نواصل، اليوم، الوقوف مع كلام الإمام القرطبى فى تفسيره المعروف بـ"الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآى الفرقان"، ونقرأ ما قاله فى تفسير سورة العاديات فى الآية الـ 6 (إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ).
قوله تعالى: إن الإنسان لربه لكنود
هذا جواب القسم؛ أي طبع الإنسان على كفران النعمة، قال ابن عباس: لكنود لكفور جحود لنعم الله. وكذلك قال الحسن، وقال: يذكر المصائب وينسى النعم، أخذه الشاعر فنظمه:
يا أيها الظالم في فعله والظلم مردود على من ظلم إلى متى أنت وحتى متى
تشكو المصيبات وتنسى النعم!
وروى أبو أمامة الباهلي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "الكنود، هو الذي يأكل وحده، ويمنع رفده، ويضرب عبده"، وروى ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "ألا أنبئكم بشراركم"؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: "من نزل وحده، ومنع رفده، وجلد عبده"، خرجهما الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، وقد روى عن ابن عباس أيضا أنه قال: الكنود بلسان كندة وحضرموت: العاصي، وبلسان ربيعة ومضر: الكفور، وبلسان كنانة: البخيل السيئ الملكة؛ وقاله مقاتل: وقال الشاعر:
كنود لنعماء الرجال ومن يكن كنودا لنعماء الرجال يبعد
أي كفور، ثم قيل: هو الذي يكفر باليسير، ولا يشكر الكثير، وقيل: الجاحد للحق، وقيل: إنما سميت كندة كندة، لأنها جحدت أباها. وقال إبراهيم بن هرمة الشاعر: دع البخلاء إن شمخوا وصدوا وذكرى بخل غانية كنود
وقيل: الكنود: من كند إذا قطع: كأنه يقطع ما ينبغي أن يواصله من الشكر، ويقال: كند الحبل: إذا قطعه، قال الأعشى:
أميطي تميطى بصلب الفؤاد وصول حبال وكنادها
فهذا يدل على القطع، ويقال: كند يكند كنودا: أي كفر النعمة وجحدها، فهو كنود، وامرأة كنود أيضا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة