لحظة غضب مسلسل بدأ عرضه بهدوء شديد، دون أن تسبقه دعاية ضخمة، ولم يلتفت الجمهور له، وربما لم يضعه أحد ضمن القائمة التى يراهن عليها، حيث إنه لا يناقش قضايا مجتمعية مصيرية آنية، ولا يضم نجوما ممن اعتاد الجمهور على وجودهم فى رمضان، ومع ذلك فمنذ حلقاته الأولى استطاع أن يلفت الانتباه لمتابعته، خاصة أن إيقاعه اللاهث وأحداثه المتصاعدة التى يصعب التنبؤ بها قد أعلنت عن أننا أمام مسلسل جريمة يعتمد على التشويق والإثارة.
المؤلف مهاب طارق يكشف أوراقه من الحلقة الأولى، حيث تحدث الجريمة فى «لحظة غضب » ونصبح أمام القاتل «صبا مبارك» والقتيل زوجها «محمد فراج»، والسؤال الذى يدور فى الأذهان.. كيف ستتصرف الزوجة؟ وهل يتم كشف جريمتها أم ستنجو بفعلتها؟ وتتعقد الأمور خاصة أن أهل الزوج جاءوا إلى زيارته بعد وقوع جريمة القتل بدقائق، مما يؤدى إلى حالة توتر شديدة تعيش فيها زوجته «يمنى» القاتلة، وهى تحاول إخفاء جثته والتصرف بشكل طبيعى، والإجابة على الأسئلة المتلاحقة التى يسألها مصطفى «محمد شاهين» شقيق الزوج، وعندما تعتقد «يمنى »، صبا مبارك، أنها تخلصت من الجثة وأبعدت التهمة عنها، تفاجأ بأن جارها المهذب الودود «على قاسم » يهددها بشريط فيديو قام بتصويره أثناء قتلها زوجها، ويبدأ فى ابتزازها، حيث يعهد إليها بمهام مستحيلة عليها أن تنجزها بلا اعتراض وإلا أبلغ الشرطة عنها وسلم لهم شريط الفيديو.
تنتهى كل حلقة بموقف معقد يزيد حجم التشويق والتوتر، وتنتظر بكل ما لديك من فضول الحلقة التالية، لتعرف إلى ماذا سوف سيتم تدارك هذا الموقف، خاصة أن المشاهد يدرك أنه ليس من المعقول القبض على «يمنى »، صبا مبارك، فى وقت مبكرًا من الحلقات.
أغلب فريق التمثيل فى حالة هائلة من التألق والانسجام، وتتضمن الأحداث مواقف ساخرة لتخفيف حدة التوتر، وتبدو تصرفات الأشخاص خارج المنطق أحيانا، حيث ينتمى العمل إلى الكوميديا السوداء مثل معظم أفلام الأخوين «جويل وإيثان كوين » وهو لون لم يعتاده المشاهد المصرى كثيرا، وقد حاول المخرج عبدالعزيز النجار إضافة لمسات خفيفة على الحدث، من خلال عدة شخصيات مثل صفوة وسارة عبدالرحمن، اللتين تسعيان للكشف عن غموض حادث اختفاء «شريف»، محمد فراج، بالاستعانة بأساليب غريبة، مثل قراءة الفنجان وفتح المندل، بينما الشقيق الأكبر «مصطفى » يتتبع الحدث بأساليب منطقية ويضع كل الأطراف فى دائرة الشك.
برع محمد شاهين فى إضفاء الجدية الشديدة على شخصيته، رغم أن بعض التصرفات قد تثير السخرية والقلق فى الوقت نفسه، وقد تساءل الجمهور عن سر استعانته بشنب ضخم بشكل واضح، وما علاقه هذا الشنب بتركيبة الشخصية، وفى ظنى أنه استعان بتركيبة شخصية هيركويل بوارو، المخبر السرى فى معظم روايات أجاثا كريستى، وهو شخص حاد الذكاء وله شارب ضخم يهتم بالعنايه به وتهذيبه، وقد أدى شخصية بوارو فى أكثر من فيلم مأخوذ عن رواية اجاثا كريتسى مثل «بيتر أوستينوف » و «البيرت فينى».
أما محمد شاهين فهو أقرب إلى البريطانى كينيث بوارو، حيث يتمتع بملامح جادة وشارب كثيف ومع ذلك تبدر منه بعض المواقف الساخرة.
المسلسل يؤكد على تميز موهبة صبا مبارك، التى تقدم شخصية مهزوزة نفسيا، بتمكن شديد، بينما يقدم على قاسم دور شخص ثعبانى التصرفات يبدو هادئا ودمثا، ولكنه يشكل أقصى درجات الخطر على الضحية التى وقعت فى فخ ابتزازه، ويتطورأداء ناردين فرج بشكل واضح، ما سوف يؤهلها لأدوار أكثر أهمية.
العدد الورقي
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة