معتمد عبد الغني يكتب: الحشاشين والمسؤولية الاجتماعية.. نظرة على الدراما المصرية

الأربعاء، 20 مارس 2024 09:00 ص
معتمد عبد الغني يكتب: الحشاشين والمسؤولية الاجتماعية.. نظرة على الدراما المصرية معتمد عبد الغني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

في رمضان 2024، قدمت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية مسلسل الحشاشين، مشروع درامي تاريخي ضخم يُضاف إلى سلسلة أعمال سابقة تهدف إلى تثقيف المشاهد بأسلوب غير مباشر وبعيد عن النخبوية. معتمدًا على العامية الراقية كأساس للتواصل، مما يضمن عدم وجود حواجز لغوية بين العمل والمشاهد، وبهذا يتحقق التوازن بين الرسالة التثقيفية وعناصر الدراما الجذابة.

لماذا الحشاشين؟.. ماذا يهم المواطن البسيط من مشاهدة عمل تاريخي  يعبر عن أزماته المعاصرة، الإجابة ببساطة لأننا يجب أن ندرك خطر الفكرة المسمومة التي قد يمتد أثرها لمئات السنين، والحشاشين كانت طائفة تستمد قوتها من تغييب العقول، وحولت حسن الصباح إلى شخصية أسطورية. والجدل المثار حول العمل منذ بدء عرضه دفع البعض من غير المتخصصين للبحث عن "الحشاشين" ومعرفة تاريخهم، وهذا هو الهدف من الدراما التي تتجاوز دورها الترفيهي لتصبح منارة ثقافية تعزز المسؤولية الاجتماعية.

تقوم الشركة المتحدة بتطبيق مفهوم "المسؤولية الاجتماعية"، الذي يتعين على صانعي الفن والإبداع الالتزام به تجاه المجتمع. والمقصود بهذه المسؤولية هو تقديم الإبداع - التسلية - وفي الوقت نفسه تقديم قيمة وهدف تحترم عقل المتلقي وتحوله من مجرد متلقي سلبي إلى مشارك فاعل وإيجابي في المجتمع.

في كتابه "مسؤولية رفع المعايير.. رؤية جديدة للمسؤولية"، يسلط الأكاديمي الأميركي كيرتس مونتجرى الضوء على دور وسائل الإعلام في توعية الجماهير وتعزيز مسؤوليتهم تجاه المحتوى المقدم. وبالمثل، يرى الباحث ولبر شرام في كتابه "وسائل الإعلام والتنمية الوطنية" أن الإعلام يمتلك قوة ساحرة ترتقي بالإنسان وتحفزه على التفكير بعيد المدى، موجهًا انتباه الجمهور نحو الأحداث والشخصيات البارزة.

تلك المسؤولية الاجتماعية أسفرت عن شيئين رئيسيين. أولاً، الحفاظ على الهوية الثقافية ومواجهة الأعمال التي لا تتماشى مع قيم المجتمع. إذا عدنا بالزمن إلى قبل عشر سنوات، سنجد غياب الرقابة عن الدراما المصرية، مما أدى إلى ظهور أعمال فنية تحمل أفكارًا مستوردة تهدم قيم العائلة والوطن والعلاقات بين الأفراد.

النتيجة الثانية هي إعادة بناء ما فقده العقل الجمعي للمصريين في سنوات من عدم الاستقرار، وقد تحقق ذلك في ثلاثية "الاختيار" على سبيل المثال. لقد ساهمت مشاهد مسلسل "الاختيار" بشكل كبير في تغيير اتجاهات الشباب السياسية. فعلى سبيل المثال، أظهرت دراسة بعنوان "التحليل السيميولوجي لأجزاء مسلسل الاختيار والهوية الوطنية للشباب الجامعي" للباحثة ولاء فايز محمد السريتين أن مشاهد المسلسل أسهمت بشكل كبير في تغيير اتجاهات الشباب السياسية. وأكدت الدراسة أيضًا على أهمية هذا المسلسل في دفع الشباب إلى المشاركة في الأعمال التطوعية التي تطلقها الدولة.

بالنسبة للبُعد الخاص بالهوية الوطنية، ومن وجهة نظر عينة الدراسة، جاءت عبارة "لن أقبل من أي شخص أن يسيئ إلى وطني" في الترتيب الأول، في حين جاءت في الترتيب الثاني عبارة "أؤمن بأن التضحية والشهادة في سبيل الوطن من أرقى الشهادات"، وفي الترتيب الثالث جاءت عبارة "زادت أحداث المسلسل من الانتماء لدي والتمسك بوطني".
ما قام به مسلسل "الاختيار" من تغيير واضح على أرض الواقع، شجع الشركة المتحدة لمشروع "رسائل الإمام" العام الماضي لتقديم صورة معتدلة لرجل الدين. وفي العام الحالي، جاء "الحشاشين" ليظهر الجانب الآخر من الفكر المتطرف. وفي النهاية، عقل المشاهد هو الحكم.

مشروعات مثل "الاختيار" و"رسالة الإمام" و"الحشاشين" هي نماذج مثالية لتحقيق مفهوم المسؤولية الاجتماعية، حيث تعطي الحرية للمبدعين وتدعو المشاهدين للتفكير والتأثر والتغيير، وبالتالي تسهم في توعية الجماهير وتعزيز مسؤوليتهم تجاه المحتوى المقدم وتعزيز الهوية الثقافية والوطنية.

إذا نظرنا للأمر بصورة عكسية، وغابت المسؤولية الاجتماعية، فلنتخيل المشهد بدون أعمال مصرية تعبر عن تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، أعمال تجعلنا نفكر ونبحث ونقرر، ونذهب لاستقبال أفكار بعيدة عن معتقداتنا وهويتنا، بالتأكيد سوف تكون النتيجة شيئًا واحدًا فقط.. طمس الهوية المصرية.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة