائدة منذ بداية جائحة كوفيد.
وفقا للجارديان، انخفض معدل التضخم في المملكة المتحدة إلى 4% في ديسمبر، بعد أن انخفض من أكثر من 10% قبل عام. ويتوقع معظم الاقتصاديين أن ينخفض إلى أقل من 2% في غضون أشهر وسط انخفاض أسعار الطاقة العالمية.
وتتوقع الأسواق المالية أن يؤدي انخفاض التضخم والنمو الاقتصادي شبه الراكد إلى فتح الباب أمام بنك انجلترا لخفض أسعار الفائدة بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة هذا العام، من المستوى الحالي البالغ 5.25%.
ومع ذلك، يشعر صناع السياسات في بنك انجلترا بالقلق من أن الضغوط التضخمية الأساسية من الاقتصاد المحلي يمكن أن تدفع التضخم إلى مستوى أقرب إلى 3% بحلول نهاية العام، مما يسلط الضوء على المخاطر الناجمة عن ارتفاع أسعار قطاع الخدمات والزيادات المرنة في الأجور.
وقالت بريدين إن مؤشرات نمو الأجور السنوية ظلت في نطاق 6-7% وهي نسبة أعلى بكثير مما تم تسجيله في السنوات الأخيرة، واضافت: "لا يزال هذا مرتفعا، ونظرا للضعف الحالي في نمو الإنتاجية، فهو أعلى بعدة نقاط مئوية مما يتوافق مع هدف التضخم، إذا استمر".
وانخفض النمو السنوي في متوسط دخل العمال، باستثناء المكافآت، إلى 6.6% في الأشهر الثلاثة حتى نوفمبر بعد أن بلغ ذروته التي بلغت 8% تقريباً في يوليو ــ وهو أعلى مستوى منذ بدأت السجلات المماثلة في عام 2001.
ومع ذلك، تأتي هذه الأرقام وسط تباطؤ ملحوظ في سوق العمل في المملكة المتحدة، بما في ذلك الانخفاض المطرد في الوظائف الشاغرة وارتفاع مستويات البطالة حيث تظهر الأرقام الصادرة عن اتحاد التوظيف (REC) وشركة المحاسبة KPMG المنشورة يوم الخميس أن النمو في الرواتب المبدئية تراجع أكثر في يناير، إلى جانب الانخفاض المستمر في الوظائف الدائمة.
ووجد المسح الشهري، الذي يراقبه البنك عن كثب بحثًا عن علامات إنذار مبكرة من الاقتصاد، أن تضخم الرواتب الدائمة انخفض إلى أدنى مستوى له في 34 شهرًا، مما يسلط الضوء على استمرار عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية.
وقالت الصحيفة البريطانية، إن الفقراء يتحملون العبء الأكبر من أزمة تكلفة المعيشة في المملكة المتحدة، وتوقع تقرير للمعهد الوطنى للبحوث الاقتصادية والاجتماعية (NIESR)أن مستويات المعيشة للأشخاص الأكثر تضرراً لن تعود إلى مستويات ما قبل الوباء حتى عام 2027.
بالنسبة للنصف الأفقر من الأسر في بريطانيا، توقع المعهد أن مستويات المعيشة ستنخفض بما يصل إلى 20% هذا العام مقارنة بالعام 2019-2020، بعد أخذ التضخم في الاعتبار، ولن تعود إلى مستويات ما قبل الوباء حتى عام 2027.