قال الدكتور محمد سالم أبوعاصي، أستاذ التفسير، عميد كلية الدراسات العليا السابق بجامعة الأزهر، إنه لا يشترط في مفسر القرآن أن يكون أزهريًا، فالعبرة ليست بأزهري، وغير أزهري، وإنما أن يكون ملما بالأدوات التي تمكنه من التفسير، وأن تكون المعلومات التي أتى بها مستقيمة ومستساغة.
وأوضح أبو عاصي، خلال حديثه ببرنامج "أبواب القرآن" تقديم الإعلامي الدكتور محمد الباز، على قناتي "الحياة" و"إكسترا نيوز"، إن المفسر هو من يملك ملكة التفسير، والإمام محمد عبده مثلا لم يقرأ التفاسير، وإنما كان معه معجم اللغة، ويقرأ تفسير واحد، ويقوم بالتفسير بالملكة العلمية والبلاغية وقراءاته للتاريخ.
ولفت إلى أن الشيخ الشعراوي كان يقرأ في تفسير الزمخشري، وهو خريج لغة عربية، ودارس بلاغة، يقرأ ويقول للناس التفسير، لذا المفسر هو الذي يبدأ من الكتب والملكة العلمية، ثم ينتهي إلى التجديد والآراء التي تناسب الناس، متسائلا: "هل من كتبوا من العلمانيين مفسرين أم ناقلوا تفسير؟".
وأشار إلى أن الشخص العلماني، يجب أن نحدد ما هو، هل هو رجل يريد فصل الدين عن الدولة؟ ولا علماني يعني ملحد وضد الدين؟، مردفا: "علماني ملحد لن يفسر القرآن، لأنه طاعن فيه، أما علماني بالمعنى الذي الذي ذهب إليه الدكتور محمود زقزوق أنه رجل يقدر العلم والثقافة والواقع.
وختم: "لو مفسر علماني" يعني ناقل للتفسير فلا فائدة من النقل، أما لو علماني ضد الدين يبقى طاعن، وإذا كان علماني يفسر بالملكة العلمية، فأنا لا أميز بين أزهري وغير أزهري، وإنما المقياس تحقق الشروط وتوفر الملكة".
ولفت إلى أن الفيلسوف زكي نجيب محمود، قدم تفسيرًا رائعًا لسورة العلق، وهو لم يكن أزهريًا، مضيفا إنه قرأ له تحليل لفلسفة اللغة عند ابن جني وكان أيضا رائعا.
تابع: " الفيلسوف زكي نجيب محمود، ليس نقال ولا تقليدي، لا يقرأ السورة، ويردد ما قاله الطبري وابن كثير، وإنما يطبق النظريات اللغوية والكلام الفلسفي والمنطقي في تفسير السورة، وعندما تحدث عن سورة العلق وعن سبب تكرار كلمة اقرأ، في "اقرأ باسم ربك الذي خلق الانسان من علق أقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم" ، أن اقرأ الأولى، اقرأ باسم ربك الذي خلق يعني اقرأ الكون الذي تعيش فيه، والثانية اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، يعني اقرأ الكتاب المنزل عليك، أي أن كل واحدة فيهما لها دلالة، وكالامه كان علميا منطقيا، وختم: "العقاد قال عنه أديب الفلاسفة، وفيلسوف الأدباء".
وقال إن طه حسين عميد الأدب العربي، لم يكتب تفسيرا للقرآن، وإنما كتب في الشعر الجاهلي، وشكك فيه أنه وجد بعد الإسلام، فرد عليه 8 كتاب.
ولفت أبو عاصي، إلى أن من ردوا على طه حسين، فهموا أنه بهذه المقولة يريد أن ينفي إعجاز القرآن، لأن أعظم كلام بعد القرآن والسنة، هو الشعر الجاهلي، فلما يتحدى القرآن العرب وهم أرباب الشعر الجاهلي، فهذا دليل على إعجاز القرآن، ويكون الطعن في الشع الجاهلي كأني بطعن في قضية إعجاز القرآن.
وأشار إلى أن طه حسين اتهم أنه أخذ المقولة من مستشرق، ثم أن طه حسين عدل عن كلامه، بينما من ردوا عليه، نسبوا إليه كلام لم يقله، مثل إنه قال قصة إسماعيل وإبراهيم لم تكن حقيقية وإنما من تأليف محمد للتودد لليهود، معقبا: "طه حسين لم يقل هذا".
وأردف: "سمعنا إن طه حسين قال لو كان معي قلم أحمر لصححت القرآن، وهذا أيضًا غير صحيح، والحقيقة أنه عندما سألوه هل القرآن شعر ولا نثر، قال لا هو شعر ولا نثر، بل هو قرآن"، معقبا: "يعني يقصد أن القرآن فوق الشعر وفوق النثر، وأنه أسلوب متميز وفريد".