تمر اليوم الذكرى الـ1102 رحيل شيخ الصوفية الأكبر الحسين بن منصور الحلاج، الذي عاش في ظل الدولة العباسية، ومات بعد أن رموه بتهمة الكفر والزندقة حيث تم صلبه وقتله والتمثيل بجثته، ويعتبر الحلاج من أشهر وأغرب متصوفة العالم الإسلامي، وذلك لما حفلت به حياته من قصص غريبة وعجيبة.
والحلاج هو شاعر ومتصوف من أصل فارسى، نال شهرة واسعة، وأثارت أفكاره وسيرته الجدل حتى الآن، رغم ذلك فإن له أتباعا كثر بوصفه معلما، لكن تورطه بالدخول فى معترك السياسة فى البلاط العباسي، جعل مصيره الإعدام بعد التضييق عليه بتهم دينية وسياسية، اتصل بالصوفية، ولبس حرفتهم، وتتلمذ على يد أعلامهم كالجنيد، وسهل التستري وغيرهم، ثم أصبح له هو نفسه مع مرور الأيام مريدون كثيرون، كان يعبر عنهم في قصائد بقوله: "أصحابي وخلاني"، لم يلبث الخلاف أن بدأ ينشب بين الحلاج وبين أعلام الصوفية في عصره، وهو الذى أدى إلى نهايته المأساوية.
ولعل الإمام الذهبى فى "سير الأعلام" أفرض ثلاثة احتمالات يتبناها الناس عن العلامة الراحل، يقول الذهبي: "فتدبر -يا عبد الله- نحلة الحلاج الذى هو من رؤوس القرامطة ودعاة الزندقة، وأنصف وتورع، فإن تبرهن لك أن شمائل هذا المرء شمائل عدوّ للإسلام، محب للرئاسة حريص على الظهور بباطل وبحق، فتبرأ من نحلته، وإن تبرهن لك -والعياذ بالله- أنه كان محقًّا هاديا مهديا، فجدد إسلامك واستغث بربك أن يوفقك للحق، وإن شككت ولم تعرف حقيقته وتبرأت مما رمى به أرحت نفسك، ولم يسألك الله عنه أصلا".
لعل أبا عبد الرحمن السلمى فى "طبقات الصوفية" وابن باكويه هما أول من ترجم لأبى منصور الحلاج، أما ترجمة السلمى فى طبقاته فتخلو من كل ما يوجب الحكم عليه بالزندقة والتكفير، كما تخلو من حكاية الخوارق والكرامات، ولم يذكر سوى اختلاف أهل التصوف فيه على النحو الذى ذكرناه سابقا.
وبحسب كتاب "الإسماعيليون.. تاريخهم وعقائدهم" فإن الحلاج، كان له تأثير عظيم فى العديد من الناس، من بينهم بعض أفراد البيت العباسى، فأثار غيرة مسئولين فى الدولة حينها، فاتهموه بكونه عميلا وقرمطيا، وأورد أعداؤه بقيادة ابن الفرات أدلة عدوها كافية لإدانته، ومنها إساءة التفسير المتعمد لبعض التأويلات الرمزية عند الحلاج، ومزاعمه بالاتحاد الروحى مع الله، فتم سجنه عدة سنوات، ومحاكمته عام 921، وحكم عليه بالموت وسط جو مشبع بالدسائس والمكائد، وجرى تعذيبه وصلبه، ثم قطت أعضاؤه بوحشية أمام جمهور كبير فى بغداد سنة 922م.