يقول المثل الشعبي "يعملوها الصغار ويقعوا فيها الكبار"، ولكن ولأن لكل قاعدة استثناء جاء الاستثناء في مسلسل مسار إجباري جميلا وملهما ويُحسب لكل الأطراف؛ الصغار الذين تصدروا أفيشات وتترات المسلسل، وهما هنا النجمان الواعدان أحمد داش وعصام عمر، والكبار الذين وقفوا ودعموا هذه الفكرة، بداية من الشركة المتحدة التي راهنت على الفكرة وعلى النجمين الشابين، مرورا بالمخرجة نادين خان، وصولا إلى الممثلين الكبار وعلى رأسهم صابرين وبسمة، اللتين طالما اعتادتا على أدوار البطولة ولكنهما هنا ارتضيتا أن يأتي اسميهما تاليين للشابين إيمانا بهما وبالتجربة ككل، ومعهما القديران رشدي الشامي الذي وجد أخيرا المساحات التي تليق به وبقدراته، ومحمود البزاوي في دور الشرف الذي تدور كل الأحداث حوله، حتى في غيابه.
هي شجاعة بلا شك من كل الأطراف، ولكنها شجاعة محسوبة؛ فالشابان ليست المرة الأولى لهما في التصدي لأدوار بطولة أو بطولة جماعية، وخصوصا أحمد داش المعتاد على البطولة منذ ظهوره الأول طفلا في فيلم "لا مؤاخذة" قبل 10 سنوات، وكان عمره حوالي 13 عاما فقط، ومن وقتها شارك في حوالي 28 عملا بين السينما والتليفزيون. وكذلك عصام عمر الذي يخوض تجربة التمثيل منذ 9 سنوات صعد فيها السلم درجة درجة عبر 22 عملا أوصلته إلى بطولة مسلسل "بالطو" العام الماضي.
وعناصر التمثيل الشابة الجيدة في المسلسل لم تتوقف عند داش وعصام، بل شاركهما في البطولة مي الغيطي وجهاد حسام الدين ونورين أبو سعدة وياسمينا العبد، بجانب بقية الكبار مثل محسن منصور وجودي بكر ونور محمود، وكل اسم منهم كان جيدا في دوره.
وبجانب العناصر السابقة جاء عنصر التأليف لتتوفر فيه الخبرة والشباب معا، وهو ما يفترض أن يكون معادلة مثالية في مثل هذا العمل القائم، فالمعالجة الدرامية لباهر دويدار صاحب الخبرة في عالم المسلسلات بـ15 مسلسلا سابقا، والسيناريو والحوار لورشة تضم أمين جمال ومحمد محرز ومينا بباوي، وأمين ومحرز أيضا صاحبا خبرة.
كل ما فات كان من الممكن أن يظل مقدمة نظرية لولا أن الحلقات الأولى من "مسار إجباري" حوّلتها إلى واقع عملي ناجح، ففكرة المسلسل طازجة وغير مستهلكة، حول رجل استطاع أن يعيش في عالمين منفصلين تمام الانفصال عن بعضهما البعض، كل عالم به زوجة وأبناء وحياة مستقرة تمام الاستقرار، دون أن تفلت منه أي تفصيلة أو يتداخل العالمان بأي شكل، على طريقة أن الخطين المستقيمين المتوازيين لا يلتقيان أبدا -أو هكذا ظنّ- حتى حدث ما أنهى كل ذلك والتقى الخطان بغير رغبة منه وفي لحظة لم يكن يخطط لها، فكانت هي اللحظة نفسها التي أنهت حياته ليترك العالمين في حالة فوضى عارمة. وعلى ابنيه الكبيرين –كل من أم مختلفة- أن يواجها ليس فقط حقيقة أن والدهما قد أخفى حقيقته طيلة حياتهما ولا أنهما أصبحا مسئولين رغم صغر سنهما عن أسرتيهما، وإنما عليهما أن يدفعا فاتورة أخطائه، وهي فاتورة ثقيلة دفع حياته ثمنا لها ولكنها لم تف بكل ما عليه وأصبح على ابنيه أن يدفعا البقية.
ولكن العجيب أنه على الرغم من كل ما سبق ومن توفر كل العناصر الجيدة وعلى الرغم من البداية القوية جدا للمسلسل، بل وعلى الرغم من أن المسلسل 15 حلقة فقط، فإنه لم يخل من بعض المشكلات أغلبها على مستوى السيناريو، وأهمها نمطية بعض الشخصيات وضعف الحبكة في بعض الأحيان خاصة من بعد ثلث المسلسل الأول أي من بعد الحلقة الخامسة، حيث اعتمد المؤلفون الوصول للحلول الدرامية عن طريق الصدف، فمثلا نجد الأب قبل موته يعترف لأبنائه بسر خطير وباب غرفة المستشفى مفتوح وهناك عامل نظافة يصطنع التنظيف، أو استدراج الابنين ليذهبا إلى قاتل أبيهما بنفسيهما ودون إبلاغ الشرطة فيجدان شقته مفتوحة ثم يدخلانها ليجدانه مقتولا، تلك الهنات لا تنفي أهمية التجربة وأهمية تكرارها ولكن دون أن تكرار سلبياتها بالتأكيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة