"طول عمرى فى المهنة دى وهكمل فيها طول ما أنا عايش".. يمكن لهذه الكلمات العفوية أن تعبر بصدق عن عم فايز عبد الملاك صاحب أشهر محل لتلميع الأحذية بالبحيرة، فعندما تمر بشارع الرحابية بمدينة دمنهور لابد أن يلفت نظرك بجلوسه داخل محله الذى ورثه عن والده وأمامه أكوام من الأحذية التى تنتظر دورها فى التلميع والعودة إلى بهائها مرة أخرى.
وقال عم فايز الذى يعمل فى هذه المهنة منذ أكثر من 50 عاما، إنه تعلم هذا العمل من والده أحد آباء هذه المهنة العتيقة التى أوشكت على الاندثار، مضيفا أن هناك اعتقادا شائعا أن مهنة تلميع الأحذية هى مهنة من ليست له مهنة ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما فهى مهنة تحتاج إلى خبرة ومهارات خاصة تفرق بين عامل وآخر.
وتابع فايز: "مش أى حد مسك ورنيش وفرشة بقى صنايعى.. الشغلانة ليها أصول عرفناها أبا عن جد.. وأى مستجد فى الصنعة هيتعرف على طول من أول مسحة".
وعن مدى إقبال المواطنين على تلميع أحذيتهم بالتزامن من انتشار عبوات التلميع الجاهزة قال عم فايز: أن مهنة مسح الأحذية أصبحت على وشك الانقراض بعد غزو منتجات التلميع الجاهزة للأسواق، ورغم ذلك هناك زبائن يعرفون قيمة التلميع البلدى الذى يضيف رونقا خاصا على الجلود بعكس العبوات الجاهزة التى تضر أكثر وتزيد من استهلاكها، وأضاف: "تلميع الأحذية ممكن تعرف منه طبيعة الشخصية اللى قدامك.. يعنى من جزمتك لا مؤاخذة تقدر تحكم على تصرفاتك.. تعرف مدى اهتمامك بنفسك ومدى كرمك وطبيعة وضعك الاجتماعى".
وعن أهم الفئات التى لاتزال تحرص على مسح أحذيتها داخل محله المتخصص قال: أن المحامين وأصحاب المهن الحرة هم أكثر الفئات الاجتماعية توافدا على محله لمعرفتهم قيمة صنعته جيدا إلى جانب الوافدين على المدينة من الموظفين والطلاب وذلك بحكم قرب محله من محطة السكة الحديد.
وبالنسبة لتطور مهنة تلميع الأحذية قال عم فايز عبد الملاك: أن بداية المهنة كانت مع أصحاب صناديق التلميع الذين كانوا يتجولون بالقرب من مواقف السيارات والمقاهى وغيرها من أماكن الزحام ثم جاءت المحلات المتخصصة فى التلميع والتى أصبحت الآن تعد على الأصابع وكانت تضم الكراسى الدوارة لجلوس الزبائن حتى جاء عصر الورنيش الجاهز المتوافق مع عصر السرعة والإنجاز.