تمر اليوم الذكرى الـ 156 على وفاة الأديب الروسي الكبير مكسيم جوركي، إذ ولد في 28 مارس عام 1868، وهو أديب وناشط سياسى ماركسى روسى، يعتبر مؤسس مدرسة الواقعية الاشتراكية التى تجسد النظرة الماركسية للأدب، حيث يرى أن الأدب مبنى على النشاط الاقتصادى فى نشأته ونموه وتطوره، وأنه يؤثر فى المجتمع بقوته الخاصة، لذلك ينبغى توظيفه فى خدمة المجتمع.
كان جوركى ماركسياً متفانياً وتبرع بالكثير من عائدات أعماله لهذه القضية، من أجل الحزب البلشفى عام 1903، رغم أنه لم يصبح عضواً فى الحزب بشكلٍ رسمى، فى عام 1905 دخل جوركى إلى السجن أثناء الثورة الروسية.
قدم إلى الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على دعم مالى من أجل الحركة الثورية الروسية وكان مقامه عاليًا حتى أن الرئيس ثيودور روزفلت فتح له باب البيت الأبيض لكن الحكومة القيصرية كانت منزعجة ولما فشلت الحكومة القيصرية فى منع "جوركى" من دخول أمريكا بوصفه إرهابيا، قررت السفارة الروسية فى واشنطن بقسوة أن تجعله منبوذًا بوصفه فاجرًا.
غادر روسيا عام 1906 إلى الولايات المتحدة برفقة عشيقته، ثم استقر فى جزيرة Capri الإيطالية وأمضى فيها سنواته السبعة التالية، و فى عام 1913 عاد إلى روسيا، واستقر فيها أثناء سيطرة البلشفيين وفلاديمير لينين على البلاد عام 1917، اعترض غوركى على الإجراءات غير الديمقراطية التى كانت تتم فى البلاد وعبر عن ذلك من خلال كتاباته، وهو ربما الذي تسبب في تخلص نظام ستالين منه، إذ يعتقد الكثير أن الأخير أمر باغتياله.
بحسب كتاب "مبدعون حتى النهاية" للكاتبة زينب العسال، فإن جوركى ظل معروفا لعشرات الأعوام أنه مات إثر نوبة سعال حادة بتأثير مرض السل، رغم اعتراف "بوجودا" رئيس الشرطة السرية فى الحكم الستالينى بين عامى 1936 و1938، أثناء محاكمته فى العام الأخير، بأنه أصدر أمره بقتل جوركى ضمن مؤامرة دبرها تروتسكى، خضم ستالين الأشهر، والذى مات مقتولا فيما بعد على أيدى عملاء المخابرات الستالينية.
لكن الكاتبة زينب العسال، عادت لتؤكد أن اعتراف "بوجودا" لم يقرن بأدلة تؤكده، واختلطت الاجتهادات التى رجحت صحة الاعتراف بين أن يكون جوركى قد قتل بأمر من ستالين للتخلص - لأسباب يعلمها - أو أن يكون قتل ضمن مؤامرة تروتسكية بألفعل، أو أنه تعرض لعملية فتل بطىء نتيجة إصراره على مواقفه "الإنسانية" ورفضه الذوبان فى الكيان الحزبى، وتأكيده أن الاشتراكية ممارسة إنسانية قبل أن تكون قوالب نظرية جامدة.