رمضان فى النوبة أحلى.. أهالى جزيرة "هيسا" يتجمعون للإفطار فى أجمل مشهد على النيل بأسوان.. نشر المحبة وإحياء التراث هدفهم من التجمع سنويا.. وصوانى "الفتة" و"السناسن" و"الأبريه" لا غنى عنها على المائدة.. صور

الأربعاء، 27 مارس 2024 10:00 م

رمضان فى النوبة

أسوان – عبد الله صلاح

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى مشهد بديع مطل على النيل، تقع جزيرة هيسا النوبية جنوب السد العالى بمدينة أسوان، ووسط أحضان هذه الطبيعة يتجمع أهل النوبة فى منتصف الشهر لتناول الإفطار فى رمضان وإحياء عادات وتقاليد مجتمعية قديمة اعتادوا عليها منذ زمن.

"اليوم السابع" شارك أهل النوبة لمة الإفطار السنوى الذى يحرص عليه أبناء جزيرة هيسا إحدى الجزر النوبية التى تحافظ على الموروثات الشعبية التى تناقلها الأجيال جيلًا بعد جيل ويعيش سكانها فى أجواء من الألفة بين بعضهم البعض.

الوصول إلى الجزيرة النوبية

تتوقف بك السيارة عند مفارق الطرق بالقرب من خزان أسوان القديم، وعندها تضطر للترجل مشيًا على الأقدام مستخدمًا ذلك المنخفض الذى يوصل بك إلى وادى النيل، أو يمكنك استقلال مركبة "توك توك" حتى تصل بك إلى شاطئ النيل، وهناك تنتظر مركب نيلى تأخذك إلى الجزيرة.

وسط صخور جبلية حجرية مرتفعة سارت المركب فى النيل حتى ظهرت من بعيد بيوت النوبة فوق هذه الجبال وبدت ألوانها البيضاء والمختلفة ترى كعلامة من علامات الوصول لجزيرة هيسا، التى يعيش سكانها حياة هادئة خالية من مصادر التلوث والضوضاء المزعجة.

زينة رمضان

حرص أبناء النوبة على تعليق زينة رمضان فى الشوارع وبعضهم علق الفوانيس أمام المنزل، ابتهاجًا بالشهر الكريم ومع اقتراب دخول وقت الإفطار وحلول الغروب، بدأت المساجد تصدح بأصوات القرآن الكريم.

وفى ليلة الخامس عشر من شهر رمضان، بدأت الخطوات تتسارع إلى منزل عائلة "مُركب" من أشهر العائلات بالجزيرة لتساعد وتجهز للإفطار السنوى فى رمضان والذى يجمع أهل الجزيرة على مائدة واحدة فى مكان واحد، كما يقبل أبناء النوبة وضيوفهم من شتى أنحاء محافظة أسوان فى تلك الليلة لحضور الإفطار الجماعى.

الإفطار الجماعى عادة سنوية لأهالى الجزيرة النوبية

قال عادل روسى، من أهالى جزيرة هيسا، أن الإفطار الجماعى يحرص عليه أهالى الجزيرة منذ فترة بعيدة من الزمن، فهم توارثوها من الآباء والأجداد الذين كانوا ينظمون هذا الإفطار الجماعى ويستقبلون فيه ضيوفهم من خارج أهل الجزيرة من قيادات مسئولة وشعبية بمحافظة أسوان.

وأضاف ياسر مُركب، من أهالى الجزيرة، أن التجهيز لهذا اليوم يبدأ مبكرًا ويتم فتح المضايف وتجهيز المكان المخصص للإفطار الجماعى ويكون فى مكان مرتفع مطل على النيل مباشرة، ويتم فرش الأرضيات وتهيئة الديوان وفتح المضايف فى البيوت الملونة الشهيرة لدى أبناء النوبة.

أصناف الأكل والشرب فى النوبة

وأوضح ياسر حمدى، من أهالى جزيرة هيسا، أنه يتم إعداد الأكلات والمشروبات لهذا اليوم، خاصة مما يشتهر به أهل النوبة من مشروبات كـ"الأبريه" و"السناسن والكابد والفتة" بالنسبة لأصناف المأكولات، ويتم إعداد الأكلات الشعبية المعروفة أيضًا مثل البامية وصوانى اللحم ومشويات الفراخ وغير ذلك، وعلق قائلًا: "الجميل أن الكل يشارك فى تجهيز موائد الإفطار سيدات ورجال وأطفال"، لافتًا إلى أعداد هذا الطعام على صوانى ويتم وضعها فى مكان التجمع.

وتابع "حمدى"، أنه بعد الانتهاء من الإفطار وأداء صلاة العشاء والتراويح فى جماعة، يجلس الجميع رجال وأطفال وسيدات للاستمتاع بإحياء ليالى رمضان من خلال تلاوة القرآن لأبرز مشاهير القراء فى أسوان والاستماع للتواشيح والابتهالات الدينية والمدائح للطرق الصوفية المختلفة وأكثرها بين أبناء النوبة الميرغنية.

سبب تسمية الجزيرة باسم "هيسا"

وأشار عوض عبده، من الأهالى، إلى أن سبب تسمية الجزيرة بـ"هيسا"، يقال أنها نسبةً إلى الملك "هيس"، أحد ملوك الأسرة السابعة الفرعونية، وتُعد من أقدم جزر أسوان، إذ استخدمت أرضها مدافن للكهنة، كما كانت منجمًا لاستخراج الأخشاب والحجارة التى نقلت فيما بعد لبناء هرم سقارة، لافتًا إلى أن الجزيرة أصبحت أحد أبرز المواقع السياحية التى تجذب السائحين من شتى أنحاء العالم لما تتمتع به من سياحية بيئية ومناظر خلابة وطقوس وعادات نوبية قديمة.