بعد سنوات قدم فيها الاختيار، والعائدون، والكتيبة 101، كان لا بد أن تسير الدراما إلى آفاق أبعد فى تقديم بدايات الفكر الإرهابى ورواده وصناعه حتى تكتمل الدائرة، وتكتمل معرفتنا بهذا الفكر الذى تحول إلى لعنة أصابتنا، وسهلت لغيرنا من أهل الشر النفاذ إلينا، وما يحدث فى حرب غزة نموذج مهم.
ومن هنا نستطيع تقييم وجود مسلسل مهم مثل مسلسل الحشاشين ضمن مهرجان الدراما السنوى فى شهر رمضان، ومن هنا أيضا نقدر كل عناصر هذا العمل، بداية من الإنتاج الكبير المعبر عن بدايات ظهور هذا الفكر، من خلال مواقعه التاريخية فى القرن الحادى عشر الميلادى فى أصفهان عاصمة الدولة السلجوقية، إلى الدولة الفاطمية والعباسية، هكذا ولدت الحركة، وولد حسن الصباح الذى علمته أمه أن الحرف سر، وطلبت منه حفظ كل الحروف ليدرك أسرارها، وفهم ألغاز الحياة قبل أن يكبر ويتغير، ويطالب أصدقاءه بالاتفاق على رفض الظلم، ويبحث عن داعمين لأفكاره، حتى إنه يصدر أمرا لتابعه بقتل مؤذن رفض أن يتبع مذهبهم فى نهاية الحلقة الأولى، ويسافر إلى مصر لمقابلة الخليفة بعد أن تملكته فكرة تغيير العالم، لينتقل بنا المسلسل بين بلاد ومجتمعات وأماكن وجغرافيات وجبال وبحور وقصور وبيوت فقيرة، وبين شوارع وحارات وأسواق تنتمى لزمن قديم، كل شىء فيه مختلف من الأماكن إلى البشر، ومن السلوكيات إلى الحوارات إلى الأفكار، لنرى رفاق الصباح كريم عبدالعزيز الشاعر عمر الخيام «نيقولا معوض»، والوزير نظام الحكم «فتحى عبدالوهاب» الذى عينه مسؤولا عن بيانات الدولة وأسرارها، وأقنع ملك شاه ولى عهد الدولة بقدراته، وحين اثنى عليه طالبه بعدم الحركة إلا بأوامره.
إننا أمام عمل ملحمى عن التاريخ، وما حدث خلاله من قصص ومفارقات ظللت حياة الأغلبية، وكيف استطاع رجل مثل حسن الصباح استغلال قدراته ليبنى نموذجا يجتذب أتباعا، ويصل إلى الخلفاء والحكام ليجنى ما يريده من كل منهم «وهوما حدث مع الخليفة المستنصر بالله فى مصر»، وكيف أضاف هذا إليه أعداء أقوياء من الوزراء وغيرهم، لنرى فى الـ7 حلقات الأولى دراما ممتعة فنيا، بقدر ما تقدمه من معلومات تاريخية عن الحياة والحكام والناس، ومن خلال كتابة وبناء درامى سلس للكاتب القدير عبدالرحيم كمال، وتصوير رائع لمدير التصوير أحمد عسر، وإبداع فى كل عناصر العمل كالملابس والديكورات والمونتاج، وبالطبع التمثيل وإدارة الممثلين وصولا لموسيقى أمين بوحافة الموحية، وإخراج بيتر ميمى، فإنه عمل يبدأ به الإنتاج الدرامى المصرى، والشركة المتحدة مرحلة جديدة من التعامل مع الأعمال الكبرى، خاصة التاريخية، فالعمل يضيف قيمة عالية للدراما التاريخية المصرية بعد سنوات تراجعت فيها لأسباب عديدة.
أى دراما نفضلها
لوقت طويل، ظل أغلبنا يفضل الدراما الاجتماعية منذ بدايات الإنتاج الدرامى للتليفزيون المصرى عام 1961 وبعدها، ووصل الاهتمام بهذا النوع إلى قمته بعد منتصف الثمانينيات ومع أعمال مثل «الشهد والدموع، ليالى الحلمية، أم كلثوم» قبل أن تفرض أنواع أخرى نفسها، مثل الكوميدية والوطنية ومنها «رأفت الهجان» وغيرها.
الآن على شاشاتنا عادت الدراما الاجتماعية بأساليب اتسعت لتضم موضوعات وشخصيات مختلفة، مثل مسلسل «عتبات البهجة» الذى يطرح قضية الجد فى مواجهة أحفاده، ومستجدات الحياة المؤثرة مثل السوشيال ميديا، التى تواجه بطل المسلسل يحيى الفخرانى فى علاقته بحفيدته، إضافة إلى مشاكل أخرى فى دراما مأخوذة عن رواية الكاتب إبراهيم عبدالمجيد التى تحمل نفس الاسم، وهى عودة مهمة لعلاقة الدراما بالأدب مع مسلسل آخر هو «إمبراطورية ميم» للكاتب إحسان عبدالقدوس، فالعودة للأدب عودة حميدة وجميلة.
مسلسل الحشاشين
كريم عبد العزيز في مسلسل الحشاشين
فتحي عبد الوهاب في مسلسل الحشاشين
مسلسل الحشاشين
كريم عبد العزيز بطل مسلسل الحشاشين
نيقولا معوض في مسلسل الحشاشين