معتمد عبد الغنى يكتب: الحشاشين والمسئولية الاجتماعية نظرة على الدراما التليفزيونية

الأحد، 24 مارس 2024 08:09 م
معتمد عبد الغنى يكتب: الحشاشين والمسئولية الاجتماعية نظرة على الدراما التليفزيونية معتمد عبد الغنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى رمضان تقدم الشركة المتحدة مسلسل الحشاشين، وهو مشروع درامى تاريخى ضخم يُضاف إلى سلسلة أعمال سابقة تهدف إلى تثقيف المشاهد بأسلوب غير مباشر وبعيد عن النخبوية، معتمدا على العامية الراقية كأساس للتواصل، مما يضمن عدم وجود حواجز لغوية بين العمل والمشاهد، وبهذا يتحقق التوازن بين الرسالة التثقيفية وعناصر الدراما الجذابة.

لماذا الحشاشين؟ ماذا يهم المواطن البسيط من مشاهدة عمل تاريخى يعبر عن أزماته المعاصرة؟ الإجابة ببساطة لأننا يجب أن ندرك خطر الفكرة المسمومة التى قد يمتد أثرها لمئات السنين، والحشاشين كانت طائفة تستمد قوتها من تغييب العقول، وحولت حسن الصباح إلى شخصية أسطورية.  والجدل المثار حول العمل منذ بدء عرضه دفع البعض من غير المتخصصين للبحث عن «الحشاشين» ومعرفة تاريخهم، وهذا هو الهدف من الدراما التى تتجاوز دورها الترفيهى لتصبح منارة ثقافية تعزز المسؤولية الاجتماعية. تقوم الشركة المتحدة بتطبيق مفهوم «المسؤولية الاجتماعية»، الذى يتعين على صانعى الفن والإبداع الالتزام به تجاه المجتمع، والمقصود بهذه المسؤولية هو تقديم الإبداع - التسلية - وفى الوقت نفسه تقديم قيمة وهدف تحترم عقل المتلقى وتحوله من مجرد متلقى سلبى إلى مشارك فاعل وإيجابى فى المجتمع.

فى كتابه «مسؤولية رفع المعايير… رؤية جديدة للمسؤولية»، يسلط الأكاديمى الأميركى كيرتس مونتجرى الضوء على دور وسائل الإعلام فى توعية الجماهير وتعزيز مسؤوليتهم تجاه المحتوى المقدم.

وبالمثل، يرى الباحث ولبر شرام فى كتابه «وسائل الإعلام والتنمية الوطنية» أن الإعلام يمتلك قوة ساحرة ترتقى بالإنسان وتحفزه على التفكير بعيد المدى، موجهًا انتباه الجمهور نحو الأحداث والشخصيات البارزة.

تلك المسؤولية الاجتماعية أسفرت عن شيئين رئيسيين، أولاً، الحفاظ على الهوية الثقافية ومواجهة الأعمال التى لا تتماشى مع قيم المجتمع. إذا عدنا بالزمن إلى قبل 10 سنوات، سنجد غياب الرقابة عن الدراما المصرية، مما أدى إلى ظهور أعمال فنية تحمل أفكارا مستوردة تهدم قيم العائلة والوطن والعلاقات بين الأفراد.

النتيجة الثانية هى إعادة بناء ما فقده العقل الجمعى للمصريين فى سنوات من عدم الاستقرار، وقد تحقق ذلك فى ثلاثية «الاختيار» على سبيل المثال، لقد ساهمت مشاهد مسلسل «الاختيار» بشكل كبير فى تغيير اتجاهات الشباب السياسية، فعلى سبيل المثال، أظهرت دراسة بعنوان «التحليل السيميولوجى لأجزاء مسلسل الاختيار والهوية الوطنية للشباب الجامعى» للباحثة ولاء فايز محمد السريتين أن مشاهد المسلسل أسهمت بشكل كبير فى تغيير اتجاهات الشباب السياسية. وأكدت الدراسة أيضا على أهمية هذا المسلسل فى دفع الشباب إلى المشاركة فى الأعمال التطوعية التى تطلقها الدولة.

بالنسبة للبُعد الخاص بالهوية الوطنية، ومن وجهة نظر عينة الدراسة، جاءت عبارة «لن أقبل من أى شخص أن يسىء إلى وطنى» فى الترتيب الأول، فى حين جاءت فى الترتيب الثانى عبارة «أؤمن بأن التضحية والشهادة فى سبيل الوطن من أرقى الشهادات»، وفى الترتيب الثالث جاءت عبارة «زادت أحداث المسلسل من الانتماء لدى والتمسك بوطنى».
ما قام به مسلسل «الاختيار» من تغيير واضح على أرض الواقع، شجع الشركة المتحدة لمشروع «رسائل الإمام» العام الماضى لتقديم صورة معتدلة لرجل الدين، وفى العام الحالى، جاء «الحشاشين» ليظهر الجانب الآخر من الفكر المتطرف، وفى النهاية، عقل المشاهد هو الحكم.

مشروعات مثل «الاختيار» و«رسالة الإمام» و«الحشاشين» هى نماذج مثالية لتحقيق مفهوم المسؤولية الاجتماعية، حيثتعطى الحرية للمبدعين وتدعو المشاهدين للتفكير والتأثر والتغيير، وبالتالى تسهم فى توعية الجماهير وتعزيز مسؤوليتهم تجاه المحتوى المقدم وتعزيز الهوية الثقافية والوطنية.

إذا نظرنا للأمر بصورة عكسية، وغابت المسؤولية الاجتماعية، فلنتخيل المشهد بدون أعمال مصرية تعبر عن تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، أعمال تجعلنا نفكر ونبحث ونقرر، ونذهب لاستقبال أفكار بعيدة عن معتقداتنا وهويتنا، بالتأكيد سوف تكون النتيجة شيئًا واحدًا فقط.. طمس الهوية المصرية.

p
العدد الورقي من اليوم السابع

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة