"صاحب الحنجرة الفولاذية.. والصوت الأبيض.. أحد أعلام دولة التلاوة".. كلها ألقاب حصل عليها صاحب المسيرة القصيرة والإرث الكبير جدا الشيخ كامل يوسف البهتيمي، ابن منطقة بهتيم بمدينة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية، فهو صاحب الصوت الذي يعشقه كل محب لإذاعة القرآن الكريم، فهو يطرب الأذان بصوته القوى الأبيض والذي كان يخرج من القلب ليطرب الأذان ويسكن في قلب مستمعيه.
في البداية، قال الدكتور هاشم كامل البهتيمي، مؤسس مؤسسة الشيخ كامل يوسف البهتيمي الخيرية، إن الشيخ الراحل هو خال والده، وأن القارئ الراحل ولد في السادس من أبريل عام 1922 بعزبة إبراهيم بك التابعة لمركز بهتيم شبرا الخيمة القليوبية، ولم يكن اسمه كامل يوسف البهتيمي، ولكن اسمه الحقيقي محمد ذكي يوسف حبلص، من قرية بهتيم أنذاك، ولكن إطلاق اسم كامل يوسف البهتيمي كان قبل إذاعة القرآن الكريم نسبة إلى بهتيم، فكان علما فاشتهرت بهتيم به وهو اشتهر بها أيضا.
وتابع الدكتور هاشم البهتيمي، خلال حديثه لـ "اليوم السابع"، أن الشيخ الراحل ولد في ظل عائلة كريمة، وكان أعمامه من أولياء الله، وكانوا أئمة في الدين، ونشأ وتعلم القرآن على يد الشيخ شحاته خضر، وجود القرآن بأكثر من قراءة بالسند المتصل عن حضرة النبي، مشيرا إلى أنه كان ذا صوت جميل ومداحا للنبي صلي الله عليه وسلم، وكان إماما بمسجد عزبة البرنس عزيز، والتي تعرف الأن بمنطقة "العزبة الحمراء"، فساعده هذا وقدمه إلى الجمهور ما بين الآذان وقراءة القرآن.
وأوضح، أن الشيخ البهتيمي حفظ القرآن وهو في العاشرة من عمره وجرى إسناد وظيفة قارئ القرآن الكريم له بمسجد قرية الحمرا ببهتيم، وفى الوقت نفسه يرفع الأذان للصلوات الخمس فارتبطت الناس به وذاع صيته، مشيرا إلى أن أول أجر تقاضاه الشيخ البهتيمي كان 25 قرشا ببلدته بهتيم، ووضع هذا المبلغ على مخدة أمه، قائلاً لها: "اصبري يا أماه.. بكرة ربنا يفتحها علينا"، فكانت أمه تفرح بهذا الكلام كثيرا وتدعو له فكان له ما سعى إليه بفضل الله تعالى.
وأشار إلى أنه التحق الشيخ البهتيمي بالتعليم في الأزهر الشريف، إلا أنه لم يكمل مسيرته التعليمية وانقطع عن الدراسة، خاصة بعد وفاة والده وتحمله مشقة الإنفاق على أسرته، وبعد ذلك تعرف على الشيخ محمد الصيفي رحمه الله، موضحا أن الشيخ الصيفي هو من بني اللبنة الثانية في حياة الشيخ الراحل كامل يوسف البهتيمي، بعد الشيخ شحاته خضر، فهو تعلم مقامات المديح على يد الشيخ الصيفي، كما لازم الشيخ محمد رفعت وتأثر به كثيرا، كما تعلم على يد الشيخ على محمود صاحب البصمة على حنجرة أعلام دولة التلاوة.
وألمح أنه تأثر كثيرا بالشيخ الراحل محمد رفعت، حيث قيل إنه بسبب هذا التأثر كانت هناك بعض الأسطوانات المسجلة للقارئ الشيخ محمد رفعت، فقام الشيخ كامل يوسف البهتيمي باستكمال تلك المقتطعات بصوته، وكأن الشيخ محمد رفعت هو الذي يكملها، مشيرا إلى أنه التحق بالإذاعة المصرية في ثلاثينيات القرن الماضي، بعد أن أجيز وصار قارئا معتمدا بالإذاعة، ثم بعد ذلك تلقفته إذاعة فلسطين للقراءة في المسجد الأقصى لعدة سنوات، ثم محطات لندن وسوريا ودلهي بالهند وغيرها من الإذاعات العربية والعالمية.
وأضاف أنه بعد عودته لمصر حرص على العودة للإذاعة المصرية فكان هناك قانونا يلزم أنه من ترك الإذاعة المصرية لعدة سنوات يجب أن يختبر مرة أخري، وبالفعل تم اختباره مرة أخرى وأجيز والتحق بالإذاعة المصرية مرة ثانية، موضحا أنه على الرغم من العمر القصير الذي عاشه الشيخ الراحل فهو ولد في عام 1922 وتوفي عام 1968، لكن الأثر كان أبلغ وأطول في دولة التلاوة المصرية والإسلامية، واستطاع حجز مقعدا في مقدمة دولة التلاوة مع كبار القراء.
واستطرد أنه في عام 1967، كان الشيخ مدعوًا لإحياء ليلة عزاء ببورسعيد، وتفاجأ الحاضرون بعدم قدرته على مواصلة القراءة بل وعجزه عن النطق، وقد شعر وكأن شيئا يقف في حلقه، فثقل لسانه، وبعد تلك الحادثة بأسبوع واحد أصيب بشلل نصفي، لكنه تلقى علاجا واسترد عافيته، مشيرا إلى أنه قد قيل لأسرته إن ذاك لهم فيما بعد أن ما حدث للشيخ البهتيمى ببورسعيد، كان بمثابة محاولة فاشلة لقتله، حيث وضع بعض الحاقدين له مواد سامة فى فنجان قهوة كان قد تناوله قبل بدء التلاوة.
وكشف أن الشيخ الراحل اشتهر بحنجرته الفولاذية، وأنه كان يقرأ بصرخات عالية أي "جواب الجواب"، وهو ما كان يطلق عليه السهل الممتنع، وهذا ما كان يقفر عائقا أمام كل من حاول تقليده، فهو يحكم على حنجرته بالانتهاء مبكرا، وكثيرا من القراء أثروا به، فهو سار في مسية حتي استطاع الخروج من عباءة المقلد حتي أسس مدرسة في القراءة، فأصبح يقلد كما كان يقلد هو من قبل كبار القراء.
وأكد أنه على الرغم من أن الشيخ استرد عافيته، إلا أن صوته لم يعد بنفس القوة التي كان عليها عن ذي قبل، إلا أنه بعد فترة أصيب بنزيف فى المخ، وبعدها بساعات قليلة فارق الشيخ كامل البهتيمى الحياة عام 1968م عن عمر يناهز 46 عاما، ورحل الشيخ كامل يوسف البهتيمي وترك تراثا غنيا فقد سجل نصف خاتمة المصحف المرتل للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية ويوجد بالإذاعة أرشيف من تلاوته للمصحف.
وكانت جنازته مهيبة وصاحبتها دراجات من رئاسة الجمهورية بأمر من الرئيس جمال عبد الناصر، وقرأ 500 شيخ بقيادة الشيخ محمود خليل الحصري القرآن الكريم على روحه، واستمروا في القراءة حتى لحظة دفنه.
الشيخ-كامل-يوسف
الشيخ-كامل-يوسف-البهتيمي
الشيخ-كامل-يوسف-البهتيمي-في-مرحلة-شبابه
خلال-أحد-التلاوات
الدكتور هاشم البهتيمي
حفيد الشيخ كامل يوسف البهتيمي
مؤسسة الشيخ كامل يوسف البهتيمي بشبرا الخيمة